قال علي فوزي، الباحث في الشؤون العربية والإفريقية، إن اتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا يمثل محطة مفصلية في مسار النزاعات المسلحة بشرق إفريقيا، مشيرًا إلى أنه "لا يقتصر فقط على الترتيبات الأمنية والعسكرية، بل يُظهر تحوّلًا واضحًا في أولويات اللاعبين الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة".
وأضاف فوزي أن "واشنطن باتت تنظر إلى استقرار الكونغو كمدخل حيوي لضمان استمرار تدفق المعادن الاستراتيجية، خاصة في ظل احتدام المنافسة الجيوسياسية مع الصين"، معتبرًا أن "الاهتمام الدولي بالملف يعكس بُعدًا اقتصاديًا لا يقل أهمية عن البعد الأمني".
وأشار إلى أن ما يميز هذا الاتفاق هو محاولته معالجة جذور الصراع، وليس فقط نتائجه، من خلال "الدعوة لتفكيك الجماعات المسلحة، وإنشاء آليات أمنية مشتركة، وتعزيز مسارات التعاون الاقتصادي بين الطرفين"، لكنه في المقابل لفت إلى وجود "ثغرات كبيرة"، على رأسها غياب أي بند واضح للمساءلة أو العدالة الانتقالية.
وأكد فوزي أن "تجاهل أصوات الضحايا المحليين وملف جرائم الحرب قد يُقوض فرص استدامة الاتفاق، خاصة في ظل تاريخ طويل من انعدام الثقة بين الأطراف".
وحول الوساطة، قال الباحث إن دخول قطر على خط التفاوض، إلى جانب دعم الاتحاد الإفريقي ودول مثل مصر وكينيا، يمثل تطورًا نوعيًا في الأداء الإقليمي، موضحًا أن "السلام في إفريقيا لم يعد حكرًا على المبادرات الغربية فقط، بل صار ممكنًا بفعل إرادة إفريقية وشراكات تنموية جديدة".
وختم فوزي تصريحاته بالقول إن "نجاح الاتفاق سيُقاس بمدى قدرة الطرفين على تفكيك شبكات المصالح المسلحة وتوفير التنمية للمناطق المتأثرة بالنزاع"، مشددًا على أن "السلام العادل والمستدام لا يمكن أن يُبنى على منطق اقتسام الموارد، بل على أولوية الإنسان وحقوقه وكرامته".