أخبار عاجلة

رئيس "هيئة النزاهة" يحذر من تربص الفساد بالأمن الصحي للمغاربة

رئيس "هيئة النزاهة" يحذر من تربص الفساد بالأمن الصحي للمغاربة
رئيس "هيئة النزاهة" يحذر من تربص الفساد بالأمن الصحي للمغاربة

قال محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، إن الأخيرة “لا تؤسس فقط لمرحلة تشخيص الأعطاب، بل لمرحلة أكثر عمقا والتزاما، نستطيع من خلالها صياغة التزامات ومسارات عملية واضحة للتغيير، لأننا على يقين أن مشروع إعداد خارطة لمخاطر الفساد في قطاع الصحة يشكل لبنة معرفية ومنهجية أساسية لرصد مواطن الفساد، وتحديد أسبابه، وتقدير تواتره وشدته، وتقديم مبادئ توجيهية وحلول ملموسة للحد منه”.

بنعليلو، متحدثا في كلمة مطولة بحضور سفير النرويج بالمغرب والكاتب العام لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، قال أثناء افتتاح ورشة عمل حول “مخاطر الفساد في قطاع الصحة: سلسلة القيمة الخاصة بالمنتجات الطبية والقطاع الطبي الخاص”، انطلقت أشغالها اليوم الثلاثاء بالرباط، إن “الهدف من هذه الخارطة ليس فقط علميا أو تقنيًا بحتا، بل مشروع للدفاع عن الأمن الصحي للمواطن المغربي، وعن ثقته في مؤسسات بلده”، مشددا على أن “الدورة التكوينية محطة تأسيسية لوعي جماعي جديد، يُحملنا جميعًا-دولة ومجتمعًا ومهنيين وباحثين-مسؤولية مضاعفة في جعل النزاهة الطبية والصحية ركيزةً من ركائز العدالة الاجتماعية”.

وتابع: “ما نقوم به اليوم لا يتعلق فقط ببناء خارطة لمخاطر الفساد، بل هو سعي لبناء مناعة مؤسساتية طويلة المدى، فكما أن الجسد يواجه الفيروسات بمناعة بيولوجية، فإن النظام الصحي يواجه الفساد بمناعة سياسية، مؤسساتية وتشاركية”.

وخاطب المشاركين قائلا: “إننا نثمن عاليًا هذا الورش التكويني، الذي لا يُمثل فقط لحظة تعليم، بل مساحة للجرأة والإصلاح والتفكير المشترك، تشرف عليه الهيئة الوطنية للنزاهة، بتعاون مع شركاء وطنيين ودوليين، من أجل وضع مبادئ توجيهية وخطة عمل قابلة للتنفيذ، تراعي طبيعة المخاطر، شدّتها ووتيرة تكرارها”.

“إعادة قراءة للوضع”

وفي معرض كلمته، قال رئيس “هيئة النزاهة” إن “الاختلاف كثيرا ليس حول ما يحمله الإدراك العام للمواطنين من صور غير مرضية حول الموضوع، كما قد لا نختلف حول مجموعة من الجهود المبذولة لتغيير هذه الصورة النمطية أحيانا”، موردا في السياق أن “كلاً من جهته، من زاوية اهتمامه وتدخله، مطالَبٌ بإعادة قراءة الواقع الصحي في البلاد، ورصد ما ترسخ من ممارسات ماسة بشروط النزاهة، وتحديد مواطنها، وما تقتضيه المعايير الدولية من تدخل لتداركها”.

واعتبر بنعليلو أن “الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها قدَرُها أن تسمي الأشياء بمسمياتها، وأن تجتهد وأن تبحث عن أفضل الممارسات، وأن تقترح حلولا مبتكرة واضحة، وأن تنادي إن اقتضى الحال بما يتطلبه الأمر من تعديلات تشريعية أو تنظيمية لتجاوز ما قد يظهر، أو ما قد يكون حقا من خلل، بشكل منهجي واضح وبأهداف معلنة”.

وفي حديثه عن موضوع الدورة الحالية، أبرز أن “المداخل متعددة (…)، لكننا قررنا أن نبدأ بمجاليْن مركزيين في منظومتنا الصحية، ليكونا منطلقا لعملنا، هما: سلسلة القيمة الخاصة بالأدوية والمنتجات الطبية، إذ تظل مخاطر التلاعب والتزوير والمحسوبية والفساد قائمة رغم كل المجهودات المبذولة، ثم القطاع الصحي الخاص”، ذاكراً أنه “تطور بشكل مهم للغاية غير أن بعض الثغرات التنظيمية ومحدودية آليات المراقبة خلقت بيئة مواتية أحيانا لنشوء بعض الممارسات غير النزيهة مثل الفوترة الوهمية، والتدخلات غير الضرورية”.

