في قلب الصحراء، وعلى ضفاف البحر الأحمر، تسطّر مصر فصلاً جديداً في ملحمة الطاقة النظيفة، مستعينة بجناحي الرياح والشمس لتطير نحو مستقبل أكثر إشراقاً واستقلالاً في مجال الطاقة، فبين طموحات مبهرة وشراكات عملاقة، تُعيد الدولة تشكيل مزيجها الطاقي، حيث لا تكتفي بمواكبة العصر، بل تصنعه.
قفزت قدرات الدولة في إنتاج الكهرباء من الرياح إلى مستويات غير مسبوقة
في خطوة استراتيجية تُعد الأضخم في تاريخ الطاقة المتجددة بمصر، قفزت قدرات الدولة في إنتاج الكهرباء من الرياح إلى مستويات غير مسبوقة، لترتفع من 755 ميجاوات في عام 2017 إلى 2199 ميجاوات في 2024.
ووفقًا لما أعلنته وزارة الكهرباء، فإن الخطة المستقبلية تستهدف الوصول إلى 13,700 ميجاوات بحلول عام 2030، أي ما يعادل ستة أضعاف الطاقة المنتجة حاليًا.
استغلال طاقة الرياح والشمس
هذا النمو السريع لا يأتي من فراغ، بل يقف خلفه طموح وطني تدعمه استراتيجية طاقة متجددة تهدف لرفع نسبة مساهمة المصادر النظيفة إلى 30% من إجمالي الكهرباء خلال السنوات الخمس المقبلة، وتتركز هذه الاستراتيجية على استغلال طاقة الرياح والشمس، إضافة إلى الاستثمار في تقنيات التخزين الحديثة.
وشهد العام المالي 2024-2025 قفزة ملحوظة في إنتاج الطاقة النظيفة، حيث بلغ إجمالي القدرة المركبة 8.3 جيجاوات بزيادة 22.1% عن العام السابق، بدعم من استثمارات محلية ودولية وتسهيلات حكومية أبرزها "الرخصة الذهبية".
رغم هذا الزخم في مشروعات الرياح، ما زالت الطاقة الكهرومائية تحتل الصدارة بقدرة 4202 ميجاوات، تليها الرياح بـ 3537 ميجاوات ثم الطاقة الشمسية بـ 586 ميجاوات. لكن مع المشروعات الجاري تنفيذها، يُتوقع أن تتجاوز طاقة الرياح كافة المصادر الأخرى.
وتنتشر مشروعات الرياح في مواقع استراتيجية مثل الزعفرانة، رأس غارب، جبل الزيت، وخليج السويس، حيث تعمل شركات كبرى من السعودية، الإمارات، النرويج، ألمانيا، وفرنسا على تنفيذ محطات طاقة بقدرات تصل إلى آلاف الميجاوات، أبرزها مشروع "رياح الخماسين" العملاق في سوهاج، بقدرة تتجاوز 28,000 ميجاوات، ليكون الأضخم على مستوى أفريقيا.
وتهدف الدولة بحلول عام 2030 إلى إدخال أنظمة تخزين كهرباء بسعة 1,900 ميجاوات/ساعة، استعدادًا لتصدير الفائض للأسواق المجاورة. كما تخطط مصر لمزيج طاقة مستقبلي بحلول 2040، حيث تتصدر الطاقات المتجددة المشهد، بنسبة 60% من إجمالي الإنتاج.
تعتزم مصر ضخ استثمارات في مشروعات جديدة بطاقة إجمالية 17.3 جيجاوات
القطاع الخاص سيكون حجر الزاوية في التوسعات القادمة، إذ تعتزم مصر ضخ استثمارات في مشروعات جديدة بطاقة إجمالية 17.3 جيجاوات، منها 11.5 من الرياح و5.8 من الشمس. ومن هنا، تتقدم مصر بخطى واثقة لتحجز لنفسها موقعًا كمركز إقليمي للطاقة النظيفة في المنطقة.