بعد الجدل الكبير الذي أثارته “القبلة الساخنة” التي صورت في ساحة 9 أبريل بمدينة طنجة، ضمن مشهد تمثيلي خلال تصوير فيلم إيطالي بعروس الشمال، يبدو أن الموضوع بات مرشحا لمعرفة تطورات أخرى، إذ جرى إيداع شكاية لدى النيابة العامة حول تصوير مشاهد “غير أخلاقية في الفضاء العمومي”.
وأعلن مركز حماية الحقوق الاجتماعية والإستراتيجيات الإنمائية أنه أودع شكاية لدى رئاسة النيابة العامة بشأن مشهد تمثيلي وصفه بـ”المخلّ بالحياء العام”، “صُوّر بساحة عمومية وتكرر تصويره في مواقع أخرى في الساحة نفسها بطنجة”.
وسجل المركز أنه قام الخميس الماضي بإيداع شكاية رسمية لدى رئاسة النيابة العامة بالرباط، بشأن ما اعتبره “خرقًا سافرا للقانون وللأخلاق العامة، وذلك على خلفية تصوير مشهد تمثيلي يتضمن قبلة علنية مطولة بين ممثلين أجنبيين”، وأفاد، في بيان توصلت هسبريس بنسخة منه، بأن الفيديوهات المتداولة وثقت تكرار القبلة بمواقع أخرى من الساحة نفسها، “في فضاء عمومي مفتوح مكتظ بالناس، وعلى مرأى من المارة والجالسين، بمن فيهم الأطفال والنساء والأمهات والأسر والمراهقون والشيوخ والأزواج، في مشهد صادم غير معهود”؛ كما أشار إلى أن “مشهد القبلة المخلة تكرر في مواقع أخرى من الساحة نفسها وأحيانًا دون تواجد طاقم التصوير، وهو ما يثير المزيد من الريبة”.
وأعرب المركز الحقوقي عن قلقه البالغ من “الخلفيات غير البريئة التي قد تكمن وراء هذا النوع من المشاهد المفاجئة والصادمة وغير الأخلاقية وغير المسبوقة، ولاسيما في ظل حملات التشويه الإلكتروني المنظمة التي تتعرض لها بلادنا، وتقودها جهات خارجية معادية للوحدة الترابية”، وزاد موضحا أن “النجاحات الدبلوماسية الكبيرة التي يحققها المغرب بقيادة الملك في ملف الصحراء أفقدت خصومه صوابهم بعد أن أهدروا مئات المليارات من الدولارات منذ اندلاع هذا النزاع المفتعل، فيما تزداد موجات الذباب الإلكتروني التي تصف المغرب زورًا وكذبا بدولة السياحة الجنسية والانحلال الأخلاقي، ليترافق ذلك، اليوم، بمحاولات فرض أفعال مشينة وصادمة تمس القيم الأخلاقية والوطنية”.
كما اعتبر المصدر ذاته أن الحدث “الخطير” يأتي في سياق “حملة دعائية ممنهجة، تقودها منابر إعلامية وجهات إلكترونية مرتبطة بنظام دولة جارة، ضمن محاولات يائسة لتشويه صورة المغرب ونسفه من الداخل أخلاقيًا وثقافيًا”، لافتا إلى أن هذه الجهات سعت على مدى الشهور الماضية إلى “بثّ اتهامات كاذبة ترمي إلى النيل من سمعة المملكة، وتقديمها زورًا كوجهة للفساد والانحلال، ما يُنذر بمحاولات توظيف هذه المقاطع المنتقاة بعناية في حملات تضليلية مستقبلية ضد المغرب”.
كما اعتبر المركز الحقوقي أن ما حدث في طنجة يُمثّل “إخلالًا صريحًا بالحياء العام طبقًا لمقتضيات الفصل 483 من القانون الجنائي المغربي، وانتهاكًا واضحًا للخصوصية الثقافية والدينية لمدينة طنجة، واعتداءً على القيم المجتمعية والأخلاقية”، فضلا عن كونه “استغلالًا مرفوضًا للفضاء العمومي بما يحمله من رمزية وطنية وتاريخية لا تُقدّر بثمن”.
وسجل المركز ذاته “غياب عناصر السلطة والأمن كما هو معمول به في هكذا أمور، حيث يتجلى دورها في الحفاظ على النظام العام، ما يثير المزيد من الشك حول مدى استكمال القائمين على العمل الإجراءات القانونية والإخبارية الإلزامية”، ودعا رئاسة النيابة العامة إلى “فتح تحقيق شامل مع جميع الأطراف غير العمومية المتورطة، من الجهة المنتجة والممثلين والطواقم التقنية، والجهات الرسمية في حال علمها بالمشاهد المعنية، وهي المركز السينمائي المغربي والجماعة الترابية، وذلك لتحديد المسؤوليات القانونية وترتيب الآثار اللازمة”.
وفي ما يتعلق بالمركز السينمائي المغربي أكد المركز أنه “يتحمل مسؤولية قانونية مباشرة في حال تضمن السيناريو الأصلي المقدم له للحصول على الترخيص مشهد القبلة المتكررة المخلّة بالحياء العام، باعتباره الجهاز الوطني المختص بالتأشير على النصوص الفنية وتراخيص التصوير”، واستدرك: “أما في حال لم يتضمن النص المودع هذه المشاهد المستنكرة فإن المسؤولية الجنائية تقع مباشرة على الجهة المنتجة التي تعمّدت خرق مضامين الترخيص، ما يستوجب مساءلتها قانونيًا عن إخلالها بشروط التصوير والتجاوز المتعمد لما تم التصريح به. وفي هذه الحالة يتوجب على المركز السينمائي اتخاذ إجراءات عقابية في حق الشركات المغربية الشريكة في تنفيذ الإنتاج والأجنبية”.
وشدد مركز حماية الحقوق الاجتماعية على ضرورة “تشديد آليات التأشير واليقظة في التعامل مع طلبات التصوير الأجنبية، من أجل منع تسلل أعمال فنية تحمل رسائل مشبوهة أو تستهدف الرموز الوطنية والقيم المجتمعية والأخلاق تحت ستار الفن والإبداع”.
ولم يستثن المركز الجماعة الترابية لمدينة طنجة من القضية، إذ حمّلها مسؤولية “الإهمال في مراقبة الفضاء العمومي والتراخي في منع تصوير مشاهد تمس الذوق العام والكرامة الجماعية، وذلك في حال تضمن النص المقدم لها ضمن طلب الترخيص المشاهد غير الأخلاقية المذكورة”، معلنا أنه وجّه شكاية إلى وزارة الداخلية بخصوص مسؤولية الجماعة الترابية؛ وشكاية إلى وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع التواصل حول “تقصير” المركز السينمائي المغربي.
كما راسل المركز المجلس الوطني لحقوق الإنسان، للتنبيه إلى “مخاطر التطبيع مع هذه الممارسات التي تهدد الأمن المعنوي والنفسي للمجتمع وتنتهك حقوقه الثقافية والاجتماعية والقيمية المكفولة بمقتضى الدستور والمعايير الدولية ذات الخصوصية السيادية”، مؤكدا أن “حرية الإبداع، وإن كانت مكفولة، فإنها لا تبرر أبدًا خرق القانون أو المساس بالمشاعر الجماعية والرموز الوطنية وإباحة الانحلال الخلقي والرذيلة في الفضاء العمومي المملوك للمغاربة وارتكاب أفعال صادمة، ولا يجب أن تتحول إلى حصان طروادة لتمرير أجندات مشبوهة تتعارض مع قيم المجتمع المغربي ودستوره”، وفق البيان.