استضافت جمعية “أصدقاء المغرب بإسبانيا” الأكاديمي المغربي الدكتور عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي بجامعة القاضي عياض بمراكش ورئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، في محاضرة تكوينية لفائدة الطلبة الإسبان والمغاربة المقيمين بإسبانيا، تحت عنوان “المبادرة المغربية للحكم الذاتي .. السياقات والمآلات”، يمدينة غرناطة.
وانطلقت المحاضرة بتقديم سياق تاريخي لنزاع الصحراء؛ بدءا من المفاوضات المغربية الإسبانية التي أفضت إلى اتفاقية مدريد، مرورا بتنظيم المسيرة الخضراء، التي أبرز المحاضر دوافعها وأهدافها ونتائجها الرمزية والسياسية، وصولا إلى تطورات حرب الصحراء ومآلاتها السياسية والإنسانية، ثم اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991.
وفي هذا الإطار، توقف الدكتور البلعمشي عند سياقات تقديم المغرب لمبادرة الحكم الذاتي سنة 2007، مستعرضا النقاشات التحضيرية التي رافقت بلورتها، وأهم مضامينها وأهدافها كحل واقعي وعملي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وأشار إلى أن مبادرة الحكم الذاتي تحولت، بعد عرضها على مجلس الأمن، إلى أرضية تفاوضية تحظى باعتراف دولي متزايد؛ وهو ما تعكسه القرارات الأممية المتعاقبة وتكرّسه المواقف الدولية الجديدة، لا سيما منذ سنة 2016، حيث تعرف المبادرة زخما دبلوماسيا واسعا، تجلّى في تبني عدد من الدول لموقف واضح يؤكد مغربية الصحراء.
وسلط البلعمشي الضوء على تحول موقف إسبانيا الرسمي من النزاع، موضحا خلفياته وأبعاده الجيوسياسية وأهميته في تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الرباط ومدريد. كما أبرز ارتباط تسوية هذا النزاع بقضايا السلم والأمن في شمال إفريقيا، وبمستقبل الشراكة الأورومتوسطية.
وتوقف المتحدث عند الرهانات الجيواستراتيجية للمغرب وإسبانيا في الفضاء الأطلسي، خاصة ما يتعلق بتنمية الاقتصاد الأزرق واستغلال الإمكانيات المشتركة في مجالات البيئة والأمن والتنمية المستدامة، بما يعزز تموقع البلدين ضمن التوازنات الدولية الراهنة في ظل بيئة دولية تتسم بالتنافسية والتعقيد.
وشدد المحاضر، في ختام مداخلته، على ضرورة تعزيز التكامل الثنائي في أفق الاستحقاقات المشتركة التي تجمع البلدين، خاصة على الصعيد الرياضي والثقافي والحضاري، داعيا إلى مواصلة دعم التعاون الاقتصادي ومعالجة قضايا الهجرة، وتحسين أوضاع الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا، في أفق بناء شراكة متوازنة تعود بالنفع على الجانبين.