الاثنين 09 يونية 2025 | 07:42 مساءً
في خطوة مفاجئة تُعد الأكبر في تاريخها الدفاعي الحديث، أعلنت الحكومة الكندية أنها ستصل إلى هدف حلف شمال الأطلسي (الناتو) المتمثل في تخصيص 2% من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري، وذلك خلال السنة المالية الجارية – أي قبل خمس سنوات من الموعد المقرر سابقًا.
وجاء الإعلان عبر رئيس الوزراء مارك كارني خلال خطاب ألقاه الإثنين في مدينة تورونتو، مؤكدًا أن التغيرات الجيوسياسية المتسارعة تتطلب تحركًا “عاجلًا، قويًا وحاسمًا”.
ضغط أمريكي وتحولات أمنية عالمية
لطالما كانت كندا محل انتقاد من بعض شركائها في حلف الناتو، لا سيما الولايات المتحدة، بسبب إنفاقها الدفاعي الذي لم يتجاوز 1.4% من الناتج المحلي الإجمالي في السنوات الماضية. ومع تزايد التوترات الدولية وتصاعد التهديدات الأمنية، باتت مسألة زيادة الإنفاق الدفاعي تحظى بأولوية متقدمة على أجندة الحكومة الكندية الجديدة.
وقال كارني إن تحرك بلاده “لا ينبع فقط من الالتزامات الدولية، بل من قراءة واقعية لخريطة التهديدات المستقبلية”، مشيرًا إلى ما وصفه بـ”الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من مفهوم الأمن الجماعي”، وهو ما يعكس تغيرًا جذريًا في سياسة أوتاوا الخارجية التي لطالما اعتمدت على واشنطن كمصدر رئيسي للغطاء الأمني.
إعادة تموضع استراتيجي بعد الانتخابات
جاءت هذه القرارات الاستراتيجية في أعقاب فوز مارك كارني في انتخابات 28 أبريل 2025، والتي دخلها ببرنامج انتخابي يركز على تقليص الاعتماد الدفاعي على الولايات المتحدة ومواجهة سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لاسيما تلك المتعلقة بفرض التعريفات الجمركية والعلاقات التجارية مع كندا.
وأكد كارني أن بلاده ستعزز التعاون الدفاعي مع الشركاء الأوروبيين في الناتو، في إطار ما وصفه بـ”إعادة التموضع السيادي” لكندا في النظام الأمني العالمي، لا سيما في ظل ما أسماه بـ”الإمبريالية الجديدة” وتنافس القوى المتوسطة على الموارد والنفوذ.
خطة تحديث واسعة للقوات المسلحة
وتتضمن خطة الحكومة الكندية زيادة كبيرة في مخصصات الجيش، تشمل رفع أجور العسكريين وتحسين ظروف الخدمة، إلى جانب استثمارات ضخمة في التجهيزات الدفاعية. وستقوم كندا بشراء غواصات متطورة وطائرات وسفن حربية، إضافة إلى مدرعات ومدافع، وأنظمة رادار متقدمة وطائرات دون طيار وأجهزة استشعار بحرية خاصة لمراقبة قاع البحر والمناطق القطبية.
وفي خطابه، قال كارني: “تحول قدراتنا العسكرية يمكن أن يكون نقطة انطلاق لتحول اقتصادي شامل أيضاً، إذ سيسهم في تحفيز الصناعات الوطنية المرتبطة بالدفاع، وخلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاستقلال الاستراتيجي لكندا”.
نظرة مستقبلية حذرة.. ولكن حازمة
رغم الإشادة من بعض الدول الحليفة في الناتو، لا يزال هناك حذر داخلي في الأوساط السياسية والاقتصادية الكندية بشأن كيفية تنفيذ هذه الخطة دون الإضرار بالتوازن المالي. ومع ذلك، يبدو أن حكومة كارني مصممة على السير في هذا الاتجاه، مدفوعة بتغيرات عالمية تفرض معادلات جديدة في مفهوم الأمن والسيادة الوطنية.
اقرأ ايضا
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.