أخبار عاجلة

نقاد: المهرجانات الصيفية تخدم الصناعة الثقافية وتعزز إشعاع المغرب

نقاد: المهرجانات الصيفية تخدم الصناعة الثقافية وتعزز إشعاع المغرب
نقاد: المهرجانات الصيفية تخدم الصناعة الثقافية وتعزز إشعاع المغرب

أكد نقاد فنيون مغاربة أن المهرجانات الثقافية والموسيقية والفنية التي تنطلق خلال فصل الصيف في مدن مغربية عدة تُعد “رافعة أساسية لتطوير الصناعة الثقافية الوطنية، وتسهم بشكل فاعل في تعزيز الإشعاع الفني والحضاري للمغرب”، معتبرين أن “هذه التظاهرات تشكل منصة حيوية ومتعددة الأبعاد للتعريف بالفنون المحلية والتراث الثقافي المتنوع، بالإضافة إلى توفير فرص للتبادل الثقافي بين الفنانين المغاربة ونظرائهم العالميين”.

وإثر اقتراب فصل الصيف الذي يحتضن أغلب هذه الفعاليات، ذكر النقاد “ضرورة وضع استراتيجية وطنية تُنسّق بين الفعاليات المختلفة وتضمن توزيع الدعم بشكل عادل ومتوازن، إلى جانب الاهتمام بالبنية التحتية الثقافية”، مؤكدين أن “هذه التظاهرات، من جهة أخرى، بحاجة للعب دور فعال في التوعية والرقي بالذوق العام، والمساهمة في تحديث المجتمع وتعزيز الهوية الوطنية والثقافية”.

خدمة ثقافية

قال عبد الله الشيخ، ناقد فني مختص في الهندسة الثقافية، إن تقييم المهرجانات الثقافية في المغرب يحتاج إلى دراسة ميدانية رصينة تستجيب لشروط البحث السوسيولوجي البنيوي والتكويني معًا، وشدّد على أن “هذا العمل من اختصاص الجامعات، والوزارات المعنية، ومراكز الدراسات”، مبرزا أن العنوان المؤطِّر لهذا التقييم الموضوعي يمكن صياغته كالتالي: “المهرجانات الثقافية بالمغرب بين الإشعاع الثقافي والإشكالات البنيوية”.

وقال الشيخ، ضمن تصريح لهسبريس، إن المهرجانات الثقافية بالمغرب تُعدّ من دعامات الإشعاع الفني والحضاري؛ إذ تنهض بدور جوهري في تنشيط الحقل الثقافي وتثمين التنوع التراثي الوطني بشقّيه المادي واللامادي، موردا أن “من بين أبرز هذه التظاهرات مهرجان فاس للموسيقى الروحية، ومهرجان كناوة بالصويرة، ومهرجان مراكش للسينما، ومهرجان موازين بالرباط، وغيرها من الأحداث الفنية المتنوعة التي تسهم في ترسيخ صورة المغرب كفضاء للحوار الحضاري والانفتاح على العالم”.

وأشار إلى أن “هذه المهرجانات تعتبر من الناحية الإيجابية منصة مثالية للتعريف بالفنون المحلية والتقاليد الشفوية، كما تتيح للفنانين المغاربة فرصة الاحتكاك بالتجارب العالمية”، مفيدا بأنها “تلعب كذلك دورا اقتصاديا من خلال تنشيط السياحة، ودعم الصناعات الإبداعية، وخلق فرص مؤقتة للشغل، إلى جانب تعزيز الانتماء الثقافي، وإشراك فئات مجتمعية متعددة، خصوصا الشباب والمواهب المحلية”.

وأكد المتحدث أن “هذا الزخم المهرجاني، على الرغم من غناه الكمي والكيفي، لا يخلو من إشكالات بنيوية”، مبرزا “غياب استراتيجية ثقافية وطنية واضحة المعالم، تُنسِّق بين هذه الفعاليات وتدعم إنتاجها وتواصلها بشكل متكافئ ومتوازن”، موردا أن “مثل هذه الاستراتيجية المحكمة من شأنها تقنين آليات توزيع الدعم العمومي، وضبط المحتوى وإغنائه، وتوفير التأطير الأكاديمي والإبداعي، إلى جانب إعادة تأهيل البنيات التحتية، وإنشاء مرافق ثقافية حديثة”.

