مع حلول فصل الصيف تعمد العديد من المطاعم والمقاهي في المدن الساحلية والمواقع السياحية إلى تعديل قوائم المأكولات والمشروبات، لا بدافع التجديد أو تلبية أذواق الزبائن فحسب، بل أيضًا لتمرير زيادات في الأسعار تحت غطاء “العروض الموسمية”.
وتشمل هذه التعديلات أحيانًا حذف أطباق معينة وتعويضها بأخرى أقل كلفة، أو تقديم الوجبات نفسها بأسعار مرتفعة، ما يثير تساؤلات حول خلفيات هذه الزيادات ومشروعيتها القانونية.
عبء على الأسر
حسن حُمير، فاعل جمعوي، قال إن “عددا من المقاهي والمطاعم تلجأ إلى رفع الأسعار خلال فصل الصيف، معتبرة هذه الفترة مناسبة لتعويض ما تعدّه خسائر أو مداخيل ضعيفة طيلة السنة”، مضيفًا أن “عددا من الفنادق أيضًا تعتمد منطق ذروة الموسم وخارجه، وتستغل الضغط والإقبال الصيفي للزيادة في الأسعار بطريقة ملحوظة”.
وأشار حُمير، في تصريح لهسبريس، إلى أن “هذا السلوك غير مقبول تمامًا، لأنه يحوّل تناول الطعام خارج البيت إلى عبء ثقيل على العائلات، بدل أن يكون وسيلة للترفيه”، مشددًا على أن “أسرة من أربعة أبناء مثلًا تجد نفسها مضطرة لإنفاق مبالغ مالية كبيرة بسبب غلاء الوجبات والمشروبات، ما يرهق القدرة الشرائية، خاصة في فصل الصيف”.
وأضاف الفاعل الجمعوي ذاته أن “المطلوب اليوم هو وجود مراقبة صارمة للأسعار تضمن توازنها بشكل يحترم منطق العرض والطلب، لكن دون مبالغة”، مبرزًا أن “شخصًا قد يشتري قنينة ماء معدني بـ14 درهمًا فقط لأنه قريب من الشاطئ، بينما يمكن أن يجدها بثمنها العادي، أي 5 أو 6 دراهم، إذا ابتعد مسافة قصيرة لا تتجاوز مئة متر”.
بين الوعي والرقابة
رضوان زويتني، عضو في الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، قال إن “أسعار المأكولات تعرف ارتفاعًا ملحوظًا في عطلة الصيف، سواء في محلات الوجبات السريعة أو في مطاعم مصنفة، بفعل الإقبال الكبير من الزبائن، الأمر الذي يدفع بعض المهنيين إلى استغلال الظرف لرفع الأسعار، في غياب رقابة فعالة تحمي المستهلك وتضمن شفافية المعاملات التجارية”.
وأشار زويتني، في تصريح لهسبريس، إلى أن “الجامعة تسجل ضعفًا في تتبع المداخيل من طرف الإدارة العامة للضرائب، رغم اعتماد الأداء الرقمي في عدد من المطاعم، إذ يتم تسليم ما يشبه الفواتير دون أن تكون فواتير محاسباتية حقيقية، ما يحرم الدولة من عائدات ضريبية مهمة”.
ودعا عضو الجامعة المغربية لحقوق المستهلك إلى “فرض رقابة صارمة على أصحاب المطاعم الذين لا يحترمون الأسعار المدرجة في قوائم الطعام، رغم أن تلك القوائم تُعتبر بمثابة عقد يلزم الطرفين”، مذكّرا بأن “قانون حرية الأسعار رقم 99.06 يحتاج إلى مراجعة، وربما العودة إلى نظام التسقيف أو التسعيرة المحددة لبعض المواد والخدمات الأساسية”.
وشدد المتحدث ذاته على “أهمية وعي المستهلك بحقوقه، من خلال التمييز بين جودة المنتجات وأنواعها، والتأكد من توافقها مع ما هو مكتوب في قائمة الطعام”، موضحا أن “على الزبون أن يعرف الفرق بين أنواع الأسماك أو اللحوم، وألا يدفع ثمن شيء لم يطلبه أو لا يرقى إلى ما طُلب”، داعيًا المستهلكين إلى “المطالعة والاطلاع قبل الأداء”.
وفي ختام تصريحه عبّر رضوان زويتني عن تخوفه من حالات التسمم التي قد تسجل خلال الصيف، بسبب ضعف التخزين أو التبريد، مؤكداً أن “بعض المهنيين يلجؤون إلى التجميد العشوائي دون أن يتوفروا على المؤهلات أو التراخيص اللازمة، وهو ما يشكل خطرًا مباشرًا على صحة المواطنين ويستدعي مراقبة دورية ومكثفة للمطاعم والمحال الغذائية”.