حذّر الرئيس البرازيلي المعين لقمة المناخ كوب 30 (COP30) أندريه رانها كوريا دو لاغو، من احتمالية نشوب توترات بشأن هدف الـ1.5 درجة مئوية خلال مباحثات المناخ المقبلة، وفق متابعات الأحداث لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ومع اقتراب موعد "كوب 30"، المقرر انعقادها في مدينة بيليم الأمازونية شمال البرازيل، يتّفق المحللون على أن النجاح في المباحثات المقبلة يتوقّف على قدرة الدبلوماسيين ورؤساء الدول والشركات على تجاوز الانقسامات والاصطفاف خلف خطة مشتركة.
وأكد دو لاغو أهمية توحيد الجهود العالمية للحفاظ على هدف الحد من الاحترار العالمي إلى أقل من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، مع السعي لتقييد الزيادة عند 1.5 درجة مئوية.
إذ يرى علماء أن التخلي عن الهدف المذكور يفرض تحدياتٍ صعبةً لا قِبَلَ للعالم بها، مثل نقص الغذاء والماء والصراعات والمناخ المتطرف، من بين أزمات أخرى عديدة.
فجوة متزايدة
حذّر أندريه رانها كوريا دو لاغو من أن الفجوة المتزايدة بين تعهدات الدول وهدف اتفاقية باريس للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية، من شأنها أن تجعلها نقطة توتر رئيسة خلال قمة المناخ "كوب 30".
وقال الدبلوماسي البرازيلي إن الحقيقة التي مفادها أن بعض العلماء قد خلصوا إلى أن العالم قد تجاوز مستوى الـ1.5 درجة مئوية، يجعلها إحدى "المناقشات المهمة في مؤتمر المناخ".
وقبل قمة "كوب 30" المقرر انعقادها في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يتعيّن على نحو 200 دولة أن تقدم خططًا تفصيليةً حول كيفية الوفاء بحصصها في هدف اتفاقية باريس المبرَمة قبل عقد.
وستُجمع تلك الخطط لإظهار مدى انحراف العالم بعيدًا عن هدف الـ1.5 درجة مئوية؛ علمًا بأن الفرضيات المتفائلة تشير إلى فجوة واسعة.
وأكد دو لاغو: "هذه مناقشة معقّدة حول كيفية الامتثال لهدف الـ1.5 درجة مئوية"، وفق تصريحات أدلى بها إلى صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
وأضاف: "لكن الحقيقة هي أن هذا هو ما نقرره؛ ولذا يتعين علينا جميعًا محاولة أن تكون لدينا مساهمات وطنية محددة تتسق مع هدف الـ1.5 درجة مئوية".

الاتحاد الأوروبي والصين يتخلفان
حتى الآن لم يقدم سوى أقل من 30 دولة الخطط المذكورة؛ ليس من بينها الاتحاد الأوروبي والصين، وهما من بين أكبر مصدري الانبعاثات الكربونية في العالم، في حين انسحبت الولايات المتحدة الأميركية من اتفاقية باريس خلال ولاية دونالد ترمب الأولى.
وتقع الحكومة البرازيلية تحت وطأة ضغوط شديدة لمواجهة تلك القضية بالغة الحساسية، خلال الوقت الذي تقاوم فيه بلدان كبرى منتجة للنفط إجراءاتٍ تستهدف الحد من استعمال مصادر الوقود الأحفوري.
وقال تحالف البلدان الجزرية الصغيرة "إيه أو إس آي إس" (AOSIS) إن "العمل وفقًا لأحدث وأفضل العلوم المتاحة للحفاظ على إمكان تحقيق هدف الـ1.5 درجة مئوية، مثل أولوية بالنسبة لنا".
و"إيه أو إس آي إس" هو تحالف يمثل قرابة 40 دولة من أفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي والمحيطين الهندي والهادي، ويستهدف تعزيز أصوات تلك الدول في الفعاليات الدولية، ولا سيما بخصوص بقضايا التغيرات المناخية والتنمية المستدامة.
وأضاف "إيه أو إس آي إس": "تحدي حقيقة علمية أمر باعث جدًا على القلق؛ وإن مجرد التشكيك في جدوى هدف الـ1.5% درجة مئوية هو تطور مثير للقلق".
وكان تحالف البلدان الجزرية الصغيرة قد توصّل إلى اتفاقية في بون توصي بزيادة نسبتها 10% في الموازنة إلى 81.5 مليون يورو (96 مليون دولار أميركي) في عام 2026-2027، بفضل زيادة في إسهامات الصين من 15% إلى 20%.
*(اليورو = 1.17 دولارًا أميركيًا).
من جهتها أشارت الرئيسة التنفيذية لمؤتمر المناخ "كوب 30" آنا توني، إلى ضغوط إنفاق الطاقة والدفاع، الواقعة على كاهل الحكومات نتيجة الصراعات المسلحة التي تنخرط فيها روسيا والشرق الشرق الأوسط.
وقالت توني: "العوامل الجيوسياسية لا تقف أبدًا في صالحنا"، وفق تصريحات أدلت بها إلى "فايننشال تايمز" البريطانية، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

تمويل الأهداف المناخية
لا تزال التمويلات المناخية ومن يتحمل فاتورتها، قضية جدلية كثيرًا ما أثارت الخلافات بين الدول في قمم المناخ الماضية.
وترغب الدول النامية في أن تتحمل نظيرتها المتقدمة نصيب الأسد من تمويل المشروعات والمبادرات التي تسهم بتحول الطاقة لديها، والتخلص من الوقود الأحفوري، في حين ترى الأخيرة أن الاقتصادات سريعة النمو مثل الصين، التي أصبحت الآن أكبر مصدر لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، هي ما يتعين أن تدفع الفاتورة.
ولا تزال الصين أكبر مُصدر لانبعاثات غازات الدفيئة عالميًا؛ نتيجة اعتمادها المفرط على الفحم، تليها أميركا، ثم الهند.
وكانت قمة المناخ السابقة "كوب 29" المنعقدة في عاصمة أذربيجان باكو، قد نجحت في تحقيق خطوة كبيرة نسبيًا في مجال التمويل؛ بعد أن توصلت إلى اتفاق يضاعفه 3 مرات سنويًا، ليصل إلى 300 مليار دولار مقابل 100 مليار دولار، وليتجاوز إجمالي المبلغ 1.3 تريليون دولار.
ويُتوقع أن تتوصل دول العالم إلى التزامات أكثر طموحًا بشأن خفض انبعاثات غازات الدفيئة خلال الفعاليات التي تسبق انعقاد قمة المناخ "كوب 30"؛ ما يعني أن التعهدات الحالية لا تكفي أبدًا لخفض حرارة الأرض كي لا تتجاوز 1.5 درجة مئوية،
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصدر: