أخبار عاجلة

شبح الحرائق يطارد واحات الجنوب الشرقي.. تهميش يهدد التنوع البيولوجي

شبح الحرائق يطارد واحات الجنوب الشرقي.. تهميش يهدد التنوع البيولوجي
شبح الحرائق يطارد واحات الجنوب الشرقي.. تهميش يهدد التنوع البيولوجي

نبه نشطاء بيئيون في مناطق الجنوب الشرقي للمملكة إلى “تكرار حرائق مدمرة في الواحات التقليدية بشكل متواتر في السنوات الأخيرة، التهمت أطرافًا مهمة من تراث بيئي واجتماعي واقتصادي”، موردين أن “شبح النيران ظل يتربص بالسكان، حتى ساد الشعور بأن الأمر ليس حوادث عرضية، بل رغبة في تهميش منظومة هشّة أساسًا”، مع التحذير من أن “استمرار المخاطر يهدد الاستدامة وما تخزنه من تنوع بيولوجي وطني”.

وطالب النشطاء السلطات والجهات المعنية بوضع “خطط وطنية واضحة لإنقاذ الواحات، تشمل تعزيز الموارد البشرية واللوجستية لمواجهة الحرائق، وتنظيم حملات تحسيسية لتوعية السكان بأهمية الوقاية، بالإضافة إلى تنظيف المسالك من الأعشاب الجافة والنفايات القابلة للاشتعال”؛ كما شددوا على “ضرورة توفر الإرادة السياسية الحقيقية لحماية هذه المناطق التي تمثل نقاط قوة يُستند إليها في السياحة المحلية”.

الجهد ضرورة

نجيب عبد الوهاب، فاعل جمعوي متخصص في المجال البيئي والإيكولوجي، قال إنه “مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة لا بد من تجديد النداء إلى ساكنة المجتمعات الواحية وكل المتدخلين من أجل التحلي باليقظة والوعي بخطورة الحرائق التي تتربص بما تبقى من النخيل في المنطقة”، موصيًا بـ”تعزيز التوعية داخل القرى وتفعيل دور الجمعيات المحلية للقيام بحملات تحسيسية وقائية يشارك فيها الإعلام”.

وأكد عبد الوهاب، ضمن تصريحه لهسبريس، أن “المخاطر لم تعد تهدد النخيل فقط، بل باتت تمس مرتكزات عيش الساكنة وتقوض الخصوصية المحلية التي تتصف بها هذه المجتمعات المسيّجة بالنخيل أو التي تعيش بالقرب منه”، وزاد: “إن مسؤوليتنا كمواطنين تقتضي درجة عالية من اليقظة، كعدم رمي أعقاب السجائر أو الزجاج القابل للاشتعال. وعلى السلطات منع إشعال النيران للطهي في المناطق القابلة للاشتعال، لأن الرياح تنقل الحريق بسرعة قياسية”.

وفي المقابل طالب الفاعل الجمعوي عينه السلطات المحلية والجهات الوصية بـ”تعزيز الموارد اللوجستية والبشرية لمواجهة أي طارئ، خاصة من خلال توفير صهاريج مياه وتجهيزات إطفاء قريبة من المناطق الواحية، وتهيئة المسالك داخل الواحة بالنسبة لشاحنات الإطفاء”، مشددًا على “ضرورة وضع خطط استباقية واضحة تشمل تنظيف جنبات المسالك من الأعشاب الجافة والنفايات القابلة للاشتعال، إضافة إلى تكوين فرق متطوعة بتنسيق مع الجماعات المحلية وبقية السلطات للرد السريع على أي حريق”.

وتابع المتحدث ذاته: “إن حماية الواحات مسؤولية جماعية تتطلب تعبئة شاملة وتعاونًا وثيقًا بين المواطن، والجمعيات، والسلطات”، وأردف: “الواحة ليست فقط مورد رزق، بل إرث بيئي وثقافي يستحق منا كل الجهد لحمايته. نأمل أن يكون هذا الصيف مختلفًا، عنوانه الحذر، والتنسيق، والتضامن الفعّال، حماية لما تبقى من واحة دفعت الحرائق والجفاف بأبنائها إلى مناطق أخرى، تحت يافطة اللجوء البيئي”.

الساكنة تتساءل

جمال أقشباب، رئيس جمعية “أصدقاء البيئة”، قال إن “تكرار الحرائق في واحات الجنوب الشرقي خلال السنوات الأخيرة يثير الكثير من التساؤلات والشكوك حول وجود رغبة غير معلنة في التخلي التدريجي عن الواحات التقليدية”، معللاً هذا “الطرح” بوجود “تجربة تاريخية لا غبار عليها”؛ فـ”التغيرات المناخية ليست أمرًا جديدًا على المنطقة، وقد بلغت ذروتها في ثمانينيات القرن الماضي، ومع ذلك لم نشهد قطّ هذا الكم من الحرائق التي أتت على الأخضر واليابس وقتلت شبكات من النخيل”.

وتابع أقشباب ضمن تصريحه لهسبريس: “هذا يدفعنا إلى التساؤل: هل هذه الحرائق مجرد حوادث عرضية أم إنها نتيجة توجهات تهدف إلى تهميش هذه المنظومات البيئية لفسح المجال أمام الضيعات الكبرى التي باتت تنتشر في المنطقة؟”، معتبراً أن “السياسات العمومية الخاطئة أدت كذلك إلى التدهور الملحوظ، رغم أن المنظومة تشكل ضرورة ضمن التوازنات البيئية الوطنية بشكل عام، وتعكس تنوعا بيولوجيا كنا نحتفي به قبل بواره”.

ويتصور الفاعل الجمعوي وجود “علاقة مباشرة بين تدهور المنظومات الواحية وتشجيع الزراعات المستنزفة للموارد المائية الجوفية”، مشدداً على أن “التحول القسري نحو أنماط إنتاجية غير منسجمة مع الخصوصيات الإيكولوجية للواحات أدى، بشكل تلقائي، إلى اختلالات تهدد استدامتها”، مضيفا أن “الوسط الواحي هُمِّشَ في إطار ‘مخطط المغرب الأخضر’؛ والحال أنه خزان حيوي للتنوع ورأسمال حقيقي؛ وهو ما يبرز اليوم الحاجة الملحّة إلى خطة وطنية لإنقاذه وتأهيلها ضمن إستراتيجية متكاملة ودامجة”.

وتابع المتحدث: “من جهة أخرى لا يمكن تجاهل تصاعد وتيرة الحرائق داخل الواحات، وهي ظاهرة مقلقة تتوفر لها كل الشروط بفعل الجفاف، والإهمال، وتراكم البقايا القابلة للاشتعال”، وواصل: “رغم ذلك تظل الأسئلة معلقة: من يحرق الواحة؟ وكيف تشتعل النيران في فضاء تقدّسه وتحترمه ساكنته؟ إن هذه التساؤلات التي مازالت تُطرح بإلحاح تدفع نحو توفير معطيات دقيقة وواضحة، مع تعبئة كل الجهود من أجل حماية الواحات بوصفها جزءًا لا يتجزأ من التراث الطبيعي والإنساني الوطني”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق عاجل.. سعر الذهب اليوم الأحد في مصر.. عيار 21 يسجل رقما جديدا
التالى حضرت احتفالية.. محامي نوال الدجوي يرد على تحدي الخصوم: "الدجوي في كامل قواها العقلية