في خطوة لافتة تؤكد التزام الاتحاد الأوروبي بتعزيز بنيته الدفاعية في ظل التهديدات الجيوسياسية المتصاعدة في شرق أوروبا، أعلن بنك الاستثمار الأوروبي (EIB) عن تخصيص قرض بقيمة 540 مليون يورو لتمويل بناء قاعدة عسكرية جديدة في ليتوانيا، جنوب العاصمة فيلنيوس.
ويأتي هذا القرض في سياق تصاعد الاهتمام الأوروبي بالبنية التحتية الدفاعية، خاصة مع التوترات المستمرة على الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، والقلق المتنامي من السياسات الروسية في المنطقة.
رسائل استراتيجية في زمن التحول الأمني
وأوضح بيان البنك الصادر من لوكسمبورغ أن المشروع يُعد أحد أكبر الاستثمارات العسكرية في البنية التحتية الأوروبية، ويهدف إلى تعزيز قدرة ليتوانيا على استقبال ونشر القوات الحليفة، وتحسين جاهزية الجيش الوطني.
ويأتي ذلك في إطار ما وصفه البيان بـ"الرد الأوروبي الجماعي لضمان أمن القارة وتحصينها ضد المخاطر العسكرية"، في إشارة إلى الدور المتزايد للبنك كمموّل رئيسي للمشروعات ذات الأبعاد الاستراتيجية.
دور بنك الاستثمار الأوروبي يتسع ليشمل الأمن والدفاع
وتُعد هذه هي المرة الأولى التي يمول فيها البنك قاعدة عسكرية بهذا الحجم، ما يمثل تحوّلًا في سياسات التمويل الأوروبية التي كانت تركّز تاريخيًا على البنية التحتية المدنية والاقتصادية. ولكن مع الحرب في أوكرانيا، بدأ الاتحاد الأوروبي في إعادة تعريف أولويات التمويل، لتشمل قطاعات الأمن والدفاع.
كما أكد البنك أن هذه الخطوة تأتي ضمن جهود تعزيز مرونة دول البلطيق، وزيادة قدرة أوروبا على الاعتماد على نفسها في الدفاع، من خلال إنشاء بنى تحتية يمكن استخدامها من قبل القوات الأوروبية والأطلسية على حد سواء.
ليتوانيا: خط الدفاع الأمامي
تُعد ليتوانيا إحدى الدول الأمامية في مواجهة النفوذ الروسي، وتشترك في حدود مباشرة مع بيلاروسيا، الحليف الرئيسي لموسكو. وقد صرحت الحكومة الليتوانية مرارًا بأنها تسعى إلى تعزيز جاهزية قواتها وزيادة استيعابها لوحدات الناتو، تحسبًا لأي طارئ في المشهد الأمني الأوروبي.
ومن المتوقع أن تشمل القاعدة الجديدة مرافق عسكرية متطورة تشمل منشآت تدريب ومساكن عسكرية ومستودعات لوجستية ونقاط استقبال للقوات الأجنبية، وهو ما يعكس تنسيقًا متقدمًا بين الحكومات الأوروبية وحلف الناتو.
مؤشرات على تحول جذري في التمويل الأوروبي
يمثل هذا التمويل نقلة نوعية في عمل بنك الاستثمار الأوروبي، حيث يتوسع دوره ليشمل القطاعات الأمنية والعسكرية، بما يتوافق مع التوجهات الجديدة للاتحاد الأوروبي في بناء "أوروبا الجيوسياسية"، التي لا تقتصر على الاقتصاد والطاقة فقط، بل تشمل كذلك القدرات الدفاعية والردعية.
كما يأتي ذلك في وقت يشهد فيه العالم تحولات عميقة في مفاهيم الأمن الجماعي، حيث بات التمويل أحد أذرع السيادة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.