أخبار عاجلة

مشروع قانون أمريكي يضع النظام الجزائري في ورطة مع القانون الدولي

مشروع قانون أمريكي يضع النظام الجزائري في ورطة مع القانون الدولي
مشروع قانون أمريكي يضع النظام الجزائري في ورطة مع القانون الدولي

على هامش طرح مشروع قانون في الكونغرس الأمريكي لتصنيف جبهة البوليساريو الانفصالية كجماعة انفصالية لها ارتباطات مشبوهة مع بعض رعاة الإرهاب في المنطقة، وتهدد استقرار الرباط، حليفة واشنطن، أكد مهتمون أن هذه الخطوات تحمل دلالات أمنية وسياسية كبيرة، إذ تعكس تغيرًا لافتًا في طريقة التعاطي مع هذا الكيان الانفصالي، يضع كلًا من البوليساريو والجزائر، الداعمة الرئيسية لها، في موقف بالغ الحرج، وفي مواجهة المجتمع والقانون الدوليين؛ كما يمهد في حال إقراره لإعادة صياغة التوازنات الإقليمية في منطقة شمال إفريقيا، عبر تجفيف منابع الدعم السياسي والعسكري لكيان انفصالي بات يُنظر إليه في أوساط النخبة السياسية الأمريكية كحلقة وصل بين شبكات الإرهاب العابر للحدود.

وأجمع مهتمون بالأمن الدولي والعلاقات الدولية، تحدثوا لهسبريس في هذا الشأن، على أن هذا المشروع الأمريكي الذي طرحه النائبان جو ويلسون وجيمي بانيتا إذا ما تم إقراره سيمثل نقطة تحول مفصلية في معادلة النزاع الإقليمي حول الصحراء، وسيعيد ضبط البوصلة الدولية في التعاطي مع هذا الملف، إذ سيقوض قدرة الجزائر على المناورة من جهة، ويمنح المغرب ورقة ضغط قوية لتعزيز سيادته الإقليمية انطلاقا من القانون الدولي، وكذا استثمار هذا التحوّل لصالح إعادة تموضعه كفاعل إستراتيجي في القارة السمراء وفي معادلات الأمن الإقليمي.

وعي جماعي وورطة جزائرية

في هذا الصدد قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن “طرح مشروع قانون يقضي بإدراج ميليشيا البوليساريو في قوائم الإرهاب الأمريكية يندرج في إطار الوعي الجماعي العالمي بزيف الأطروحة الانفصالية، والسردية النضالية الوهمية المرتكزة على التضليل والأكاذيب، كما يؤكد اقتناع أطراف فاعلة في المشهد السياسي الأمريكي بالمخاطر العالية التي يشكلها تواجد جماعة مسلحة غير خاضعة للقانون الدولي في منطقة الساحل والصحراء الكبرى التي تعج بالأزمات والتهديدات الكبرى”.

وأضاف البراق، في تصريح لهسبريس، أن “هذا المشروع ينتمي إلى مجموعة القوانين المشتركة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري (Bipartisan bills)، ويؤكد على الفهم العميق من النخبة السياسية في واشنطن والإدارة الأمريكية لطبيعة التحديات الخطيرة التي يشكلها التسامح مع وجود ميليشيا ذات توجه إرهابي، تهدد الاستقرار العالمي والإقليمي والمصالح الأمريكية في إفريقيا”.

وتابع المتحدث ذاته بأن “دخول النخب الأمريكية على خط النزاع في الصحراء يُعد مؤشرًا قويًا على أن الساحة الدولية بدأت تدرك حجم المسؤولية الجزائرية”، وزاد: “إنها رسالة واضحة ومباشرة للجزائر بأن دعمها المستمر لكيان مُصنَّف إرهابيًا، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتزايدة في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل، لم يعد مقبولًا”، مبرزًا أن “هذا الوضع يضع الجزائر في موقف حرج، ويهدد بتزايد عزلتها الدبلوماسية إذا ما أصرت على سياستها الحالية، التي تتعارض مع جهود الاستقرار الإقليمي”.

وسجل الخبير نفسه أن “هذا التحرك التشريعي الأمريكي يشكل نقطة تحول محورية للمغرب في قضية الصحراء المغربية، إذ يعزز بشكل غير مسبوق موقفه الدبلوماسي”، لافتًا إلى أن “الاستغلال الأمثل لهذا التحرك الأمريكي سيفتح آفاقًا واسعة للمغرب على صعيد الاعترافات الدولية بالسيادة على الصحراء، ويتجاوز مجرد الدعم السياسي ليشمل البُعد الاقتصادي والتنموي؛ فالدعم الأمريكي القوي سيُشجع دولًا أخرى، خاصة في أوروبا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، على فتح قنصليات في العيون والداخلة، والأهم من ذلك أن ضمور أي تهديد من البوليساريو سيُشجع الاستثمارات الأجنبية في الأقاليم الجنوبية، محولًا المنطقة إلى قطب اقتصادي حيوي”.

