
قضت محكمة جنح سيدي جابر بمحافظة الإسكندرية، برئاسة المستشار عبد الحسيب حمدي عبد الحسيب، اليوم السبت، بمعاقبة ثلاثة مسؤولين بارزين في الاتحاد المصري للكاراتيه، على خلفية اتهامهم بالإهمال والتقصير المهني الذي أدى إلى وفاة الطفل "ي.ا.م" أحد اللاعبين المشاركين في بطولة الجمهورية.
وشمل الحكم الصادر في القضية رقم 6541 لسنة 2025 جنح سيدي جابر، حبس كل من "س.س.م" رئيس اللجنة الطبية بالاتحاد المصري للكاراتيه، و"ا.ا.ا" رئيس لجنة المسابقات، و"ا.م.ال" رئيس منطقة الإسكندرية للكاراتيه، لمدة 3 سنوات غيابياً، مع تغريمهم كفالة 10 آلاف جنيه لوقف التنفيذ مؤقتًا، وإلزامهم بدفع تعويض مدني مؤقت للمدعي بالحق المدني قدره مائة ألف وواحد جنيه، إلى جانب المصروفات الجنائية والمدنية.
وقائع الإهمال وملابسات الوفاة
كشفت التحقيقات أن الواقعة تعود إلى تنظيم بطولة الجمهورية للكاراتيه تحت 18 عامًا، التي جرت خلال الفترة من 6 إلى 10 فبراير 2025 بنطاق قسم سيدي جابر، دون توفير الحد الأدنى من اشتراطات الرعاية الطبية المنصوص عليها باللوائح المنظمة من قبل وزارة الشباب والرياضة.
وتبين أن المتهمة الأولى "س.س.م"، رئيس اللجنة الطبية، اكتفت بتعيين طبيبين حديثي التخرج لا يحملان تراخيص مزاولة المهنة، ما شكل مخالفة جسيمة لأحكام القانونين رقم 415 لسنة 1954 بشأن مزاولة مهنة الطب، و3 لسنة 1985 بشأن العلاج الطبيعي. وأدى هذا القصور إلى فشل الطاقم الطبي في تشخيص حالة اللاعب فور سقوطه داخل الملعب، وعدم اتخاذ التدخلات السريعة التي كانت قد تنقذ حياته.
أما المتهم الثاني "ا.ا.ا"، بصفته مدير البطولة، فقد أغفل التحقق من مؤهلات الأطباء المشاركين، ولم يتأكد من توافر جهاز الصدمات القلبية أو سيارات الإسعاف المرخصة، كما لم يتخذ ما يلزم لإيقاف البطولة في حال عدم اكتمال الاستعدادات الطبية.
فيما اتُهم المتهم الثالث "ا.م.ال" رئيس منطقة الإسكندرية للكاراتيه، بالتعاقد مع شركة إسعاف غير مرخصة لتقديم الخدمات الطبية خلال الفعاليات، وعدم توفير جهاز الصدمات القلبية "AED"، وهو ما اعتبرته المحكمة إهمالاً جسيماً أسهم مباشرة في تفاقم حالة الطفل المجني عليه ووفاته.
النيابة: مخالفة صريحة للائحة وزارة الشباب
وكانت النيابة العامة قد وجهت للمتهمين تهمة القتل الخطأ الناتج عن الإهمال وعدم الالتزام باللوائح، وأكدت أن المتهمين خالفوا صراحة قرار وزير الشباب والرياضة رقم 1642 لسنة 2024 الذي يوجب توفير طواقم طبية متخصصة مرخصة وتوفير وسائل الرعاية العاجلة في البطولات الرسمية، خاصة تلك التي تتعلق برياضات عنيفة مثل الكاراتيه.
وأشارت التحقيقات إلى أن أحد الطبيبين المشاركين كان اختصاصه في أمراض النساء والولادة، وهو ما يخالف أدنى المعايير الطبية التي تتطلب وجود متخصصين في الحالات الحرجة والطوارئ عند تنظيم فعاليات من هذا النوع.
توصيات النيابة العامة
على خلفية الواقعة، أصدرت النيابة العامة توصيات صارمة لتفادي تكرار مثل هذه المأساة، شملت:
الالتزام التام بقرار وزير الشباب والرياضة رقم 1642 لسنة 2024.
منع إقامة أي بطولة دون التأكد من جاهزية الملف الطبي للاعبين.
اشتراط وجود طبيب متخصص في الرعاية الحرجة داخل كل بطولة رياضية، لا سيما رياضات القتال والعنف الجسدي.
التأكد من تعاقد الاتحادات الرياضية مع شركات إسعاف مرخصة ومزودة بالأجهزة الضرورية.
ختام
بهذا الحكم، تكون محكمة جنح سيدي جابر قد وجهت رسالة قوية بأن الإهمال والتقصير في حماية أرواح الرياضيين، وخاصة الأطفال، لن يمر دون محاسبة قانونية صارمة، في واقعة أعادت تسليط الضوء على خطورة الإهمال الإداري والطبي في المجال الرياضي.