كلمة الأمين العام لاتحاد المصارف العربية في ...

افتتاح ملتقى رؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية بشرم الشيخ

افتتح الدكتور وسام حسن فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، أعمال الدورة السابعة من ملتقى «رؤساء إدارات المخاطر في المصارف العربية»، الذي تستضيفه مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية في الفترة من 4 إلى 6 يوليو 2025، بحضور نخبة من قيادات القطاع المصرفي العربي والدولي.

ورفع فتوح في كلمته التحية إلى معالي اللواء خالد مبارك حسين بكري، محافظ جنوب سيناء، وسعادة الدكتور عصام عمر، ممثلاً عن معالي الأستاذ حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، موجهاً الشكر إلى قيادة البنك المركزي المصري على رعاية هذا الحدث، وإلى محافظة جنوب سيناء على حفاوة الاستقبال والدعم اللوجستي.

كما عبّر عن تقديره لجميع المتحدثين والخبراء المشاركين من الدول العربية والأوروبية، مشيدًا بحرصهم على تبادل الخبرات ومناقشة أبرز التحديات التي تواجه إدارات المخاطر في ظل بيئة مالية وجيوسياسية تتسم بقدر عالٍ من التعقيد والتقلبات.

إدارة المخاطر: من وظيفة فنية إلى ثقافة مؤسسية

وأكّد الأمين العام لاتحاد المصارف العربية أن إدارة المخاطر تحوّلت من كونها وظيفة فنية متخصصة إلى ثقافة مؤسسية شاملة ومتغلغلة في بنية العمل المصرفي، موضحًا أنّ التطورات المتسارعة جعلت من الضروري أن تستشرف إدارات المخاطر المستقبل وتقدّم قراءات دقيقة لصنّاع القرار، لا سيما في أوقات عدم اليقين.

وأوضح فتوح أنّ التطورات الأخيرة في إطار «بازل 3» - والتي يُشار إليها أحيانًا بـ«بازل 4» بسبب عمق التعديلات - تهدف إلى تعزيز متانة رأس المال وجودته، وإعادة ضبط نماذج المخاطر الداخلية، وتقليص الفجوات بين المصارف في احتساب الأصول المرجّحة بالمخاطر. غير أنّ هذه التحديثات، رغم ضرورتها، تطرح تحديات جوهرية أمام البنوك العربية، خاصةً من حيث الكلفة المالية والبنية التقنية والموارد البشرية المطلوبة للتكيّف معها.

انعكاسات الجغرافيا السياسية وارتفاع الدين العام

وأشار الأمين العام إلى أن البيئة الجيوسياسية في المنطقة تشهد تصاعدًا ملحوظًا في المخاطر بفعل النزاعات الممتدة في فلسطين واليمن والسودان وسوريا ولبنان، فضلاً عن التوترات البحرية في البحر الأحمر، وهو ما ينعكس سلباً على البيئة الاستثمارية والاستقرار المالي.

كما حذّر فتوح من تداعيات النزاع الأخير بين إيران وإسرائيل وتأثيره المباشر على تدفقات رؤوس الأموال وثقة العملاء في الأنظمة المصرفية، إضافة إلى الانعكاسات المستمرة للحرب في أوكرانيا على أسعار الطاقة والغذاء وما يترتب عليها من ارتفاع معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية.

وعلى صعيد متصل، تطرّق فتوح إلى ظاهرة ارتفاع معدلات الدين العام في عدد من الدول العربية والتي باتت تشكّل تحديًا مزدوجًا للقطاع المصرفي والاقتصاد الكلي على حدّ سواء، في ظل لجوء الحكومات إلى الاقتراض المفرط من الجهاز المصرفي، ما يحدّ من التمويل المتاح للقطاع الخاص ويضعف جودة المحافظ الائتمانية ويزيد من هشاشة الاستقرار المالي.

تحديات المنصات المالية اللامركزية

ولم يغفل فتوح الإشارة إلى بروز كيانات مالية رقمية جديدة مثل المنصات اللامركزية التي تستقطب المستخدمين خارج الأطر التنظيمية التقليدية، معتبرًا أن هذه الكيانات تمثّل تحديًا رئيسيًا للقطاع المصرفي في ما يخص الشفافية وحماية المستهلك ومكافحة غسل الأموال، رغم ما توفره من سرعة وانتشار وكفاءة.

نحو خارطة طريق واضحة

وأكد فتوح التزام اتحاد المصارف العربية بدعم إدارات المخاطر في البنوك الأعضاء من خلال تعزيز القدرات، وتكثيف التدريب، وتوفير منصّات لتبادل الخبرات وتطوير الأدوات الحديثة لمواجهة التحديات، داعيًا إلى شراكة وثيقة مع السلطات الرقابية لوضع خارطة طريق عملية لضمان تطبيق متدرّج ومتوازن للإصلاحات التنظيمية مع تشجيع الابتكار وحماية الاستقرار المالي.

وفي ختام كلمته، شدّد الأمين العام على أن اتحاد المصارف العربية سيواصل جهوده في خلق بيئة مصرفية عربية أكثر مرونة وتنافسية، قادرة على مواكبة التغيرات المتسارعة إقليميًا ودوليًا، داعيًا المشاركين إلى استثمار الملتقى كفرصة حقيقية للتفاعل وتقديم أفكار بنّاءة تصب في صالح استدامة القطاع المصرفي العربي وتعزيز قدرته على مواجهة الأزمات.