وخلص البراق إلى أن “هذا التحرك يمثل رسالة ضغط مباشرة على الأطراف المُعرقلة لحل ملف الصحراء، فهو يهدف إلى إجبار جبهة البوليساريو وحلفائها، وعلى رأسهم الجزائر، على إعادة تقييم مواقفهم والتوجه نحو حل سياسي واقعي”، مشددًا على أن “أي تصنيف للبوليساريو ضمن قوائم الإرهاب الأمريكية سيُقلص بشكل كبير من قدرتها على المناورة الدولية والتحشيد، ما قد يدفعها نحو طاولة المفاوضات بمرونة أكبر”، وختم بالقول: “في المقابل يفتح هذا التحرك آفاقًا غير مسبوقة للمغرب لتعزيز استثماراته وتنميته في الأقاليم الجنوبية، ما يرسخ الأمر الواقع على الأرض، ويُظهر للعالم أن هذه المنطقة مؤهلة للنمو والازدهار تحت السيادة المغربية، وبالتالي يُقوّض أي حجج انفصالية مستقبلية”.

قلق متنام ومواجهة للقانون

من جهته اعتبر جواد القسمي، باحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن “طرح مشروع قانون تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية في الكونغرس الأمريكي له خلفيات أمنية وأخرى سياسية دبلوماسية؛ فأمنيًا يُنظر إلى منطقة الساحل كبؤرة للأنشطة الإجرامية والإرهابية، مع قلق متنامٍ من وجود روابط أو تداخل بين هذه الجماعات ومنظمة البوليساريو، بالإضافة إلى التقارير المتزايدة التي تتحدث عن علاقات إيران بالجبهة الانفصالية والدعم العسكري واللوجستي لهذه الأخيرة، ما يثير قلق واشنطن التي تعتبر إيران راعية للإرهاب، ويضع البوليساريو على رادار أجهزة الاستخبارات الأمريكية”.

وعلى المستوى السياسي، يضيف القسمي متحدثًا لجريدة هسبريس الإلكترونية في هذا الشأن، أن “هناك جهدًا دبلوماسيًا مغربيًا واضحًا وملموسًا في واشنطن يسلط الضوء على المخاطر والتهديدات الأمنية التي أصبحت البوليساريو تثيرها في المنطقة، ناهيك عن أن هذه الخطوة تأتي بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، وهي خطوة منطقية تُزكّي الاعتراف”.

وتابع المتحدث ذاته بأن “هذه الخطوة هي بمثابة رسالة تحمل المسؤولية للجزائر، وتضعها مستقبلًا في مواجهة القانون الدولي وأمام تحدٍّ حقيقي إذا ما أُقِر هذا المشروع، إذ سيُعتبر أي دعم عسكري أو مالي للبوليساريو بمثابة دعم للإرهاب، ما يستوجب فرض عقوبات عليها وتعريضها لضغوط دولية”، وزاد: “في المقابل قد يستخدم بعض أعضاء الكونغرس هذا المشروع، وهو أمر مرجّح كذلك، كورقة ضغط على الجزائر في ملفات أخرى، مثل قضايا الطاقة، أو علاقاتها مع الصين وروسيا”.

وبالنسبة للمغرب شدد الباحث ذاته على “ضرورة استغلال هذه الورقة وتعزيز طرحه الذي يُقدّم البوليساريو ليس كحركة تحررية وإنما كمنظمة انفصالية مسلحة تُشكل تهديدًا للأمن الإقليمي، وأي دعم يُقدم لها فهو دعم لعدم الاستقرار”، خاتما: “كما يجب استثمار هذا المشروع للضغط على الدول ذات المواقف المحايدة في أوروبا وأمريكا اللاتينية لتبني موقف يعزز شرعية الموقف المغربي، الذي طالما ربط بين الانفصال والإرهاب وعدم الاستقرار في منطقة الساحل”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق محافظ سوهاج يعزي أسرة المحاسب عامر عوض في مسقط رأسه قرية فزارة بالمراغة
التالى حضرت احتفالية.. محامي نوال الدجوي يرد على تحدي الخصوم: "الدجوي في كامل قواها العقلية