في تعقيبه على ما جاء في أسئلة النواب من مختلف الفرق والأطياف السياسية الممثلة بالبرلمان، جدد رئيس الحكومة عزيز أخنوش التأكيد على أن “تنزيل الإصلاح الصحي على أرض الواقع قد بدأ فعلا، حيث قمنا بإحداث الوكالة الوطنية للدم ومشتقاته، والوكالة الوطنية للدواء، والوكالة المغربية للصحة، إضافة إلى الهيئة العليا للصحة التي توجد اليوم في المراحل الأخيرة لتفعيلها..”، مشددا على أن ذلك “يؤكد أن قطاع الصحة بالمغرب يعيش اليوم ثورة هادئة”.
المسؤول الحكومي، الذي كان يتفاعل مع ردود ومداخلات الفرق والمجموعة النيابية وغير المنتسبين، مساء اليوم الاثنين، قال: “جئنا بـ5 قوانين كبرى لهيكلة قطاع الصحة، ستشكل خارطة طريق واضحة المعالم للسنوات المقبلة. وهذا ما سيُحدث تحولا كبيرا في المنظومة الصحية الوطنية بأكملها”.
الموارد البشرية
بشأن إشكاليات الموارد البشرية الصحية، قال أخنوش: “صادقنا على قانون الوظيفة الصحية، بحيث رفعنا من الأجور القارة، وأضفنا الأجر المتغير حسب الأداء”، عادا ذلك “مسألة إيجابية ستساهم في تقليص نسبة هجرة الأطباء إلى الخارج. وهذه التجربة نبدأها شهر شتنبر المقبل من جهة طنجة، قبل تعميمها على جميع جهات المملكة”.
“لا يمكن أن نقوم بإصلاح قطاع الصحية بدون أن نشتغل على تغطية الخصاص البنيوي الذي يعاني منه القطاع في ما يتعلق بالموارد البشرية..”، أورد رئيس الحكومة، مكمِلا في نبرة قوية “لوْ تحملت الحكومات السابقة مسؤوليتها، لم نكن اليوم لنجد مستشفياتنا تعيش الخصاص في الموارد البشرية… وعند بداية الولاية الحكومية كانت نسبة تغطية مهني الصحة لكل ألف مواطن هي 1,7، واليوم في سنة 2025 وصلنا إلى 2,5”.
وأضاف: “تكوين الطبيب يلزمه 6 سنوات. ولذلك، اشتغلنا على مضاعفة أعداد طلبة كليات الطب حتى نغطي الخصاص”، ضاربا مثالَ مدينة كلميم حيث “توجد اليوم كلية للطب، وبداية من سنة 2029 سيتخرج منها بشكل سنوي 100 طبيب؛ هذا رقم مهم(…)”.
“رقمنة تدريجية”
وتشتغل حكومة أخنوش، وفق رد رئيس الحكومة ضمن الجلسة نفسها، على “رقمنة القطاع الصحي، باعتباره ورشا استراتيجيا سيغيّر وجه المنظومة”.
وزاد المتحدث أمام النواب بالشرح: “سنبدأ هذه التجربة كذلك من جهة طنجة تطوان الحسيمة، حيث سيكون مستشفى القرب والمستشفى الإقليمي والمستشفى الجهوي والمستشفى الجامعي كلها مرتبطة فيما بينها على المستوى الرقمي، وسنصل -إن شاء الله– إلى أن الطبيب الموجود في مستشفى القرب هو نفسه مَن سيقوم بحجز الموعد للمريض في المستشفى الجامعي”.
وبشر أخنوش بأنه “بعد جهة طنجة–تطوان-الحسيمة، سيتم تعميم تجربة رقمنة القطاع على باقي جهات المملكة بالتدريج”، حسب قوله.
البنيات الصحية
متحدثا عن بنيات الصحة، قال رئيس الحكومة: “اليوم نشهد أن كل جهة تقريبا تتوفر على مستشفى جامعي “CHU”، ومنها بعض المستشفيات قيد الإنشاء، فضلا عن جهات تتوفر على أكثر من مستشفى جامعي؛ فأكادير مثلا تتوفر على مستشفيين جامعيَيْن، أحدهما تابع للقطاع العام وآخر تابع لمؤسسة محمد السادس، وهنا 4 مستشفيات جامعية بالرباط لوحدها، في الوقت الذي كنا فيه إلى عهد قريب لا نتوفر سوى على 4 أو 5 مستشفيات جامعية بالمغرب بأكمله”.
