في خطوة تعكس توجه الدولة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية، تتجه مصر بقوة نحو توطين صناعة "الأمونيا الخضراء" كأحد أهم الحلول المستقبلية للتحول للطاقة النظيفة، وتعزيز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة.
وزارة قطاع الأعمال العام تنسق مع شركاتها التابعة للدخول في شراكات محلية ودولية لإنتاج الأمونيا الخضراء
تعمل وزارة قطاع الأعمال العام على التنسيق مع عدد من شركاتها التابعة، خاصة العاملة في مجالات الأسمدة والكيماويات والطاقة، للدخول في شراكات محلية ودولية لإنتاج الأمونيا الخضراء باستخدام الهيدروجين الأخضر المولد من مصادر الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
الشركات التابعة مؤهلة للعب دور محوري في تنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر
وأوضح مصدر مسؤول بقطاع الأعمال، أن الشركات التابعة مثل "النصر للأسمدة" و"كيما أسوان" مؤهلة للعب دور محوري في تنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر، خاصة مع توفر البنية الأساسية والأراضي، وقد تم بالفعل إجراء دراسات جدوى بالتعاون مع مستثمرين أجانب لدخول هذه المشروعات التي تتماشى مع أهداف الدولة في تقليل الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني.
مصر تمتلك ميزة تنافسية في إنتاج الهيدروجين الأخضر
وأردف، أن مصر تمتلك ميزة تنافسية في إنتاج الهيدروجين الأخضر بفضل مصادر الطاقة المتجددة الوفيرة، والبنية التحتية اللوجستية القوية، وموقعها الجغرافي، مما يجعلها مؤهلة لتصدير الأمونيا الخضراء إلى أوروبا وآسيا التي تسعى لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وتُعد الأمونيا الخضراء واحدة من أبرز المشتقات الناتجة عن الهيدروجين الأخضر، وتُنتج عبر عملية تعتمد على التحليل الكهربائي للماء باستخدام مصادر طاقة متجددة مثل الشمس والرياح، ما يجعلها بديلاً صديقًا للبيئة مقارنة بالأمونيا التقليدية التي تُنتج باستخدام الغاز الطبيعي.
توطين الصناعة.. وموقع تنافسي لمصر
الموقع الجغرافي المميز لمصر ووفرة مصادر الطاقة الشمسية والرياح في مناطق مثل خليج السويس وساحل البحر الأحمر والصحراء الغربية، يؤهلها لتكون مركزًا رئيسيًا لإنتاج وتصدير الأمونيا الخضراء إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية، التي تبحث عن بدائل منخفضة الكربون.
وتشهد البلاد بالفعل خطوات تنفيذية ملموسة، حيث تم توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين الحكومة وشركات دولية متخصصة لتطوير مشروعات للهيدروجين الأخضر ومشتقاته، من بينها مشروعات لإنتاج الأمونيا الخضراء في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
أهمية استراتيجية واقتصادية
تلعب الأمونيا الخضراء دورًا محوريًا في مستقبل الصناعات الثقيلة والنقل البحري، إذ يمكن استخدامها كوقود نظيف للسفن، أو كمادة وسيطة لإنتاج الأسمدة الخالية من الكربون، وهو ما يمنحها ميزة تنافسية في ظل تشديد السياسات البيئية العالمية.
كما يُتوقع أن تسهم هذه الصناعة في جذب استثمارات أجنبية مباشرة، وخلق فرص عمل جديدة، فضلًا عن تقليل فاتورة استيراد الوقود الأحفوري، وتحقيق جزء من أهداف مصر في استراتيجية الطاقة 2035، وخطة الحياد الكربوني بحلول 2050.
تحديات التمويل والبنية التحتية
ورغم الفرص الواعدة، لا تزال هناك تحديات تتطلب العمل عليها، أبرزها الحاجة إلى تمويل ضخم لبناء محطات التحليل الكهربائي والبنية التحتية اللازمة للتصدير، بجانب تطوير الكفاءات المحلية والكوادر الفنية المتخصصة في هذا القطاع الناشئ.
يمثل تصنيع الأمونيا الخضراء لمصر فرصة استراتيجية حقيقية لتأمين مستقبلها الطاقي، وتحقيق قفزة نوعية في مجال الاقتصاد الأخضر، لكنها تظل خطوة بحاجة إلى تنسيق واسع بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع الدولي لضمان تحويل هذه الطموحات إلى واقع ملموس