مع ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف عاد ملف المطرح الجماعي للنفايات بمدينة بني ملال إلى واجهة النقاش المحلي، بعدما أصبح مصدرًا دائمًا لانبعاث الروائح الكريهة، ما يثير مخاوف بيئية وصحية في أوساط السكان، ولاسيما بالأحياء المجاورة والمناطق الواقعة في اتجاه الرياح.
وفي هذا السياق عبّر توفيق الزبدة، المستشار الجماعي عن الحزب الاشتراكي الموحد، عن قلقه من تفاقم الوضع، مشيرًا إلى أن جماعة بني ملال تعيش منذ أسابيع على وقع انتشار مزعج لروائح النفايات، وصلت إلى مناطق واسعة من المدينة، من بينها المقبرة الإسلامية بأولاد ضريض، حي مغيلة، الحرم الجامعي، إضافة إلى مواقع يُنتظر أن تحتضن مشاريع كبرى، كالمستشفى الجامعي، وكلية الطب والصيدلة، ومدارس عليا.
وأضاف الزبدة أن أحياء سكنية كـ”أليانس دارنا”، “التقدم”، “المظهر”، “الأطلس”، و”المسيرة 1″، باتت بدورها مهددة بتأثيرات هذا الضرر البيئي، لافتًا إلى أن عددًا من السكان عبّروا مرارًا عن استيائهم، دون أن تقابل تلك الأصوات بإجراءات عملية فعالة.
وفي إطار البحث عن حلول لهذا الملف البيئي المزمن دعا المتحدث إلى تعزيز جهود التوعية وسط الساكنة، من خلال إنشاء قسم خاص بالتربية البيئية، مزود بمعدات لرصد نسب التلوث في الهواء والتربة والمياه الجوفية، تحت إشراف مباشر من المجلس الجماعي والسلطات المختصة.
كما شدد المستشار الجماعي ذاته على ضرورة نقل المطرح إلى موقع بديل يحترم المعايير القانونية والمسافة الكافية عن المناطق السكنية والفلاحية والفرشات المائية، مع إشراك الساكنة والمجتمع المدني في بلورة التصور، وفتح الباب أمام الاعتراضات القانونية حمايةً للمصلحة العامة.
ويقترح الحزب الاشتراكي الموحد تحويل عملية جمع النفايات إلى منظومة متكاملة للفرز والمعالجة والتدوير، ضمن مشروع مطرح بيئي مراقب، قادر على خلق مناصب شغل والمساهمة في تنشيط الاقتصاد المحلي، من خلال اعتماد تقنيات حديثة، مثل معالجة العصارات السامة، ومراجعة دفاتر التحملات، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
لم يفت المستشار التذكير بالمجهودات البيئية التي عرفتها بني ملال منذ التسعينيات، عبر شراكات دولية ومبادرات جمعوية نشيطة، وأشار إلى مساهمة جمعيات محلية وعمال غير مهيكلين في هذه الدينامية؛ لكنه اعتبر أن تلك التراكمات أُهملت، ما دفع بالمدينة إلى إعادة التجربة من نقطة الصفر دون رؤية واضحة.
وأكد الزبدة في ختام تصريحه أن هذا الملف “لا ينبغي أن يُختزل في منطق الأغلبية والمعارضة، بل يستدعي توافقًا جماعيًا، لأنه يتعلق بالصحة العامة وحق الساكنة في بيئة سليمة”، مشددًا على أن “المصادقة على أي اتفاقية جديدة في غياب رؤية شاملة قد ترهن مستقبل المدينة وتُعطل فرص التنمية البيئية بها”.
وفي الصدد ذاته عبّرت منظمة “النصر لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد” عن قلقها إزاء الوضع البيئي بالمدينة، مشيرة إلى توصلها بعدد من الشكايات من سكان متضررين من الروائح الدائمة المنبعثة من المطرح، التي تؤثر سلبًا على الصحة، خاصة في صفوف الأطفال والمرضى وكبار السن.
وحملت المنظمة في بلاغها المجلس الجماعي والمجلس الإقليمي مسؤولية ما وصفته بـ”غياب الحكامة البيئية”، مطالبةً بإيجاد حلول مستدامة لمعالجة النفايات وفق المعايير المعتمدة، ومناشدةً والي الجهة وعامل الإقليم التدخل العاجل لإنهاء ما اعتبرتها “كارثة بيئية تهدد الحق الدستوري في بيئة سليمة وصحة آمنة”.
في إطار تحسين الوضع البيئي أفاد مصدر مطلع لهسبريس بأن الأشغال تتواصل وفق ما تنص عليه دفاتر التحملات، منذ انطلاق عملها في 10 يناير 2025، رغم التأثير السلبي للأحوال الجوية الأخيرة، وأوضح أن مواد المعالجة المستعملة تستجيب للمعايير الدولية، مع اعتماد آليات حديثة لتطوير الأداء، مضيفًا أن المجلس الجماعي يتدخل بانتظام للحد من الأضرار البيئية.
جدير بالذكر أن والي جهة بني ملال خنيفرة، محمد بنرباك، قام بزيارة ميدانية إلى المطرح الجماعي، حيث اطلع على كيفية تدبير ما يقارب 100 طن من النفايات يوميًا، وتفقد أحواض معالجة العصارة؛ كما ناقش مع المعنيين إمكانيات الحد من الروائح المنبعثة، التي تُعد من أبرز التحديات البيئية المطروحة بالمنطقة.