يشهد الوسط الفني تحولات جذرية في معاييره لاكتشاف المواهب، حيث أصبحنا في زمن تعد وسائل التواصل الاجتماعي منصة رئيسية لصناعة النجوم، ولم يعد الطريق إلى التمثيل مقتصرا على خريجي المعاهد الفنية أو المسرحية، بل باتت الشهرة على "تيك توك" و"يوتيوب" و"فيسبوك" بوابة جديدة لدخول الساحة الفنية، وفي هذا السياق، من جانبه قال الناقد السينمائي مصطفى الكيلاني، لـ "مصر تايمز" مسلطا الضوء على هذا التحول، وموضحا الفوارق بين صانع المحتوى والفنان الحقيقي، ومؤكدًا أن الموهبة تظل العامل الحاسم في الاستمرار والنجاح، بينما يظل "التريند" ظرفا مؤقتا.
الناقد السينمائي مصطفى الكيلاني
أوضح الناقد السينمائي مصطفى الكيلاني أن ما يحدث يعد تطورا طبيعيا للسوشيال ميديا، حيث أثر هذا التطور حتى على الصحافة نفسها، وقال: “عندما أنشر موضوعي على صفحتي الشخصية، فإنه يحظى بقراءة أوسع من الجرنال، وذلك لأن لدي نحو تسعة وعشرين ألف متابع على حسابي الشخصي، فضلا عن المتابعين في الصفحات الأخرى”.
تابع الكيلاني حديثه قائلًا إن المشهد قد تغيّر كليّا، فنحن نعيش الآن في عصر جديد، وأوضح أن هناك فارقا واضحًا بين البلوجر، والتيك توكر، واليوتيوبر، مشيرًا إلى أن أغلب من يتجهون للتمثيل حاليًا يأتون من منصة "تيك توك".
وأشار إلى مثال اليوتيوبر الشهير أحمد الغندور "الدحيح"، الذي كان من المفترض أن يشارك في مسلسل "الصفارة" إلى جانب الفنان أحمد أمين، لكنه تراجع بعدما أدرك أن التمثيل يتطلب مهارات خاصة وأنه ليس بالأمر السهل، ورغم ذلك هناك العديد من صناع المحتوى على "التيك التوك" بدأوا في دخول مجال التمثيل، بينما لم تتح الفرصة لكثير من الفنانين الحقيقيين، ما دفعهم إلى اللجوء إلى هذه المنصات الرقمية.
وضرب مثالا باليوتيوبر أحمد رمزي، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية وممثل محترف، حيث لاقى الفيديو الأخير له ملايين المشاهدات، وأوضح أن رمزي، رغم خلفيته الفنية، لم يحصل على فرص كافية في الوسط الفني فاتجه إلى "اليوتيوب" و"الفيسبوك" و"التيك توك"، وأصبح اليوم أكثر شهرة من كثير من الممثلين المعروفين، وشارك في الفيديو مع كبار النجوم مثل هشام ماجد، وويجز، وجيهان الشماشرجي، وأحمد الفيشاوي، إلى جانب المنتج جمال العدل.
أشار الكيلاني إلى أننا أصبحنا نتحدث عن نوع جديد من الفنون، موضحا أن الأمر لا ينطبق على الجميع كما هو الحال مع أحمد رمزي، فبينما يقدم البعض محتوى ذا جودة فنية، هناك آخرون يصنعون محتوى ضعيفا أو سيئا، ويصبحون في كثير من الأحيان مادة للسخرية من قبل صناع محتوى "الفيديو الريأكت" على منصات الفيديو، مثل أحمد مجدي، وأحمد حسن، وإياد الموجي، أن هذه النوعية من المحتوى تعد مادة ثرية لأولئك الباحثين عن تحقيق نسب مشاهدة عالية على السوشيال ميديا.
وتابع الكيلاني أن بعض صانعي محتوى "التيك توك" حاولوا الدخول إلى عالم التمثيل، مثل محمود السيسي الذي شارك في مسلسل مكتوب عليا، إلا أنه لم يلق تفاعلا من الجمهور،وأشار إلى أن هناك حالات مشابهة كثيرة حاولت خوض التجربة نفسها، لكن الحظ لم يكن حليفهم.
وأوضح الكيلاني أن هناك فئة من صانعي المحتوى سيستمرون في الساحة الفنية، لأنهم يمتلكون موهبة حقيقية، مستشهدا بالنجم أحمد أمين، الذي يعد نموذجًا ناجحا لذلك، فهو ممثل موهوب، وكاتب محتوى متميز للأطفال، كما شغل منصب رئيس تحرير لمجلة أطفال، ويتمتع بتعدد في المواهب، ومع ذلك لم يعرف على نطاق واسع إلا من خلال منصات التواصل الاجتماعي.
وأكد الكيلاني أن من يمتلك الموهبة سيستمر، بينما من يفتقر إليها، سيظهر فقط لفترة قصيرة كجزء من "التريند"، ثم يختفي بعد استغلاله مؤقتا.
كما شدد على أن وجود صانعي المحتوى في الأعمال الفنية لا يعد عاملا حاسما في نجاح هذه الأعمال، بل إن تأثيرهم في التسويق لم يعد كما كان في السابق، وضرب مثالًا بفيلم سيكو سيكو، الذي شارك فيه مؤمن الحناوي، مشيرًا إلى أن الجمهور رأى أن وجوده لم يُضف للعمل شيئًا، بل كانت مشاهده ضعيفة ولم تنل إعجاب المتابعين.
وأضاف الكيلاني بأن هناك عددا كبيرا من صانعي المحتوى يمتلكون موهبة حقيقية، إلا أنهم لا يعرفون كيف يستثمرونها بالشكل المناسب، وأوضح أن منصة "تيك توك" تضم العديد من الأصوات المصرية الجميلة التي تقدم أداء غنائيا رائعا، لكنها لا تجد فرصة حقيقية.
واستطرد قائلا أن كثيرين من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية لا يحصلون على الفرص التي يستحقونها، مؤكدا في الوقت ذاته أن التمثيل لا يقتصر على خريجي المعهد فقط، بل إن الموهبة تظل هي الأساس، مثل الزعيم عادل إمام والنجم سمير غانم، اللذين لم يتخرجا من المعهد بل كانت بدايتهما من خلال مسرح الجامعة.
وتطرق في الحديث إلة أنه هناك مجموعة من النجوم الذين تخرجوا من "مركز الإبداع الفني" تحت إشراف المخرج خالد جلال، ولم يكونوا من خريجي المعهد، مثل تايسون، ومحمد ثروت، ومحمد فراج، ومحمد سلام، وغيرهم، ممن بدأوا مشوارهم من مسرح الجامعة أو المدرسة، واستطاعوا أن يثبتوا أنفسهم في الوسط الفني.
واختتم الكيلاني بالتأكيد على أن الموهبة هي الأساس وهي التي تفرض نفسها في النهاية.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.