أكدت منظمات حقوقية ومدنية مغربية التزامها بالضغط الجماعي للقطع مع انتهاك حرية النشطاء الدوليين، بسبب تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، ولأجل كسر الحصار المفروض على قطاع غزة؛ من خلال التوقيع على نداء عالمي، يدعو إلى الإفراج عن نشطاء سفينة الحرية “مادلين”، ومساندة المسيرات الراجلة إلى رفح، فضلا عن ضخ مزيد من المساعدات الإنسانية إلى البقعة الفلسطينية.
وتفاعل حقوقيون وفاعلون مدنيون مغاربة، من المنظمات الموقعة، مع ظهور الصحراء المغربية مبتورة ضمن قافلة الصمود المغاربية إلى غزة، بالتأكيد على أننا “بصدد مسيرة أفراد لا تيارات منظمة في نهاية المطاف، وهؤلاء من دول مختلفة، بعضها مناوئ لوحدة البلاد، كالجزائر”، غير مستبعدين أن “يكون ثمّة مدسوسون من النظام الجزائري، الذي يحاول دائما التفرقة”، بتعبيرهم.
حضرت منظمات مغربية عديدة، ضمن قائمة 153 شبكة ومنظمة حقوقية ومدنية، من 22 دولة، وقّعت على نداء عالمي يدعو إلى “تحرك عاجل” من قبل المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء والمقرر الخاص المعني بالحق في الصحة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، “لممارسة كافة أشكال الضغط الدبلوماسي والقانوني لضمان رفع الحصار عن غزة، ومساءلة سلطات الاحتلال أمام الجهات الدولية المختصة”.
ودعت المنظمات الموقعة إلى “التضامن الكامل مع الناشطين الدوليين على متن سفينة “مادلين”، والدعوة إلى الإفراج الفوري عنهم، وضمان سلامتهم”، مع “تشجيع إرسال مزيد من سفن الحرية والمسيرات الراجلة إلى معبر رفح والحدود البحرية، لكسر الحصار المفروض على القطاع”.
وضمن المنظمات الموقّعة على النداء اتحاد العمل النسائي واتحاد المنظمات التربوية بالمغرب والجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع والجمعية المغربية لحقوق الإنسان والجمعية المغربية لحماية المال العام، فضلا عن الجمعية المغربية للنساء التقدميات. كما تحضر كذلك العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان وحركة “ب د س” المغرب، فضلا عن حركة مغرب البيئة 2050 ومنظمة حريات الإعلام والتعبير “حاتم”.
ضغط جماعي
عادل تشكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، قال إن “التوقيع على النداء العالمي للإفراج عن نشطاء سفينة مادلين موقف مبدئي وضروريً تسجيله، لدعم حرية التعبير والتنقل والتضامن مع ضحايا الاحتلال”.
وسجل تشكيطو، ضمن تصريح لهسبريس، أن “احتجاز هؤلاء النشطاء الذين سعوا إلى كسر الحصار عن غزة بطريقة سلمية خارج القانون الدولي وخرق صارخ للمواثيق الأممية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.
وأوضح رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان أن “هذا النداء بمثابة أداة ضغط جماعية ورسالة إلى المجتمع الدولي بأن انتهاك حرية النشطاء الدوليين واحتجازهم بسبب تضامنهم مع الشعب الفلسطيني في ما يتعرّض له من مآسٍ إنسانية لن يمّر دون إدانة”.
أما بخصوص دعم المسيرات الراجلة نحو معبر رفع، فعدها الفاعل الحقوقي “تعبيرا عن شكل متقدم من أشكال المقاومة المدنية السلمية العابرة للحدود، إذ لا تقتصر هذه الخطوات على التعبير الرمزي؛ بل تضع الدول أمام مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية، خاصة تلك التي تسيطر على المعابر أو تسهم في استمرار الحصار”.
وسجّل المتحدّث عينه أهمية “هذه المبادرات المدنية والحقوقية الكامنة في تشكيل الضمير العالمي البديل في زمن الغياب أو التواطؤ الرسمي، خاصة عندما عجزت الدول والمنظمات الأممية، سواء بسبب الانقسام الجيوسياسي أو ازدواجية المعايير، عن وقف المجازر والانتهاكات اليومية في غزة”.
تحركات مهمة
محمد العوني، رئيس منظمة حريات الإعلام والتعبير “حاتم”، ذكر أن “المجتمع المدني بصم على أدوار كبيرة في مساندة القضية الفلسطينية، منذ تجدد الاعتداءات على الفلسطينيين بعد 7 أكتوبر، وقبله بكثير”.
ولاحظ العوني، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “في الآونة الأخيرة تأكد، على عكس ما يتم الترويج له أن المجتمع المدني في المغرب، سواء من جمعيات وأحزاب وتعاونيات ونقابات وإعلام، سجّل حضورا قويا ورغبة أكيدة في العمل على إيقاف الحرب وما يتخللها من إجرام غير مسبوق لسلطات الاحتلال، مع إيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية”.
شدد رئيس “حاتم” على أنه “في ظل الوصول إلى التطهير العرقي والإبادة الجماعية بحقّ الفلسطينيين على قطاع غزة، تجيء هذه التحركات المدنية كمحاولة لمواجهة سعي الكيان الصهيوني ومن يواليه، وخاصة الإدارة الأمريكية، إلى خلق نوع من العجز والإحباط العالمي على صعيد قضية فلسطين”.
“مدسوسون من قبل الجزائر”
أما بشأن بتر الصحراء المغربية من الخريطة، فنبّه تشكيطو إلى أننا “بصدد مشاركة أشخاص وتيارات من دول عديدة، ضمنها الجزائر؛ بعضها قد يكون مناوئا لقضية الصحراء المغربية”، غير مستبعد أن “يكون ثمّة مدسوسون موجهون من قبل أنظمة كالجزائري الذي يتلاعب بالقضية الفلسطينية في أية مناسبة”.
وقال الفاعل الحقوقي ذاته إن “زخم التضامن مع فلسطين بيّن أن مسيرات مغربية بدورها شهدت انزلاقات تمثلت في رفع شعارات ولافتات غير مقبولة كتلك المناصرة لحزب الله وإيران، لم تعجب المغاربة”.
وشدد المتحدث عينه على أن “الأمر عندما يتعلّق بمسيرات أفراد، يصعب ضبط سلوك المشاركين، على أن الغرض من كل هذه الأشكال هو دفع الأنظمة إلى التحرك بنفس وتيرة تحرك الشعوب”.
أما العوني فتفاعل مع الواقعة، بالقول: “ثمّة دائما محاولة للخلط بين إبراز التضامن الشعبي المغاربي إزاء فلسطين ونزوعات التفرقة بين شعوب المنطقة”، لافتا إلى أن “المغاربة أثبتوا أنهم مع القضية الفلسطينية، ويرفضون التطبيع الذي يركب عليه لتصفية حسابه مع القضية الفلسطينية”.
وشدد الفاعل المدني ذاته على أن مثل هذه السلوكيات “تصدر ممن يحاول استغلال القضية الفلسطينية، والذي هو من خلق علما للبوليساريو يحاكي العلم الفلسطيني”، مؤكدا أن “هذه مسألة مضرة بقضية فلسطين وأي تضامن مغاربي عربي”.