تعمل حكومة الرباط على تطوير شبكة الغاز في المغرب من خلال عدّة مشروعات، باستثمارات تصل إلى مليار دولار في إطار إستراتيجيتها الرامية لتنويع مزيج الطاقة في البلاد.
قالت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في المغرب، ليلى بنعلي، إن تطوير قطاع الغاز الطبيعي يهدف إلى زيادة إنتاج الطاقة وتعزيز التنافسية الصناعية، بكونه طاقة انتقالية منخفضة الكربون تسهم في إدماج الطاقة المتجددة وضمان مرونة واستقرار الشبكة الكهربائية.
وأوضحت بنعلي خلال ردّها في جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أن الحكومة طرحت مشروعًا لتطوير البنية التحتية لشبكة الغاز في المغرب.
وأشارت إلى أنه ستُنشَأ محطة للغاز المسال بميناء الناظور غرب المتوسط، وتُربَط بشبكة خطوط أنابيب تشمل الربط مع خط أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، والمحطات الكهربائية، والمنصات الصناعية بالناظور والقنيطرة والمحمدية، تمهيدًا لربطها لاحقًا بمحطات الغاز المستقبلية على الساحل الأطلسي وأنبوب الغاز الأفريقي الأطلسي الجاري تطويره عبر الداخلة.
تكلفة تطوير شبكة الغاز في المغرب
كشفت وزيرة الانتقال الطاقي أن تكلفة تطوير شبكة الغاز في المغرب تتجاوز مليار دولار، مقسّمة كالتالي:
- تكلفة تنفيذ خط أنبوب الغاز الرابط بين محطة الناظور وخط الغاز المغاربي الأوروبي تصل إلى 273 مليون دولار.
- تكلفة خط الربط بالمحمدية تصل إلى نحو 638.7 مليون دولار.
- تكلفة لإنشاء شبكة فرعية لتزويد منطقتي القنيطرة والمحمدية تصل إلى 42.5 مليون دولار.
وقالت الوزيرة، إن تطوير قطاع الغاز في المغرب يعدّ مدخلًا أساسيًا لجذب الاستثمارات الصناعية، خاصة في ظل الإجراءات المرتقبة المرتبطة بالحياد الكربوني، مما سيسهم في خفض التكاليف وتحقيق تنمية اقتصادية وتوفير فرص عمل مستدامة.
وأوضحت أنه تمّ إعداد تصوّر شامل لتطوير سوق الغاز الطبيعي المسال، يتضمن خريطة طريق لإنشاء البنية التحتية اللازمة، بتنسيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات العامة المعنية، في إطار التزام جماعي بتسريع وتيرة الانتقال الطاقي.
وأكدت المسؤولة المغربية أن مشروع إنجاز واستغلال منصة لاستقبال الغاز المسال، يوجد حاليًا في مرحلة طلب إبداء الاهتمام، التي سوف تنتهي في 23 يوليو/تموز المقبل، مفيدةً بتلقّي عدّة ملحوظات من قبل المستثمرين في هذا القطاع.
واعتمدت المملكة هذا العام برنامجًا لتطوير البنية التحتية للغاز يتضمن إنشاء محطات في المواني، وخطوط أنابيب لنقل الغاز المسال المستورد والمنتج محليًا، ومن المرتقب ربط شبكة الخطوط بأنبوب "الغاز الأفريقي الأطلسي" الذي سيربط نيجيريا بالمغرب مرورًا بـ11 دولة، وصولًا إلى أوروبا.
ويستهلك المغرب سنويًا نحو مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لإنتاج الكهرباء، كما يُستعمل في عدد من الصناعات مثل الفوسفات، وتستورد البلاد أغلب احتياجاتها من الخارج، بينما يُنتَج نحو 100 مليون متر مكعب محليًا من حقول صغيرة.
الهيدروجين الأخضر في المغرب
شددت بنعلي على أن المغرب يعدّ نموذجًا في مجال الهيدروجين الأخضر، إذ يتمتع بإمكانات ضخمة بفضل موقعه الإستراتيجي القريب من أوروبا، بالإضافة إلى البنية التحتية واللوجستية والقدرات الضخمة للطاقات المتجددة والنسيج الصناعي المتطور.