وأفاد أخنوش، ضمن تعقيبه، بأن “مدينة الداخلة سيتم بناء مستشفى جامعي فيها تابع لمؤسسة محمد السادس”، مسجلا “إعادة تأهيل شاملة للمستشفيات الجهوية، وخلال هذه السنة والسنة المقبلة سيتم فتح عدد من المستشفيات على غرار: مستشفى التخصصات بتطوان، المستشفى الإقليمي بوزان، المستشفى الإقليمي بالقصر الصغير، المستشفى الاقليمي بسيدي إفني، الناظور، وتمارة…”، حسب ما بسطه من معطيات.
“عندما تحملنا المسؤولية قُلنا إننا سنقوم بإعادة بناء وتأهيل 1400 مركز صحي للقرب من الجيل الجديد، نجحنا إلى حدود الساعة في إنهاء الأشغال بحوالي 980 منها، وسنكمل الباقي مع نهاية السنة الجارية.. وفي كل مركز صحي من هذه المراكز نجد طبيبا إلى جانب ممرضَين اثنين..”.، استدل المتحدث متوسلا، مجددا، بالأرقام.
“القطاع الخاص”
قال أخنوش: “في السابق، كنا نتكلم عن بطاقة صحية رقمية لكل مريض؛ لكن اليوم سيكون المدخل لتلقي العلاجات هو رقم انخراط المؤمن له في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ولذلك، لن يكون المريض في حاجة إلى أية بطاقة صحية رقمية لتلقي العلاجات”.
وأكد أن “ملف البطاقة الصحية قمنا بإغلاقه؛ فلا يمكن أن نضيع الأموال في البطائق، في الوقت الذي ستمكننا رقمنة قطاع الصحة من تتبع المريض انطلاقا من رقم بطاقته الوطنية ورقم انخراطه في الـCNSS”.
ومتفاعلا مع انتقادات نيابية حول “القطاع الخاص الصحي”، قال أخنوش: “بالنسبة للقطاع الخاص، فحرية المبادرة مضمونة بموجب الدستور، ومَن يُريد العمل والاستثمار والنهوض بالبلاد بشفافية فمرحبا به؛ لأن الاستثمار ليس عيْبا و’خاصك تكون راجل ومولاي باش ديرو”.
كما ذكر رئيس الحكومة أن الأخيرة حاربت “التهرب الضريبي”؛ ما ظهَرَ في “زيادة قيمة الضرائب المحصلة والتي يؤديها المواطن المغربي، ويَرى نتيجتها في تحسن المدن والمستشفيات والاستثمارات الكبرى، حيث خصصنا 50 مليار درهم للاستثمار في البنية التحتية الصحية”، مردفا: “سيظهر هذا التحول على مستوى الجهات، حيث بدأناها بالمجموعات الصحية الترابية من جهة طنجة تطوان الحسيمة في أفق تعميمها على جميع جهات المملكة”.
عن “أمو – تضامن”، لفت أخنوش الانتباه إلى أن “مَن يستحق الاستفادة منه وفق الشروط المحددة فهو يستفيد منه فعليا. أما المواطنون الباقون فهم يتوفرون على التغطية الصحية الخاصة إما بالعمال غير الأجراء TNS أو التغطية الخاصة بالشركات أو الحِرف، ومن لا يتوفر على أي من هذه فإن لديه إمكانية التوفر على أمو الشامل”.
وختم “موضوع الصحة جدير بإثارته في جلسات المساءلة الشهرية لرئيس الحكومة، نظرا لأهميته بالنسبة للمواطنين، ويجب علينا تتبعه والإنصات إلى أفكار النواب بشأنه والتعبير عن نجاح الأغلبية فيه، وسيكون لنا موعد حول هذا الموضوع السنة المقبلة إذا سارت الأمور على ما يرام”.