تشهد الفترة الانتقالية بين الربيع والصيف إقبالا لافتا على قاعات الرياضة، خاصة في رياضات كمال الأجسام، حيث يسعى الكثيرون إلى تحسين مظهرهم الجسدي عبر اتباع أنظمة غذائية دقيقة وتناول مكملات غذائية سريعة المفعول، في محاولة للوصول إلى قوام متناسق يليق بموسم الشواطئ وفترة ارتداء الملابس الخفيفة.
وفي هذا السياق، تبرز تساؤلات عديدة بشأن النظام الغذائي الأنسب لممارسي الرياضة خلال هذه الفترة من السنة، والمعايير الصحية التي ينبغي مراعاتها عند استعمال مكملات غذائية تعطي نتائج سريعة في تقوية العضلات، فضلا عن كيفية الموازنة بين الحماس لتحسين المظهر الجسدي والحفاظ على التوازن الصحي للجسم.
توازن منشود
هيام اليوسفي، أخصائية في الحمية والتغذية، قالت إن “النظام الغذائي المرتبط بالرياضة هو نفسه النظام الغذائي الصحي، حيث نتناول فيه مختلف المجموعات الغذائية؛ مثل الخضر والفواكه والبروتينات والحليب والدجاج والسمك والبيض… كما نأكل النشويات المفيدة مثل البطاطس والأرز والخبز والمعكرونة والقطاني، بالإضافة إلى الدهون الصحية، مع تجنب الإفراط في تناول السكريات، والاعتماد شيئا ما على البروتينات لزيادة الكتلة العضلية”.
وبخصوص المكملات الغذائية المخصصة لتقوية العضلات، أبرزت اليوسفي أن “استعمالها بشكل عشوائي ودون استشارة أخصائي تغذية قد يُسبب أضرارا صحية”، لافتة إلى أن “الرياضي إذا كان يستهلك كميات كافية من البروتين من خلال الغذاء اليومي، فلن يكون بحاجة إلى المكملات الغذائية. أما إذا كان هناك نقص في البروتين، فيمكن حينها اللجوء إلى المكملات لتكملة النظام الغذائي، وليس لتعويضه كليا”.
وأكدت الأخصائية في الحمية والتغذية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الإفراط في استخدام المكملات يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة؛ مثل تشحم الكبد أو تشمعه، أو تكوّن الحصى في الكلى. كما يمكن أن يتسبب في اضطرابات بوظائف الكلى”.
وبشكل عام، شدّدت هيام اليوسفي على أن “الرياضة والتغذية أمران أساسيان لا يمكن فصلهما، إذ يجب أن تكون الرياضة مناسبة للحالة الصحية، وأن تكون التغذية متوازنة ومتكاملة وتلبي حاجيات الجسم”، مشيرة إلى أنه “عند الرغبة في إنقاص الوزن، يمكن اللجوء إلى تقليل السعرات الحرارية تدريجيا، والاعتماد على نظام غذائي منخفض السعرات، دون الإخلال بالعناصر الأساسية”.
ودعت الأخصائية في الحمية والتغذية إلى “التركيز على تناول الفواكه والخضر، وتناول النشويات بكميات معتدلة، بالإضافة إلى البروتينات، مع ضرورة شرب كميات كبيرة من الماء، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، استعدادا للحصول على جسم رشيق مع اقتراب فصل الصيف”.
اليومي والموسمي
أسماء زريول، أخصائية في التغذية والحمية العلاجية، قالت إن “ممارسة الرياضة ينبغي ألا تكون موسمية أو مرتبطة بفترة معينة من السنة، لأن المطلوب أن تكون عادة يومية تقريبا، أو على الأقل منتظمة”، مذكرة بأن “التوصيات الصحية الحالية تشير إلى أن الإنسان يحتاج إلى ما يعادل 150 دقيقة من النشاط البدني أسبوعيا، أي ما يقارب نصف ساعة في اليوم، شرط أن تكون شدة التمارين معتدلة”.
وأشارت زريول، في تصريح لهسبريس، إلى أن “التغذية السليمة والمتوازنة، التي تشمل الفطور والغداء والعشاء، تكون كافية لمعظم الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بشكل معتدل”، مضيفة أن “المكملات الغذائية لا يحتاجها إلا أولئك الذين يتمرنون يوميا بشدة مرتفعة، أي الرياضيين المحترفين. أما من يذهب إلى النادي الرياضي من حين إلى آخر أو يمارس رياضة خفيفة، فلا حاجة له بالمكملات”.
وشددت المتحدثة ذاتها على أن “استهلاك المكملات بدون داعٍ يمكن أن يكون له أثر سلبي على الجسم”، قائلة: “لا يصح أن يأخذ الشخص مكملات غذائية لمجرد أنه بدأ بممارسة الرياضة، خاصة إذا كان مبتدئا؛ لأن الجسم في بداية المشوار الرياضي يحتاج إلى تمارين خفيفة إلى متوسطة، وليس إلى دعم خارجي بالمكملات، إلا في حالة وجود نقص واضح، كفقر الدم أو نقص فيتامين D، وهنا يجب معالجة هذا النقص أولا”.
وحذّرت الأخصائية في التغذية والحمية العلاجية من بعض المكملات المتوفرة في الأسواق، والتي قد لا تكون صافية أو آمنة، قائلة: “بعض أنواع الكرياتين مثلا تُباع على أنها خالصة؛ لكن قد تحتوي على مواد منشطة تعطي إحساسا بالطاقة، مما يدفع المستهلك إلى الظن بأن فعالية المكمل عالية، بينما في الحقيقة تكون مدعمة بمواد أخرى”.
وفي ما يتعلق بالآثار الجانبية، شددت على أهمية استشارة الطبيب، خاصة لمن يعاني من مشاكل في الكلى أو الكبد، مؤكدة أن “الكلى من أكثر الأعضاء تأثرا بالاستهلاك العشوائي للمكملات، وقد يؤدي الاستخدام الطويل وغير المراقب إلى إرهاقها أو الإضرار بها مع التقدم في السن”.
وشددت الأخصائية في التغذية والحمية العلاجية على ضرورة التوازن، موضحة أن “اختيار المكملات يجب أن يكون بناء على حاجة حقيقية، بعد استشارة أخصائي تغذية، وإذا أمكن تلبية هذه الحاجة عبر الغذاء الطبيعي، فلا داعي أصلا للجوء إلى المكملات”.
وفي سياق الاستعداد لفصل الصيف، نصحت الأخصائية ببدء النشاط الرياضي تدريجيا، مؤكدة أنه “لا داعي للتسرع في إنقاص الوزن، لأن النظام الغذائي هو العامل الأساسي في ذلك؛ بينما تعمل الرياضة على تعزيز الكتلة العضلية وتحسين اللياقة بشكل عام”، مششدة على أن “الأهم هو أن نبدأ بخطوة صغيرة؛ لكن ثابتة”.