وقالت، إن المغرب بإمكانه أن يصبح مثل المملكة العربية السعودية في إنتاج الهيدروجين الأخضر، مشددةً على أن "عرض المغرب" في مجال الهيدروجين الأخضر سيعطي دفعة قوية للاستثمارات في مجال الطاقات المتجددة، وتحلية المياه، وإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، وتطوير البنيات التحتية، لا سيما المواني ووسائل النقل والتخزين.
وأوضحت الوزيرة -في معرض ردّها عن سؤال شفوي خلال جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس النواب، حول "إجراءات تدعيم جهود المغرب في تعزيز السيادة الطاقية من خلال إنتاج الهيدروجين الأخضر- أن الإجراءات تشمل مجموع سلسلة القيمة، إلى جانب الإطار التنظيمي والمؤسسي، إضافة إلى مخطط للبنيات التحتية الضرورية.
وقالت، إن "عرض المغرب" يوفر فرصًا كبيرة تمنح المستثمرين رؤية واضحة، إذ حُدِّد وعاء عقاري مساحته مليون هكتار، مع توفير 300 ألف هكتار لصالح المستثمرين خلال المرحلة الأولى، موضحةً أن العرض يحدد الإطار التحفيزي المتعلق بالاستثمار والضرائب والجمارك لمواكبة نجاح تنفيذ هذه المشروعات.
وكشفت وزيرة الانتقال الطاقي أنه جرى تسريع وتيرة تفعيل "عرض المغرب"، من خلال اختيار 6 تحالفات استثمارية وطنية ودولية لتطوير 7 مشروعات للهيدروجين الأخضر، تشمل الجهات الثلاث للأقاليم الجنوبية:
- كلميم-واد نون.
- العيون-الساقية الحمراء.
- الداخلة-وادي الذهب.
وشددت على أن ذلك يعكس التزام المغرب بتسريع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتحقيق أهدافه الطاقية المستدامة.
وتهدف المشروعات الـ7 التي اختيرَت إلى تطوير ما يقارب 20 غيغاواط من الطاقة المتجددة (10 غيغاواط من أجهزة التحليل الكهربائي)، وإنتاج نحو 8 ملايين طن من مشتقات الهيدروجين الأخضر، بما في ذلك الأمونيا الخضراء، والوقود الاصطناعي، والصلب الأخضر.
وأكدت بنعلي أن الهيدروجين الأخضر في المغرب يمكن أن يؤدي دورًا رئيسًا في تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية المستوردة وتعزيز السيادة الطاقية، بفضل تطبيقاته المتعددة، بما في ذلك الصناعة الكيميائية، وخاصة إنتاج الأمونيا.
الطاقة المتجددة
شددت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة على أن الحكومة ضاعفت الاستثمارات في الطاقة المتجددة 3 مرات سنويًا، وفي الشبكة الكهربائية 5 مرّات سنويًا
وأشارت إلى أن هذه كلّها مؤشرات تكشف أن المغرب يتجه في مسار الانتقال الطاقي، على أن أحسن مثال على ذلك هو بلورة عرض الهيدروجين الأخضر في المغرب.
ويعمل المخطط الاستثماري لقطاع الكهرباء في المغرب على إضافة 9 غيغاواط من القدرات، باستثمارات تصل إلى 9 مليارات دولار (90 مليار درهم) بحلول 2027، وتستحوذ الاستثمارات في الطاقة المتجددة على نحو 75% منها.
ويُقدَّر إجمالي الاستثمارات في شبكة الكهرباء في المغرب خلال المدة ما بين 2024 و 2030 بنحو 30 مليار درهم (3 مليارات دولار)، دون احتساب الاستثمار المتعلق بخطّ الربط الكهربائي 3 غيغاواط بين جنوب المملكة ووسطها.
وأوضحت بنعلي أن معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة، منذ تأسيسه عام 2011، أنجز أكثر من 70 مشروعًا، وأصدر أكثر من ألف مقال علمي، ووضع أكثر من 40 براءة اختراع، وأسهم في دعم 85 أطروحة دكتوراه، رغم ضعف التمويل، إذ لم يتلقَّ ميزانية منذ سنوات بعد استهلاك آخر تمويل بقيمة 200 مليون درهم.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..