بدأت الجزائر تحركات جديدة على مسار توسيع التعاون الدولي في مجالَي الطاقة والمناجم، في خطوة تعكس توجّهًا إستراتيجيًا لتنويع الشركاء والاستفادة من الخبرات الأجنبية في تطوير البنية التحتية وتعزيز الأمن الطاقي.
وفي هذا الإطار، شهدت عاصمة البلاد، اليوم الأحد 29 يونيو/حزيران 2025، لقاءًا مع وفد من الصين، بهدف استكشاف فرص استثمارية واعدة تشمل النفط والغاز والكهرباء والطاقات المتجددة، بالإضافة إلى التعدين والصناعات التحويلية.
ووفقًا لبيان رسمي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن المحادثات الثنائية ركّزت على مجالات نقل التكنولوجيا وتطوير القدرات المحلية، بما ينسجم مع أهداف الجزائر في تحقيق الاستقلال الطاقي والنمو الصناعي.
ويعكس هذا الحراك المتزامن رغبة الدولة في تعميق التعاون مع تكتلات صناعية كبرى، من بينها المجمع الصيني "أڤيك إنو" (AVIC INNO) لتسريع تنفيذ مشروعات ذات بُعد إستراتيجي في قطاعات الطاقة المختلفة.
قطاع الطاقة في الجزائر
يمرّ قطاع الطاقة في الجزائر بمرحلة توسُّع ملحوظة، مدعومة برغبة واضحة من الحكومة في استقطاب الشراكات النوعية، وهو ما عبّر عنه وزير الدولة، وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة محمد عرقاب، خلال استقباله وفدًا من مجمع "أڤيك إنو" الصيني.
وخلال اللقاء، ناقش الجانبان إمكانات التعاون في تطوير البنية التحتية الطاقية والمنجمية، واعتماد حلول تكنولوجية حديثة في مجالات إنتاج الكهرباء وتوزيعها، إلى جانب تطوير الصناعات النفطية والغازية والبتروكيماوية، وإنتاج الأسمدة والميثانول والأمونيا.
كما طُرِحت فرص الشراكة مع الشركة الوطنية للمحروقات "سوناطراك" في مشروعات الاستكشاف والإنتاج، وتوسيع الصناعات التحويلية، بالإضافة إلى التعاون مع "سونلغاز" في مجالات نقل الكهرباء وتحويلها وتعزيز شبكة الجهد العالي، لا سيما في ربطها بمشروعات الطاقة الشمسية الكهروضوئية.
وأكد الوزير عرقاب أهمية تعزيز المحتوى المحلي، عبر نقل التكنولوجيا، وتكوين الكفاءات الوطنية، ودعم الشركات الناشئة، مشددًا على استعداد قطاع الطاقة بكلّ مؤسساته للتعاون الوثيق مع الشركاء الصينيين ضمن شراكات طويلة الأمد.

شراكة واعدة مع الصين
أبدى المدير العام لمجمع أڤيك إنو، إيريك يانغ، اهتمامًا بالغًا بالسوق الجزائرية، مؤكدًا رغبة المجمع بالإسهام في تطوير قطاع الطاقة، استنادًا إلى خبراته في الصناعات الميكانيكية، والتكنولوجيات الخضراء، والطاقة الذكية.
ويُعدّ المجمع الصيني من أبرز التكتلات الصناعية الحكومية، وله تجارب ناجحة في نقل التكنولوجيا وإنشاء البنى التحتية الحديثة، وهو ما يتقاطع مع توجُّه الدولة العربية الأفريقية لتعزيز قدراتها الإنتاجية وتحديث منظومتها الكهربائية.
ويعكس هذا التعاون الصيني طموح الجزائر لتطوير صناعة محلية متقدمة تُواكب التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة، مع التركيز على إدماج التكنولوجيا في جميع مراحل الإنتاج والتوزيع.

تطوير المناجم والكهرباء
بالتوازي، استضافت الجزائر لقاءً آخر جمع الوزير عرقاب بسفير جمهورية قازاخستان أنوربك أخمتوف، جرى خلاله بحث آفاق التعاون في مجالات استكشاف النفط والغاز، وتبادل الخبرات في إنتاج الكهرباء وتخزينها، والعمل في قطاع التعدين.
وأكد الوزير عرقاب استعداد بلاده لتقديم التسهيلات اللازمة أمام الشركات القازاخية، مع التركيز على مجالات الاستكشاف العميق وتطوير البنية التحتية للمحروقات، إضافة إلى الصناعات البتروكيماوية.
كما نوقشت إمكانات التعاون في الطاقة المتجددة، ولا سيما في مجالات تخزين الكهرباء، إذ تتطلع البلاد للاستفادة من التجربة القازاخية بنقل التكنولوجيا وتوسيع نطاق الاستثمارات في مشروعات الطاقة الشمسية والرياح.
وفيما يخصّ التعدين، أبدت الجزائر اهتمامًا بالشراكة مع قازاخستان لاستغلال الثروات المعدنية، ولا سيما المعادن الإستراتيجية، التي تحتاج إلى استثمارات تكنولوجية لتسريع استغلالها وتحويلها صناعيًا.

تفعيل المشروعات الإستراتيجية
تُعدّ هذه الخطوات مؤشرًا عمليًا على تحوّل الدبلوماسية الاقتصادية الجزائرية إلى أدوات تنفيذية قائمة على المصالح المشتركة، بما يعزز جهود البلاد لتأمين احتياجاتها الطاقية وتحقيق التنمية المستدامة.
ويمثّل تنويع الشركاء إحدى ركائز السياسة الجديدة في قطاع الطاقة، لا سيما في ظل المتغيرات الإقليمية والعالمية، ما يدفع الدولة إلى البحث عن توازنات إستراتيجية تحمي مصالحها، وتفتح آفاقًا استثمارية أوسع.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر..