رجل خفيف الظل، لم يكن بحاجة إلى بطولة مطلقة ليُضحك الناس من قلوبهم. بصوته، بحركاته، وبنظراته، حفر نجاح الموجي اسمه بين كبار فناني الكوميديا في مصر والوطن العربي.
وفي ذكرى ميلاده التي توافق 11 يونيو، نستعرض سيرة فنان ملأ الشاشات ضحكًا، ورحل فجأة وهو في قمة عطائه.
النشأة والبدايات
وُلد الفنان عبد المعطي محمد الموجي، المعروف باسم نجاح الموجي، في قرية ميت الكرماء التابعة لمركز طلخا بمحافظة الدقهلية عام 1945، كان الابن الأصغر لعائلة كبيرة أنجبت 14 طفلًا، توفي معظمهم في سن صغيرة، ما جعله محط اهتمام أسرته.
و اختار اسم "نجاح" تخليدًا لذكرى شقيقه الأكبر الذي رحل مبكرًا، وو انتقل مع عائلته إلى القاهرة، حيث نشأ في حي حدائق القبة، ودرس في المعهد العالي للخدمة الاجتماعية، وحصل منه على درجة البكالوريوس ورغم محاولاته المتكررة للالتحاق بمعهد الفنون المسرحية، إلا أنه لم يُقبل، لكنه لم يتخلّ عن حلم التمثيل.
البدايات الفنية
بدأ الموجي مشواره الفني من خلال مسرح الجامعة، ثم التحق بفرقة ثلاثي أضواء المسرح في أواخر الستينيات، حيث وجد فرصته للانطلاق بدعم من الفنان جورج سيدهم والمخرج محمد سالم.
أول أعماله المسرحية كانت "فندق الأشغال الشاقة" عام 1969، والتي فتحت له بابًا واسعًا نحو الشهرة.
تألق سينمائي وتلفزيوني
رغم أنه لم يقدم بطولات مطلقة كثيرة، إلا أن أدواره المساندة كانت كافية ليصنع منها بصمة خاصة في كل عمل. بلغ رصيده الفني أكثر من 150 عملًا، ما بين أفلام ومسرحيات ومسلسلات.
و في السينما، تألق في أفلام مثل 4-2-4، الحريف، شوارع من نار، الكيت كات، 131 أشغال، أيام الغضب، والبحر بيضحك ليه. شخصياته غالبًا ما جمعت بين الطرافة والبعد الإنساني، واستطاع أن يُضحك الجمهور ويُبكيه في آن واحد.
في التلفزيون، شارك في أعمال عديدة، أبرزها أهلًا بالسكان، الشارع الجديد، البوابة الحلواني، حكاية أمل، وسفر الأحلام. أما المسرح، فكان عشقه الأبدي، وقدّم من خلاله مسرحيات خالدة مثل المتزوجون (بدور الواد مزيكا)، مولد سيدي المرعب، رمي الديوك، وخد الفلوس واجري.
لمحات من شخصيته وحياته الخاصة
رغم شهرته الكبيرة، حرص نجاح الموجي على الحفاظ على خصوصيته، لم يكن من محبي الظهور الإعلامي المكثف، وتزوج من امرأة من خارج الوسط الفني، أنجب منها ابنته الوحيدة آيتن، التي عملت لاحقًا كمذيعة.
و كان معروفًا بخفة دمه حتى في كواليس العمل، لكنه لم يتهاون في الجدية والالتزام. كثيرًا ما خرج عن النص المسرحي بإبداع تلقائي، ما أكسبه حب زملائه والجمهور على حد سواء.
مواقف مثيرة وجدل إعلامي
في أحد المواقف المثيرة للجدل، دخل الموجي في خلاف قضائي مع الفنانة أنغام بعدما سخر منها علنًا، ما دفعها لرفع دعوى قضائية ضده، وحُكم عليه بالسجن 3 أشهر، لكنه لم يُكمل المدة بعد قبول الطعن وتخفيف الحكم.
ورغم هذه الحادثة، ظل جمهوره يعتبره رمزًا للكوميديا البريئة والنقد الساخر الذكي، الذي لا يتجاوز حدوده ولا يفتعل الضجيج.
النهاية المفاجئة
في فجر يوم 25 سبتمبر 1998، عاد نجاح الموجي من عرض مسرحيته مولد سيدي المرعب، وشعر بألم شديد في صدره.
ظل يصرخ "يا رب" لساعات، وحاولت ابنته إنقاذه، لكن سيارة الإسعاف تأخرت بسبب غياب السائق. لفظ أنفاسه الأخيرة عن عمر ناهز 53 عامًا.
شُيّعت جنازته بعد صلاة الجمعة من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر، وسط حالة من الحزن الكبير في الوسط الفني والجماهير التي أحبته.
و رغم مرور سنوات على رحيله، لا تزال مقاطع نجاح الموجي تُتداول بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعي. جملته الشهيرة في "المتزوجون": "يا متناكف يا مفترى"، وأسلوبه الساخر، جعلوه جزءًا لا يُمحى من ذاكرة المصريين.