أفادت مصادر عليمة لهسبريس بأن تسريبات تقارير أعدتها لجان تفتيش تابعة لمجالس جهوية للحسابات بجهات الدار البيضاء-سطات ومراكش-آسفي وفاس-مكناس كشفت عن تفاقم مستوى الديون “النائمة” بجماعات ترابية زارتها مؤخرا، حيث لم يتم تحصيلها أو اتخاذ أي إجراء لاستردادها منذ سنوات.
وأوردت المصادر ذاتها أن تقارير قضاة الحسابات بسطت معاناة جماعات ترابية من الجهات المعنية من أزمة مالية خانقة رغم توفرها على موارد مهمة في شكل ديون تنتظر التحصيل، وتورط رؤسائها ومسؤولي مصالحها في اختلالات عند تدبير المديونية والمداخيل الجماعية.
وأكدت مصادر هسبريس أن قضاة الحسابات ضمّنوا تقاريرهم ملاحظات خطيرة حول شبهات محاباة سياسية وانتخابية في معالجة ملفات ديون ومتأخرات استغلال ممتلكات جماعية.
وفي هذا الصدد، شددت المصادر على أن عددا من الجماعات بلغت مراحل متقدمة من العجز المالي منذ سنوات، ولم تبرمج في دوراتها نقطا بخصوص تحسين أداء التحصيل، خصوصا عبر التعاقد مع محامين ومفوضين قضائيين.
وأشارت المصادر عينها إلى أن التقارير كشفت عن غياب محاولات للتسوية الودية لديون مع كبار المدينين، لا سيما الشركات، في سياق تقليص قيمة المتأخرات المستحقة بذمتها، خصوصا عن الرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، موضوع منازعات قضائية، كلفت جماعات نفقات ضخمة.
وكشفت مصادر الجريدة عن مؤشرات مقلقة بخصوص تفاقم مستوى “الباقي استخلاصه” و”المستحيل استخلاصه” في جماعات ترابية، خصوصا في جهتي الدار البيضاء- سطات، ومراكش- آسفي، لتصل إلى 57 مليار سنتيم في جماعة تابعة لإقليم برشيد.
ولفتت إلى أن التقارير المنجزة من قبل لجان تفتيش المجالس الجهوية للحسابات لمحت، أيضا، إلى حالات تلاعب بإعفاءات جبائية باستغلال القانون، مع ملاحظات موازية همت ضعف وقصور المصالح الجبائية بجماعات عن أداء مهامها وقلة الموارد البشرية وغياب التنظيم والهيكلة وسيادة أساليب الفساد والرشوة داخل هذه المصالح، بالإضافة إلى شبهات تواطؤ بعض المحاسبين ورؤساء جماعات مع ملزمين بالرسوم والضرائب؛ ما سمح لهم بالتهرب لسنوات عديدة.
وحسب مصادر الجريدة، فإن ملاحظات قضاة الحسابات امتدت إلى وجود إعفاءات مشبوهة في ديون جماعية، وتكبيد إجراءات إلغاء ذعائر وغرامات مرتبطة بضرائب ورسوم محلية جماعات ترابية خسائر ضخمة؛ ما أثر سلبا على توقعات ميزانياتها.
وأوردت المصادر عينها أن تقارير التفتيش أشارت إلى تورط رؤساء جماعات في تبني الانتقائية عند تفعيل القانون 82.17 الذي يؤطر الإعفاءات المذكورة، بهدف تمكين مدينين من أداء متأخرات “مطهرة” من الزيادات والغرامات والذعائر وصوائر التحصيل المتعلقة بالضرائب والرسوم والحقوق والمساهمات، وكذا الأتاوى المستحقة لفائدة الجهات والعمالات والأقاليم والجماعات.
يشار إلى نهاية السنة الماضية شهدت عقد سلسلة اجتماعات تحت إشراف المسؤولين بالإدارة الترابية، همت جماعات سجلت أرقاما قياسية على مستوى “الباقي استخلاصه” وطنيا، وتباطؤا في عمليات التحصيل، بما يتعارض مع توجيهات عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، بشأن وجوب التقيد بمقتضيات الصيغة المحينة من القانون رقم 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية الصادر في دجنبر 2020، وتسريع إجراءات تحصيل الديون، من خلال عملية الفرز حسب مستوى مخاطر التحصيل، وليس على أساس قيمة الديون؛ وذلك من أجل ضمان توفير السيولة اللازمة للجماعات، من خلال تعبئة المتأخرات ومعالجة الاختلالات السابقة وتحسين أداء آليات الحكام. وفي السياق، وجه عمال أقاليم وعمالات ملاحظات مباشرة إلى رؤساء جماعات ترابية بشأن التأخر في إحالة ملفات مدينين على القباض، لغاية مباشرة إجراءات التحصيل القسري في مواجهتهم.