أخبار عاجلة

رسائل سينمائية مبطنة تغيّر العالم.. والحدود تذوب بين الواقع والخيال

رسائل سينمائية مبطنة تغيّر العالم.. والحدود تذوب بين الواقع والخيال
رسائل سينمائية مبطنة تغيّر العالم.. والحدود تذوب بين الواقع والخيال

في عالمٍ يتسارع نحو الغد، لم تعد السينما مجرّد وسيلة للترفيه، بل تحوّلت إلى مصنع خفيّ للأفكار، ومختبر رمزيّ لصياغة المستقبل. الأفلام التي ظنناها يومًا خيالات طموحة أو مبالغات بصرية، باتت تُقرأ اليوم بوصفها رسائل مبطنة، تحمل رؤى حقيقية لما ينتظرنا من تحوّلات تكنولوجية وثقافية وأمنية. واللافت أن هذه الرسائل لم تتلاشَ مع انتهاء العرض، بل استقرّت في أذهان العلماء والمخترعين، وبدأت تتحقّق تدريجيًا، لتعيد تشكيل العالم الذي نعيش فيه.

من الطائرات الذاتية القيادة إلى الروبوتات الناطقة، ومن لوحات التحكّم بالإيماءات إلى نظارات المعارك الذكية، ما كانت تقترحه أفلام مثل Minority Report وIron Man وStar Trek لم يعد من نسيج الخيال، بل بات جزءًا من مشاريع تموّلها حكومات وشركات كبرى. لم تعد المشاهد مجرّد تنبؤات طوباوية، بل أصبحت خرائط تنفيذ يجري تطويرها داخل مختبرات مغلقة ومصانع ذكية وقواعد عسكرية.

روّاد السلطة التقنية الحديثة، أمثال إيلون ماسك، وسام ألتمان، ومارك زوكربيرغ، لم يعودوا مجرّد رجال أعمال طموحين، بل أشبه بمخرجين جدد لعالمنا الواقعي، يستلهمون السيناريوهات التي حفرت في ذاكرتنا البصرية، ويحوّلونها إلى بنى تحتية ومنتجات استراتيجية. شركات مثل Tesla، OpenAI، Anduril، وExowatt، لا تبني فقط أجهزة، بل تعيد صياغة علاقة الإنسان بالتقنية، وتحرّك الحدود بين ما كنا نعتبره واقعًا، وما اعتبرناه يومًا خيالًا.

الهندسة الصلبة، التي كانت لعقود صنفًا ثقيلًا على قلوب المستثمرين، عادت اليوم إلى الواجهة بقوة. فما الذي تغيّر؟ تغيّر المزاج العام بفضل الذكاء الاصطناعي، هذا المسرّع الخارق الذي منح الآلات قدرة على التعلّم، والتفاعل، واتخاذ القرار. من هنا، بدأت مشاريع السينما تجد طريقها إلى الواقع، لأن الآلة باتت تملك “ذهنًا”، وإن كان إلكترونيًا. ما كان مؤثرًا بصريًا فقط، بات الآن جهازًا فعليًا، قادرًا على الحركة والتفاعل والمراقبة والتنفيذ.

ومع تداخل هذه التوجهات التقنية مع التوترات الجيوسياسية، أصبح الخيال السينمائي مادة تدخل في صميم الأمن القومي والتخطيط العسكري. النظارات الذكية في ميدان المعركة، الطائرات المسيّرة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وحتى مشاريع الروبوتات التي تُعدّ لـ”روبوتاكسيات” في مدن مثل أوستن، لم تعد طموحات فردية، بل أدوات سيادية تحرّكها المصالح الكبرى.

غير أن التأثير الأعمق لا يتوقّف عند حدود التكنولوجيا، بل يمس البنية الثقافية للواقع. نحن أمام مرحلة جديدة تذوب فيها المسافة بين الخيال والواقع، بين النص السينمائي والمخطط التنفيذي. لقد أصبح من الصعب التمييز بين “ما هو مصنوع لأجل الشاشة”، و”ما يُصنع الآن ليحكم الشاشة والواقع معًا”.

السينما كانت على الدوام مرآة لعصرها، لكنها اليوم أصبحت مسبارًا للمستقبل، ترسل رسائل مبطّنة تستقر في الذاكرة الجمعية، وتنتظر من يترجمها. ومع كل مشروع جديد يخرج من وادي السيليكون أو من معامل البحث العسكري، تتّضح حقيقة واحدة: أن الخيال لم يعد خيالًا، بل دليل عمل، ومُخطّطًا ثقافيًا عميقًا، يُعيد توجيه التاريخ، ويغيّر شكل الإنسان والآلة والعالم.

فهل كنّا نشاهد أفلامًا، أم كنّا نتلقّى رموزًا لبناء مستقبل بديل؟

وهل ما نعيشه اليوم هو الواقع، أم نسخة مطوّرة من أحلام كُتبت قبل عقود، على ورق سيناريو؟

لقد ذابت الحدود، وانفتح الباب على احتمالات لا نهائية… تقودها رسائل سينمائية مبطّنة، تُغيّر العالم بصمتٍ لا يخلو من الدهشة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بعد طي صفحة البوليساريو .. بنما تلتحق بالدعم الدولي لمغربية الصحراء
التالى البورصة المصرية تربح 10 مليارات جنيه في ختام ...