ويُنتظَر أن يكون “مسار المريض” ضمن المرحلة القادمة في هيكلة المشروع ومعالجة مخاطر الفساد في القطاع الصحي، وفق ما كشفه بنعليلو ضمن كلمته.

“الفساد يقوّض التغطية الصحية”

من منظور أعم، وفي تقدير رئيس الهيئة، فإنه “مِن المسلّم به عالميًا أن الفساد في النظم الصحية لا يُضعف ثقة المواطنين في مؤسسات الدولة فحسب، بل يقوّض القدرة الجماعية على تحقيق التغطية الصحية الشاملة (UHC) ويُهدد الأمن الصحي الوطني”.

واستدل في هذا السياق بـ”تقديرات منظمة الشفافية الدولية بأن 7% من الإنفاق الصحي العالمي يُفقد بسبب الفساد،” فيما تعدُّ منظمة الصحة العالمية الفساد أحد “المخاطر النظامية التي تعرقل تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مجال الصحة”.

وبالتالي، خلص بنعليلو إلى أن “الحديث عن الفساد في قطاع الصحة ليس حديثًا عن خلل جزئي أو عن مظاهر معزولة، بل هو نقاش عميق يتعلق بكيفية إدارة حياة الإنسان نفسها، كحق أساسي غير قابل للمساومة، فهو يجمع بين شروط ولادة صحية، وتنشئة سليمة تراعي حاجة الإنسان للدواء والرعاية الطبية، وحقه في العلاج بكرامة”، بتعبيره.

وزاد شارحا: “لسْنا في معزل عن هذا التصور العام؛ بحيث أظهرت بوضوح الدراسة المسحية التي قامت بها الهيئة أن الصحة تمثل مطلبا وانشغالا رئيسيين لنسبة معتبرة من المواطنين المغاربة”، مجددا التنبيه إلى أن “هذه المطالب تصطدم في كثير من الأحيان بعوائق الرشوة، وضعف الجودة، وتداخل المصالح، والتمييز الخفي في الولوج للعلاج (…)”.

وبيّن أن “فتح هذا الورش التكويني المتخصص، لا يعني إطلاقا فقط لدينامية تقنية أو تشاورية، بل نُعبّر – بصوت مرتفع وواضح – عن التزام سياسي وأخلاقي جماعي، من أجل الدفاع عن أحد أقدس الحقوق التي يكفلها الدستور ويطالب بها المواطن المغربي كل يوم: إنه الحق في الولوج العادل والمنصف إلى خدمات الصحة والتطبيب، بعيدا عن كل مظاهر الفساد والانحراف والتمييز”.

واستحضر ضمن حديثه “بيانات الدراسات والتقارير ذات الصلة حول تمثُّل المغاربة لأثر الفساد أمام ولوجهم إلى خدمات صحية جيدة”، مجددا التأكيد على “حرصنا الجماعي على عدم مقبولية هذا الوضع، خاصة حينما نأخذ بعين الاعتبار أن واحدا من كل خمسة مواطنين مستجوبين في الدراسة التي أنجزتها الهيئة يعتبر الصحة أولوية قصوى، وأن نسبة ممن تواصلوا مع المنظومة الصحية ربما اضطرّوا بشكل من الأشكال إلى دفع رشاوى أو طُلب منهم ذلك”.

وختم بالقول: “إنّ جهودنا الجماعية وحدها قادرة على أن تجعل من الوقاية من الفساد لا مجرد التزام قانوني، بل معيارًا يوميًا لنجاعة السياسات، ونقطة ارتكاز لمجتمع تكون فيه الصحة حقًا مضمونًا، لا مجرد امتياز، ويكون فيه الفساد استثناءً محاربًا، لا قاعدة صامتة”.

وعلى مدى يومي 17 و18 يونيو الجاري، تعقد الهيئة الوطنية للنزاهة، بالتعاون مع وزارة الصحة وسفارة مملكة النرويج بالرباط و”مركز البحث في مجالات الحكامة”، ورشة عمل تكوينية تنصب على مجالَي “سلسلة القيمة الخاصة بالمنتجات الطبية، والقطاع الطبي الخاص”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق خطة عاجلة للتوسع في انتاج الحديد المقاوم للزلازل ...
التالى حضرت احتفالية.. محامي نوال الدجوي يرد على تحدي الخصوم: "الدجوي في كامل قواها العقلية