أثارت صفقة النفط العراقي إلى لبنان حالة من الجدل وتبادل الاتهامات بين وزير الطاقة الحالي جو الصّدي، والوزير السابق وليد فياض، حول تحميل بيروت أعباء إضافية جرّاء استيراد الوقود دون موافقة مجلس النواب.
ودخلت الصفقة، المعروفة إعلاميًا بـ"النفط مقابل الخدمات" عامها الرابع، وفق قاعدة البيانات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إذ يحصل لبنان على نحو مليون طن سنويًا من زيت الوقود عالي الكبريت، على أن تُدفع قيمته من خلال تقديم بيروت خدمات وسلعًا إلى بغداد، مما يعزّز الشراكة الاقتصادية بين البلدَيْن.
واتهم وزير الطاقة اللبناني جو الصّدي، في بيان له، وليد فياض، بالترويج للعديد من المغالطات حول صفقة النفط العراقي إلى لبنان.
وبموجب اتفاقية النفط مقابل الخدمات، فتح العراق حسابًا في "مصرف لبنان" مقابل المحروقات، يُدار من قِبل وزارة المالية العراقية، لشراء خدمات داخل بيروت بالليرة اللبنانية.
اتهامات الصدي
أشار الصدي إلى أن وزراء الطاقة المتعاقبين عمدوا الى استيراد الوقود من العراق منذ عام 2021، وأن مجلس النواب اللبناني وافق فقط على العقد الأول، في حين لم يصدّق حتى تاريخه على العقدَيْن الثاني والثالث اللذَيْن أُرسلا إليه من مجلس الوزراء.
وأوضح أنه بالنسبة إلى العقد الرابع من صفقة النفط العراقي، فقد عمد فياض إلى إطلاق مناقصة قبل تاريخ توقيع هذا العقد، مشددًا على أن الوزير الحالي جو الصّدي وقّع على الالتزام النهائي المستند إلى المناقصة التي أطلقها فياض من مبدأ استمرارية المرفق العام، ولم يطلق أي مناقصة أخرى استنادًا إلى العقد الرابع المتعلق بزيت الوقود.
وشدد بيان وزير الطاقة اللبناني الحالي على أنه لم يترتب على كاهل اللبنانيين أي مبالغ مالية إضافية قبل موافقة مجلس النواب، كما يدّعي فياض.
وأوضح أن وزير المالية ياسين جابر والطاقة جو الصدي أطلعا مجلس النواب في جلسة اللجان النيابية المشتركة الأخيرة على التطورات.
وكذّب الصّدي الأرقام التي تحدّث عنها الوزير السابق فياض بأن المبلغ المستحق للعراق يبلغ 600 مليون دولار، مؤكدًا أن المبالغ المترتبة فعليًا تصل إلى نحو 1.28 مليار دولار تقريبًا، مستحق منها حتى تاريخه 753 مليون دولار، على أن تُستحق المبالغ المتبقية خلال العام المقبل.
رد فياض
رد وزير الطاقة السابق وليد فياض على جو الصدي حول صفقة النفط العراقي إلى لبنان، مشيرًا إلى أنه رغم لهجة الاتهامات التي استعملها مكتب وزير الطاقة والمياه الحالي، فإن مضمون البيان أكد ما أعلنه الوزير السابق.
وشدد فياض على أن الوزير الصدي هو فعليًا من وقّع الاتفاق مع العراق للسنة الرابعة، وهو من وقّع عقد الـ200 مليون دولار مع الشركة المورّدة (علماً بأنه كان بإمكانه إلغاء المناقصة التي أطلقها فياض لو لم يكن مقتنعًا بها)، وهو مبلغ سيُضاف إلى الدين المستحق للعراق.
وأشار إلى أن قيمة المبلغ المستحق حاليًا للعراق تبلغ 750 مليون دولار، في يونيو/حزيران 2025، أي بعد 4 أشهر من مغادرة الوزير فياض وزارة الطاقة وتسليمها إلى الصدي، إذ كانت قيمة المبالغ المستحقة إلى بغداد، في حينها، أقل من 600 مليون دولار.

وأكّد فيّاض أن الظروف الصعبة التي مرّ بها لبنان وما يزال وانعدام الخيارات المتاحة لتأمين الحدّ الأدنى من التغذية الكهربائية بأدنى تكلفة أديا إلى حتمية اللجوء إلى خيار الوقود العراقي وتلقّف مبادرة بغداد السخيّة والمشكورة.
وأوضح أنه عملًا بمبدأ استمرارية الحكم ولقناعة الوزير الصدي بصواب القرارات التي اتخذها الوزير السابق، ولحين توفّر مصادر أخرى أكثر ملاءمةً، وأهمها الغاز، لم يجد الصدي سبيلًا مجديًا سوى تجديد الاتفاقية العراقية وتسلّم أول دفعة من الوقود.
في يوليو/تموز 2021، وُقّعت صفقة النفط العراقي إلى لبنان، التي تقضي بمدّ بيروت بمليون طن من زيت الوقود عالي الكبريت اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، على أن يوفّر لبنان، بما يعادل قيمة الصفقة، احتياجات بغداد من الخدمات والسلع المتوافرة في بيروت.
اتفاقية النفط مقابل الخدمات التي مُدِّدَت مرّتين خلال 2022 و2023 تنصّ على استيراد لبنان مليون طن من زيت الوقود عالي الكبريت لمدة سنة، ويُستَبدَل عبر مناقصات شهرية (بين 75 ألفًا و85 ألف طن) لصالح مؤسسة كهرباء لبنان.
وفي عام 2023، وافق مجلس الوزراء العراقي على تجديد اتفاقية التزويد بالوقود مع لبنان لسنة ثالثة بداية من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع زيادة الكميات إلى 1.5 مليون طن من زيت الوقود عالي الكبريت، لمدة عام.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، وافق العراق على تجديد اتفاقية الوقود مع لبنان إلى سنة رابعة على التوالي، مع زيادة الكميات إلى مليوني طن سنويًا، في خطوة من شأنها أن تُسهم في حل أزمة الكهرباء لدى بيروت.
كما وافقت حكومة بغداد، وقتها، على تمديد العمل بالاتفاقية الحالية شهرًا إضافيًا حتى نهاية يناير/كانون الثاني (2024)، لاستكمال الأحجام المنصوص عليها في العقود.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..