يتواصل الجدل في صفوف الفلاحين بعدد من المناطق بالمغرب، على إثر دخول قرارٍ مشترك وقّعه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات والوزير المنتدب المكلف بالميزانية حيّزَ التنفيذ. ويقضي مضمون هذا القرار المشترك بوقف الإعانة المالية الخاصة بزراعة البطاطس والبصل والطماطم، بعد موسمين من اعتمادها.
ويدفع فلاحون مغاربة في الوقت الراهن بأن “وقف العمل بهذا الدعم، الذي كان يُصرف حسب عدد الهكتارات المزروعة، من شأنه أن يخلق مشاكل في الإنتاج، بدءا من الموسم الفلاحي المقبل، إذ سيلجأ البعض إلى تقليص إنتاجيتهم، بما سيؤثر بشكل مباشر على المنتجات المخصصة للتسويق الوطني”.
أما “حماة المستهلك” فيرون أن “الدولة مدعوة إلى إعادة النظر في كل مبادراتها الخاصة بدعم بعض القطاعات الإنتاجية، إذ من المفروض الحرص على استفادة المستهلكين المغاربة من نجاعة هذا النوع من المبادرات؛ حتى لا يتحول إلى دعمٍ للتصدير”.
وقال موحا أرشون، أمين الفلاحين بمنطقة كيكو بإقليم بولمان، إنه “يجب أن تتم إعادة النظر في هذا القرار الذي يلغي الدعم الاستثنائي للخضراوات، والذي كنا نعوّل عليه كفلاحين لمواصلة الإنتاجية الموسمية من الخضراوات. وقد استفدنا منه على مستوى المنطقة لموسم فلاحي واحد”.
وأوضح أرشون، في تصريح لهسبريس، أنه “إنتاج البصل وتسويقه سيعرف مجموعة من المشاكل خلال المستقبل القريب، بعدما عمد فلاحون إلى تقليص مساحات مزروعاتهم إلى النصف أو أكثر”، موردا أن “المناطق الفلاحية الجبلية، بالتحديد، تحتاج إلى العناية بشكل كبير”.
وجوابا منه عن سؤال لهسبريس حول “عدم ملامسة المغاربة للآثار المباشرة لهذا الدعم خلال الموسمين الفلاحيين الأخيريْن”، لفت المهني ذاته إلى أن “المُنتجات الفلاحية يجب أن تصل إلى المواطنين بأثمنة معقولة، وليس بأثمنة مغايرة لنظيرتها المتداولة على مستوى الضيعات”، مستدركا: “لكنّ مواكبة عملية التسويق بكاملها ليست من اختصاصاتنا؛ لأن ذلك يجب أن يكون من صميم عمل هيئات مختصة محددة”.
وسار عبد الجليل ضريف، نائب الكاتب العام لجمعية الفلاحين المتحدين بجهة سوس ماسة، على المنوال نفسه، مؤكّدا أن “نشاط الفلاحين بالمغرب يعتمد بشكل كبير على مختلف أنواع الدعم المقدم من لدن الدولة، لا سيما فيما يتعلق بالشتائل والبذور”.
وقال ضريف لهسبريس: “في ظل مثل هذه الظروف، فإن الفلاحين سيتشجّعون لتقليص مساحاتهم المزروعة؛ مما سيؤدي إلى تراجعٍ في الانتاجية، لا سيما إذا تعلق الأمر بالطماطم التي تبقى مُنتجا مكلّفاً، لا سيما من ناحية توفير الأدوية الخاصة بعلاج الطفيليات”.
في مقابل ذلك، اعتبر نور الدين حمانو، رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقه، أن “فلسفة الدولة في دعم مجموعة من القطاعات والأنشطة تبقى عشوائية، بما يوجب إعادة النظر في هذه المسألة بشكل جدّي”.
وفي الوقت الذي لم ينفِ التأثير المرتقب لوقف صرف الدعم الاستثنائي لموسم فلاحي ثالثٍ، أكد حمانو لهسبريس أن “الإشكالية المطروحة هو أن نسبة معينة من الخُضر المُنتَجة بالمغرب والحاصلة على دعم الدولة يتم تصديرها إلى الخارج، أي يستفيد منها مستهلك أوروبي أو إفريقي”، مفيدا أيضا بأن “آثار هذا النوع من الدعم لا تصل إلى المستهلك المغربي كما يجب”.
ودعا رئيس الجمعية المغربية لحماية المستهلك والدفاع عن حقوقه إلى “التفكير في أنماط من الدعم تكون ذات وقع إيجابي على المستهلك المغربي والفلاح وكذا أسواق الخضر والفواكه؛ وهو ما يرتبط أيضا بوقف المضاربة وإعادة هيكلة أسواق البيع للجملة”.