تصاعدت التوترات بين إسبانيا والولايات المتحدة بشكل لافت، بعد رفض حكومة بيدرو سانشيز مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع الإنفاق الدفاعي لدول حلف شمال الأطلسي "الناتو" إلى 5% من الناتج المحلي، في تحدٍ مباشر لنهج واشنطن وضغوطها المتزايدة على الحلفاء الأوروبيين.
ترامب يهدد ومدريد تتجاهل
ورفضت إسبانيا – التي لا يتجاوز إنفاقها الدفاعي حاليًا 1.26% من الناتج المحلي – مطلب ترامب، ما أثار غضب الرئيس الأميركي، الذي هدّد بفرض عقوبات تجارية قد تشمل مضاعفة الرسوم الجمركية على الصادرات الإسبانية، بحسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية.
سانشيز: أولويات داخلية تتحدى الإملاءات
وبرّرت الحكومة الإسبانية موقفها بأن الإنفاق على البرامج الاجتماعية يحظى بأولوية وطنية على حساب التوسع العسكري. ويأتي هذا الرفض في وقت تعاني فيه إسبانيا من ضغوط اقتصادية واجتماعية متفاقمة، ما يعزز المعارضة الشعبية لزيادة موازنة الدفاع.
لكن القرار لا يخلو من تداعيات محتملة، قد تضع مدريد في مواجهة مع واشنطن وبعض الحلفاء الأوروبيين الأكثر ولاءً للخط الأميركي.
"الناتو" في اختبار جديد
الخلافات بشأن الإنفاق الدفاعي داخل "الناتو" ليست جديدة، لكنها هذه المرة تأخذ طابعًا أكثر علنيّة، إذ وصفت الصحافة الأوروبية هذا التمرد الإسباني بأنه "صداع استراتيجي جديد" للحلف، في وقت يحتاج فيه إلى إظهار وحدة الصف وسط التحديات الجيوسياسية.
وخلال قمة "الناتو" في لاهاي، حرص سانشيز على تجنب الظهور مع ترامب في الصورة الجماعية لقادة الحلف، في إشارة دبلوماسية واضحة إلى عمق الخلاف، ما اعتُبر تحديًا شخصيًا للرئيس الأميركي.
هل تخاطر مدريد بعلاقاتها مع الغرب؟
يرى مراقبون أن موقف سانشيز يعكس رغبة مدريد في إعادة صياغة سياستها الخارجية بصورة أكثر استقلالية، بعيدًا عن الإملاءات الأميركية، لكنه في الوقت ذاته ينذر بتداعيات اقتصادية في حال نفذ ترامب تهديداته التجارية.
ويطرح هذا الخلاف تساؤلات عن تماسك الحلف الغربي، خاصة في ظل مخاوف أوروبية مستمرة من انكفاء الولايات المتحدة أو فرضها مزيدًا من الشروط على الشركاء الأوروبيين.
الأسابيع المقبلة حاسمة
ختامًا، تساءلت صحيفة الإندبندنت: هل أحسن سانشيز حساباته في المواجهة مع ترامب؟ أم أن إسبانيا تخوض مقامرة قد تكلفها كثيرًا على صعيد العلاقات السياسية والتجارية مع حلفائها التقليديين؟
الإجابة ستحددها تداعيات الأيام المقبلة.