عاد القلق ليخيّم مجددًا على جماهير المنتخب الإيطالي، بعد سقوط ثقيل أمام النرويج بثلاثة أهداف دون رد في افتتاح مشوار التصفيات الأوروبية المؤهلة لكأس العالم 2026، هزيمة لم تكن مجرد تعثر عابر، بل جرس إنذار يؤكد أن أزمة الآزوري لم تُحل بعد، بل ربما تزداد تعقيدًا، فقد بات المنتخب في المركز الثالث بالمجموعة الأولى، متأخرًا بفارق تسع نقاط كاملة عن المتصدر، بعد جولتين فقط من بدايته.
لكن ما يزيد الطين بلة أن تراجع الأداء لم يقتصر على المستطيل الأخضر، بل امتد إلى الجهاز الفني، ورغم أن المدرب لوتشيانو سباليتي لا يزال في موقعه رسميًا، فإن الاتحاد الإيطالي أبلغه أن مباراته الأخيرة أمام مولدوفا كانت بمثابة نهاية مشواره مع الفريق، ورغم الفوز بهدفين دون رد، بدا واضحًا أن القرار قد اتُخذ، ولو بصمت.
الرهانات كانت كبيرة على تعيين اسم له وزن كروي، وكانت الأنظار تتجه إلى كلاوديو رانييري، لكن الرجل المخضرم اختار الانسحاب في اللحظات الأخيرة، مبررًا ذلك بارتباطه بدور استشاري مع إدارة نادي روما، انسحابه المفاجئ وضع الاتحاد في مأزق جديد، خاصة بعد أن باءت المحاولة التالية بالفشل أيضًا، عندما أكد وكيل ستيفانو بيولي أن الأخير بات قريبًا من توقيع عقد مع فيورنتينا، ليغلق الباب أمام فكرة تدريبه للمنتخب.
هذا التراجع المزدوج في الخيارات يطرح تساؤلات صعبة حول صورة المنتخب الإيطالي في الأوساط الكروية، فكيف تحوّل الآزوري، الذي كان رمزًا للفخر والهيبة، إلى فريق يرفض الكثيرون تولي مسؤوليته؟ هذا السؤال عبّر عنه بوضوح المدرب التاريخي أريغو ساكي، الذي قال إن المنتخب يجب أن يكون فوق كل اعتبار، خاصة في هذا الظرف الحرج، داعيًا إلى تحلّي أحدهم بالشجاعة لتولي المهمة.
في ظل انسحاب الأسماء الكبيرة، عاد الحديث عن الجيل الذهبي لعام 2006، وتحديدًا ثلاثي الدفاع والقيادة: دانييلي دي روسي، فابيو كانافارو، وجينارو غاتوزو، وبينما يفتقر كانافارو للخبرة الأوروبية، ويظل اسم دي روسي مثار نقاش، يبدو غاتوزو، بواقعيته وروحه القتالية، الأقرب لتولي المنصب.
ورغم أن مسيرته التدريبية لا تحمل الكثير من الألقاب، إلا أن فوزه بكأس إيطاليا مع نابولي، إضافة إلى تجاربه المتنوعة مع أندية مثل ميلان ومارسيليا وهايدوك سبليت، تمنحه الحد الأدنى من الخبرة، فالأهم من ذلك أنه يمتلك الشخصية الصدامية والحماس اللافت، وهو ما قد يحتاجه منتخب يعاني من غياب القائد الحقيقي داخل الملعب.
غياب الحسم حتى الآن ليس عشوائيًا، فقد صرّح رئيس الاتحاد غابرييلي غرافينا بأنهم بصدد تقييم الخيارات المتاحة، ولن يتم اتخاذ قرار متسرع، بل سيتم استغلال الأيام المقبلة لتحديد مدى جدوى المشروع المقبل، لكن السؤال الذي يفرض نفسه: هل يمتلك الاتحاد ترف الوقت أصلًا، في ظل ضغوط جماهيرية متزايدة، ونتائج لا تطمئن؟
المنتخب الإيطالي اليوم في لحظة فارقة من تاريخه، فإما أن ينهض من كبوته بمشروع حقيقي يعيد إليه بريقه، أو يغرق أكثر في دوامة التخبط، فإعادة الروح إلى الفريق تتطلب أكثر من مجرد تعيين مدرب، بل تحتاج إلى رؤية شاملة تقود إلى ولادة جديدة للآزوري وربما لا يكون غاتوزو المنقذ المثالي، لكنه على الأقل يملك شرارة يمكن أن تشعل من جديد نار الشغف في قلوب اللاعبين، وتعيد للجماهير شيئًا من الأمل المفقود.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.