أطلقت إيران صباح السبت دفعات جديدة من الصواريخ على إسرائيل ردا على الضربات الجوية الإسرائيلية غير المسبوقة التي استهدفت مواقع نووية وعسكرية على الأراضي الإيرانية، ما يزيد مخاوف التصعيد في المنطقة.
وقتل 3 إسرائيليين وأصيب 172 بجروح مختلفة، ولحق دمار بمناطق مختلفة، في 6 موجات من الهجمات الصاروخية الإيرانية التي ضربت إسرائيل منذ مساء الجمعة.
وأفادت هيئة البث العبرية بأن إسرائيليين اثنين قتلا وأصيب آخرون 3 منهم جراحهم خطيرة جراء صواريخ إيرانية أصابت عدة مبان في جنوب مدينة تل أبيب (وسط) في موجات القصف الرابعة والخامسة والسادسة.
وفيما دوت انفجارات قوية جديدة في طهران خلال الليل، عاش سكان إسرائيل ولا سيما منطقة تل أبيب منذ الجمعة على وقع صفارات الإنذار والدعوات للتوجه إلى الملاجئ مع إطلاق طهران صواريخ على الدولة العبرية ردا على الضربات الموجهة إليها.
وأكدت إيران استهداف “قواعد” و”بنى تحتية عسكرية” إسرائيلية.
وقال سفير إسرائيل في الولايات المتحدة يحيئيل لايتر لشبكة “سي إن إن” إن إيران أطلقت “حوالى 150” صاروخا بالستيا على ثلاث دفعات منذ الجمعة، مشيرا إلى أنه من غير المتوقع أن تتوقف عمليات إطلاق الصواريخ إذ تملك الجمهورية الإسلامية منها ترسانة تقارب ألفي صاروخ.
وأفادت أجهزة الإطفاء الإسرائيلية مساء الجمعة عن “عدة حوادث كبرى” في محيط تل أبيب، كبرى مدن وسط البلاد، فيما أظهرت مشاهد التقطتها وكالة فرانس برس في وسط المدينة الساحلية دخانا ونيرانا ترتفع من مبنى سكني أصيب بانفجار في أسفله أحدث فيه فجوة واسعة.
وروى شين غابيزون (29 عاما) لفرانس برس أنه هرع إلى الملجأ تحت الأرض في المبنى المستهدف بعدما سمع صفارات الإنذار، موضحا “بعد بضع دقائق، سمعنا انفجارا قويا جدا وكان كل شيء يهتز. دخان، غبار، كان كل شيء مبعثرا” مضيفا “كانت لحظات مروعة حقا، آمل بصدق أن يكون الجميع بخير”.
– “إعلان حرب” –
وأطلقت إسرائيل فجر الجمعة هجوما واسع النطاق على إيران استهدف أكثر من مئتي موقع عسكري ونووي وأسفر عن مقتل كبار القادة العسكريين وعلماء نوويين إيرانيين، مؤكدة امتلاك معلومات استخباراتية تفيد بأن البرنامج النووي الإيراني شارف “نقطة اللاعودة”.
وأسفر الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف أيضا مبان سكنية عن سقوط 78 قتيلا وأكثر من 320 جريحا بينهم “غالبية كبرى من المدنيين” بحسب سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الأمم المتحدة أمير إيرواني.
في المقابل، قال لايتر إن الضربات الإيرانية أسفرت عن “حوالى أربعين جريحا وتوفيت امرأة”.
ونفذت إسرائيل هجومها بعد تزايد الضغوط على إيران التي يشتبه الغربيون وإسرائيل بسعيها لحيازة السلاح النووي، ما تنفيه طهران متمسكة بحقها في برنامج نووي مدني.
ويأتي الهجوم أيضا قبل يومين من موعد جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران حول برنامجها النووي مقرّرة الأحد في عُمان، إلا أن مصير هذه المحادثات بات مجهولا.
وبالرغم من دعوات الأسرة الدولية إلى خفض التصعيد، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بأن “المزيد آت”، فيما ندد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بـ”إعلان حرب”.
