المتنيح القمص مكاري عبد الله.. ومضات في حياة القمص مكاري عبد الله و أستاذ الرياضيات البحتة المعروف بـ “بروفيسور فضل الله”. تولى الدكتور أديب عبد الله فضل الله (الاسم الذي وُلد به القمص مكاري) منصب مساعد في قسم الرياضيات بكلية العلوم في جامعة القاهرة بعد تخرجه من نفس الكلية، حيث تخصص في مادة المتغيرات المركبة “Several Complex Variable”، وهو تخصص يتسم بالصعوبة والتعقيد مما جعل الكثيرين يتجنبونه.
كان “أديب” من المعجبين بالقديس البابا كيرلس السادس، وكان يزور قداسته بشكل متكرر. وفي إحدى الزيارات، فاجأه البابا بعرض سيامته قسًّا، لكن “البروفيسور فضل الله” لم يأخذ هذا العرض على محمل الجد في البداية. ومع تكرار الطلب من القديس، قرر “أديب” الموافقة، حيث شعر أن ذلك يمثل دعوة إلهية، مما أثار دهشة الكثيرين عندما قرر ترك منصبه المرموق كأستاذ جامعي للانخراط في خدمة الكهنوت.
مسيرة القمص مكاري عبد الله
تقدم الأستاذ المساعد في قسم الرياضيات بكلية العلوم في ذلك الوقت باستقالته إلى رئيس القسم، الذي رفض قبولها نظرًا لندرة المتخصصين في المجال العلمي الذي يدرسه. وبعد محاولات لإقناعه بقبول الاستقالة، تم عرض الأمر على عميد الكلية ورئيس الجامعة، اللذين لم يبديا أي اعتراض على حضوره إلى الجامعة مرتديًا زي الكهنوت. ومع ذلك، كان الدكتور أديب متأكدًا من أن الكنيسة لن توافق على هذا الأمر. لكن البابا كيرلس فاجأه بقبول الطلب، مبررًا ذلك بأن “كل هذا لمجد الله…”، وبعد فترة قصيرة، حدد قداسته موعد السيامة في 10 يوليو 1970.
سيامة القمص مكاري عبد الله
انطلق القس مكاري بعد أن تم سيامته على يد المتنيح الأنبا مكسيموس، أسقف القليوبية في ذلك الوقت، لقضاء فترة الأربعين يومًا في دير الشهيد مارمينا العجائبي. وقد تابعه عدد من الصحفيين لإجراء مقابلات معه، كونه أول أستاذ جامعي يدخل الحرم الجامعي ويقوم بالتدريس بالزي الكهنوتي. وقد خصصت جريدة الأهرام نصف صفحة في عددها الصادر في 24 أغسطس 1970 لتغطية هذه المناسبة الفريدة. خلال فترة “الأربعين يومًا” أيضًا، تم منح القس مكاري عبد الله جائزة الدولة التشجيعية و وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى تقديرًا لأبحاثه العلمية، وقد تسلم الجائزتين بعد عودته من الدير.
القمص مكاري عبد الله في اجتماع مجلس الكنائس العالمي
مثل القمص مكاري عبد الله الكنيسة القبطية كعضو في وفودها خلال مناسبات تقديم العزاء لبطريرك إثيوبيا في عام 1970، وكذلك في اجتماع مجلس الكنائس العالمي في عام 1971. بالإضافة إلى ذلك، قام بالسفر إلى العديد من الدول كدارس أو محاضر أو ممثل لمصر في مؤتمرات وندوات علمية متعددة. وقبل مشاركته في أي من هذه الفعاليات، كان يحرص على إقامة القداس الإلهي مع الأقباط في تلك البلدان. كما كان أول من نظم صلوات أسبوع البصخة في باريس خلال إقامته هناك لمدة عام، مما أسهم في تأسيس نواة لإيبارشية الأقباط الأرثوذكس في تلك المدينة.
القمص مكاري عبد الله تولى رئاسة قسم الرياضيات
حصل القس مكاري على درجة الأستاذية في سبتمبر 1973، وفي عام 1976 تولى رئاسة قسم الرياضيات لأكثر من دورة. في سبتمبر 1988، تم تعيينه أستاذًا متفرغًا، كما شغل عضوية مجلس كلية العلوم لعدة دورات. منذ عام 1988، أصبح عضوًا في لجنة الرياضيات بالمجلس الأعلى للجامعات، وفي عام 1978 تم اختياره كعضو في اللجنة العلمية الدائمة لأكاديمية السادات. لديه العديد من الأبحاث المنشورة في أبرز المجلات العالمية، ويُعرف بين رواد الرياضيات العالميين بلقب “بروفيسور فضل الله”.
تكريمه في كلية العلوم بجامعة القاهرة
تم تكريمه في كلية العلوم بجامعة القاهرة كأحد رواد الرياضيات المصريين تقديرًا لإنجازاته وأبحاثه العلمية في 16 مارس 2013. تو في 5 مارس 2013 م رسمه من قبلقداسة البابا تواضروس الثاني قمص و تنيح عن عمر يناهز 92 عامًا في 9 أبريل (شم النسيم) 2018، بعد خدمة كهنوتية استمرت حوالي نصف قرن.