وذكر الناقد عينه أن “المهرجانات مؤسسات قائمة الذات، وليست مجرد أنشطة مناسباتية عابرة، وهي من الشروط الضرورية لتنمية السياحة الثقافية التي يراهن عليها المغرب في برامجه الهيكلية الجديدة”، خالصا إلى أن “تثمين هذه المهرجانات يقتضي تحقيق التوازن بين بُعدها الاحتفالي والتنموي، ضمن مقاربة ثقافية مواطِنة، تراعي العدالة المجالية، والجودة الفنية، والاستثمار في البنية التحتية الفنية، مع إشراك الفاعلين المحليين وضمان تواصلهم مع الفعاليات الوطنية والدولية”.

مهرجانات للتوعية

قال إدريس القري، ناقد باحث في الأنساق الثقافية، إن “المهرجانات والتظاهرات الثقافية التي تُنظَّم خاصة خلال فصل الصيف، تُعدّ ظاهرة محمودة، شريطة أن تجمع بين ما هو ممتع ومُسلٍّ، وما هو مفيد ونوعي”، موردا أن “هذه التظاهرات لا يمكن فصلها عن الموقع العام للثقافة في بلادنا، حيث تظل مرتبطة بالعطل، والمواسم السياحية، وعودة المهاجرين، وتوقّف الدراسة؛ ولا بد من الاشتغال على هذا الجانب حتى لا تبدو الصناعة الثقافية نشاطا ظرفيا لا يحظى بالأولوية داخل السياسات العمومية”.

وأضاف القري، مصرحًا لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الثقافة كرافعة أساسية للتحديث والعصرنة والنهوض بالمجتمع، تتطلب، بكامل مظاهرها المختلفة، سواء كانت تعبيرية أو فنية، التخطيط البنيوي الشامل”، وتابع: “لا يجب التفكير في المهرجانات لأغراض ترفيهية فقط؛ فهذا يجعلها مبتورة من أبعادها الجوهرية”، لذلك دعا إلى “التفكير فيها كفضاء شامل يتضمن الإعلام والتوعية والرقي بالذوق العام، ويتيح النقاش حول قضايا مجتمعية كبرى ذات طابع أخلاقي وجمالي وسياسي وثقافي”.

وأشار الباحث المغربي إلى أن “من بين أنبل وظائف التظاهرات الثقافية أن تتحول إلى أدوات لدعم الاستراتيجيات الوطنية، وأن تنخرط في مشروع تحديث المجتمع”، مفيدا بأن “لكل نشاط ثقافي أثرًا في تعزيز صورة البلد، سواء في جذب الاستثمارات أو في دعم القضايا الوطنية لدى الشركاء الخارجيين، بما يعكس صورة بلد متحضر، راسخ الجذور”.

وأبرز القري أن “هذه القيم لا يمكن أن تنشأ إلا من داخل بنية حضارية حقيقية، قوامها الوعي الثقافي الذي تقدم المهرجانات شقًا منه”، وتابع قائلا: “الإنسان المتحضر هو المثقف أو المدني الواعي، والثقافة تظل أساسًا لتشكيل هذا الوعي”. ثم أجمل بأن “التظاهرات الثقافية، مثلها مثل الأفلام وسائر الصناعات الثقافية، تسهم في إسعاد المواطن، وصياغة صورة حضارية عن المغربي الكريم والمتجذر في تاريخه، وكذا المنفتح والواعي والقادر على مواجهة تحديات العصر بسلوك متزن وذوق راق”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مداخيل السياحة قاربت 16 مليار درهم في شهرين
التالى اقتحامات ليلية في حي مجوهرات لوس أنجلوس تشتعل أعمال نهب وسرقة من جانب المتظاهرين