– دخان قرب مطار مهر آباد –
وفي طهران، أفادت وسائل الإعلام المحلية صباح السبت عن انفجار قرب مطار مهر آباد في غرب العاصمة. وشاهد صحافي في وكالة فرانس برس تصاعد نيران ودخانا كثيفا في منطقة المطار.
وقبل ذلك سمع دوي انفجارات قوية في مواقع أخرى من العاصمة فيما أوردت وكالة إرنا الرسمية تفعيل الدفاعات الجوية للتصدي لضربات إسرائيلية جديدة.
كما أعلن التلفزيون الرسمي الإيراني أن القوات الايرانية “أسقطت مسيرات إسرائيلية انتهكت المجال الجوي للبلاد في منطقة سلماس الحدودية” مضيفا أن “المسيرات دخلت المجال الجوي الإيراني في مهام تجسس واستطلاع”.
وكتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة على إكس “قصف إسرائيلي لمواقع نووية إيرانية. ضربات صاروخية إيرانية على تل أبيب. كفى تصعيدا، حان الوقت لكي يتوقف ذلك. يجب أن يسود السلام والدبلوماسية”.
وفي المساء، تجمع حشد في وسط طهران هاتفا “الموت لإسرائيل، الموت لأميركا”.
وفرغت الشوارع ليلا في وسط العاصمة باستثناء طوابير الانتظار أمام محطات الوقود.
– نتانياهو يحذر –
وحذر نتانياهو الإيرانيين في رسالة مصورة من ترقب المزيد من الضربات وحضهم على التمرد على “النظام القمعي والشرير”، مؤكدا أن بلاده تشنّ “إحدى أكبر العمليات العسكرية في التاريخ”.
وأعلن “خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، قضينا على كبار القادة العسكريين، العلماء النوويين البارزين، أهم منشآت النظام لتخصيب اليورانيوم، وقسم كبير من ترسانة صواريخه البالستية”،
وأعلن الجيش الإسرائيلي “تدمير” منشأة نووية في أصفهان بوسط إيران الجمعة، فيما أفادت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن الأضرار التي لحقت بهذا الموقع وبموقع فوردو النووي في جنوب طهران “محدودة”.
كما أعلنت إسرائيل أنها ضربت قاعدتين عسكريتين في غرب إيران، مؤكدة كذلك “تدمير” قاعدة تبريز (شمال غرب).
وذكر التلفزيون الرسمي الإيراني أن مركز تخصيب اليورانيوم في نطنز (وسط) استهدف “عدة مرات”، وبث مشاهد لدخان كثيف يتصاعد من المنشآت.
وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية نقلا عن معلومات إيرانية أن القسم فوق الأرض من المنشأة “دمر” غير أنه لم يسجل أي ارتفاع في مستوى الإشعاع فيها.
– “أكثر عنفا” –
أسفرت ضربة إسرائيلية فجر الجمعة عن مقتل قادة عسكريين إيرانيين كبار، من بينهم رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة محمد باقري، وقائد الحرس الثوري الإسلامي حسين سلامي، وقائد القوة الجوفضائية للحرس أمير علي حاجي زاده ورئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة محمد باقري وستة من علماء البرنامج النووي الإيراني.
وحض الرئيس الأميركي دونالد ترامب إيران على “إبرام اتفاق” حول ملفها النووي محذرا بأن الضربات التالية ستكون “أكثر عنفا”، وذلك بعدما أجرى مكالمة هاتفية الجمعة مع نتانياهو.
وكانت إيران هددت الأربعاء بضرب قواعد عسكرية أميركية في الشرق الأوسط في حال اندلاع نزاع بعد تعثر المفاوضات حول الملف النووي بين طهران وواشنطن.
ويعود آخر هجوم إسرائيلي على إيران إلى تشرين الأول/اكتوبر 2024 عندما نفذت الدولة العبرية ضربات جوية على أهداف عسكرية ردا على إطلاق حوالى 200 صاروخ إيراني على أراضيها.
في مؤشر إلى القلق المخيم في المنطقة، قامت شركات طيران عديدة بالغاء عشرات الرحلات أو تحويل مسارها، فيما سجلت أسعار النفط ارتفاعا حادا.