على الرغم من التساقطات التي سجلتها البلاد هذا العام، فإن خبراء ومتخصصين في الموارد المائية والتغيرات المناخية يحذرون من التراخي في التعامل مع المادة الحيوية من لدن المغاربة. كما يشددون على ضرورة الاقتصاد إلى أقصى الحدود في استعماله خوفا من المستقبل والعطش الذي كان يتهدد البلاد والعباد الصيف الماضي.
هذه الهواجس والأسئلة تبقى غائبة عن الكثير من المغاربة في المدن المختلفة، خاصة الطبقات الغنية من أصحاب الفيلات في الأحياء الراقية الذين يستمتعون بالمسابح الواسعة في الصيف الحار وراء أبواب مغلقة يصعب رصد كميات الماء التي تستنزفها والوتيرة التي تستغرق تجديدها وتغييرها.
مصدر مسؤول في مدينة طنجة أكد، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن السلطات لم يصدر عنها، حتى الآن، أي توجيه خاص بسكان الفيلات وأصحاب المسابح تدعو فيه إلى الاقتصاد في الماء ومراقبة استهلاك المسابح للمادة الحيوية في المدينة المليونية التي تعد من الأكثر مواجهة لنقص الموارد المائية وشحها.
ويبدو أن التساقطات المطرية التي شهدتها البلاد هذه السنة أنست المغاربة خطر العطش الذي يهددهم والأزمة البنيوية التي يعانون منها.
ونبّه عبد الرحيم هندوف، الخبير في الموارد المائية، مما سماه “التراخي” الكبير في التعامل مع الوضع المائي الدقيق.
وقال هندوف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن ظاهرة الجفاف عندما لا تستفحل “لا يبقى الكلام يدور حولها”، مؤكدا أن الظاهرة تبقى “هيكلية وملازمة للمغرب، وستبقى في مسار مستفحل سنة بعد أخرى”.
وسجل الخبير في الموارد المائية أن التساقطات المطرية تبقى “محدودة في المغرب”، مشددا على أن مناطق الجنوب “شبه صحراوية، و50 في المائة من التساقطات تهطل في منطقة تمثل 7 في المائة من إجمالي مساحة المغرب”.
واعتبر المتحدث ذاته أن التعامل مع الماء “لا ينبغي أن يكون ظرفيا؛ بل إن التعامل مع الماء ينبغي أن يكون مقدسا ونعمة حرام أن يتم تبذيرها”، مذكرا بأزمة الجوع التي عاشها المغاربة سابقا حتى باتوا يعرفون قيمة الخبز ويقدسونه إلى أن تخطوا الأزمة وبتنا نشاهد الخبز بجانب حاويات الأزبال.
وأشار إلى أن “ملء المسابح بالمياه الصالحة للشرب جريمة وحرام يرتكبه الأغنياء في حق هموم المغاربة؛ لأن الموارد مشتركة ولا ينبغي أن يهدرها أحد، أيا كان”.
وأبرز هندوف أن الماء إذا كان يعالجه أصحاب المسابح وتتم تعبئته مرة واحدة في السنة يمكن التغاضي عنه؛ غير أن الخبير عينه عاد وأكد على ضرورة القيام بالرقابة، رغم صعوبتها.