في خطوة تعد من أكبر التحولات الاقتصادية منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أعلنت حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر عن إطلاق استراتيجية صناعية وطنية طويلة الأمد تمتد لعشر سنوات، تهدف إلى إعادة بناء القاعدة الصناعية البريطانية وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام وسط تحديات الطاقة والتضخم والاضطرابات الجيوسياسية.
وتأتي هذه الخطة ضمن حزمة حكومية شاملة أُطلق عليها اسم «خطة التغيير»، حيث تسعى لندن إلى دعم القطاعات ذات الأولوية، وخلق فرص عمل، وتقليل الاعتماد على العمالة الأجنبية، من خلال الاستثمار في الإنسان البريطاني وبناء اقتصاد أكثر مرونة واعتمادًا على القدرات الوطنية.
استثمارات استراتيجية بمليارات الجنيهات
خصصت الحكومة أكثر من 1.5 مليار جنيه إسترليني حتى الآن لدعم تطوير المهارات، وتعزيز الصناعات الإبداعية، وتنظيم الفعاليات الرياضية الكبرى، وفقًا لما نقلته وكالة "رويترز".
وأعلن وزير الأعمال البريطاني جوناثان رينولدز، اليوم الأحد، عن تخصيص 275 مليون جنيه إضافية لبرامج تدريب تستهدف آلاف البريطانيين في وظائف مستقبلية حيوية، مثل الهندسة والدفاع، مؤكدًا أن هذه الاستراتيجية تمثل تحوّلًا في فلسفة التنمية: "نريد إنهاء الاعتماد المفرط على العمالة الأجنبية وضمان حصول المواطنين البريطانيين على وظائف ذات دخل جيد في صناعات المستقبل".
دعم القطاعات الإبداعية والدفاعية والرياضية
وفي إطار التوسع في الاستثمار في القطاعات ذات العائد الاقتصادي العالي، أعلنت الحكومة عن:
- 380 مليون جنيه لدعم القطاعات الإبداعية من السينما إلى ألعاب الفيديو؛
- 900 مليون جنيه لتحديث البنية التحتية الرياضية وتنظيم فعاليات كبرى؛
- تمويل إضافي للقطاعات الدفاعية والصناعات التكنولوجية المتقدمة استجابة للمتغيرات الجيوسياسية ومخاطر الأمن القومي.
يُذكر أن رئيس الوزراء ستارمر كان قد تعهّد في فبراير 2025 بزيادة كبيرة في الإنفاق الدفاعي، استجابة لدعوات أميركية بتعزيز القدرات الأمنية الأوروبية في مواجهة التهديدات الروسية والهجمات السيبرانية المتزايدة.
أزمة الطاقة: التحدي الأكبر أمام الصناعة البريطانية
رغم هذه التحركات الطموحة، لا تزال أزمة تكاليف الطاقة تهدد فعالية الاستراتيجية الجديدة. فقد أشار تقرير حديث صادر عن اتحاد الصناعات التصنيعية "ميك يو كيه" إلى ضرورة إجراء إصلاحات جذرية في تسعير الطاقة، من ضمنها تخفيض تكاليف الشبكة وتقديم برامج دعم موجهة للقطاعات المتضررة.
وفي هذا السياق، أعلنت وزيرة المالية رايتشل ريفز خلال مراجعة الإنفاق الأخيرة عن تخصيص 10 مليارات جنيه للاستثمار في البنية التحتية الخضراء ومشروعات إزالة الكربون من الصناعة، إلى جانب تأسيس "مجلس الاستراتيجية الصناعية البريطانية" للإشراف على تنفيذ السياسات وتحقيق التوافق بين الأطراف المعنية.
ما بعد بريكست: إعادة هيكلة اقتصادية أم اختبار للثقة؟
تأتي هذه المبادرات في ظل تباطؤ معدلات النمو وارتفاع الدين العام في مرحلة ما بعد "بريكست"، حيث باتت الحاجة ماسة إلى تحفيز اقتصادي قوي يعيد ثقة المستثمرين، ويحفز الإنتاج المحلي، ويحد من هشاشة سلاسل الإمداد.
ويرى خبراء أن نجاح الخطة يعتمد على مدى قدرة الحكومة على تنفيذ هذه البرامج ضمن إطار زمني واضح وقابل للقياس، وعلى إشراك القطاع الخاص بشكل فعّال، مع توفير بيئة تشريعية وتنظيمية جاذبة.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.