دفع استمرار تسجيل الوفيات في صفوف النساء المستخدمات في القطاع الفلاحي بالمغرب، جراء حوادث السير التي تتعرّض لها السيارات التي تنقلهن، بحقوقيات مغربيات إلى المطالبة بوضع إطار قانوني ينظم نقل العاملات الزراعيات ويحظر أن يتم ذلك بوسائل نقل غير مخصصة لهذا الغرض، مُنتقداتٍ “محدودية المنظومة التشريعية الحامية” لهذه الفئة.
هذا المطلب رفعته جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، التي سجّلت “بأسف شديد استمرار تسجيل الوفيات في صفوف النساء العاملات في القطاع الفلاحي، كنتيجة مباشرة لحوادث السير الطرقية، الناتجة عن غياب معايير الامن والسلامة وضعف المراقبة والتتبع الإداري لمفتشيات الشغل وكذا محدودية المنظومة التشريعية الحامية للنساء العاملات في القطاع الفلاحي”.
وعدّت الجمعية، في بلاغ يأتي عقب حادثة انقلاب سيارة تُقل 14 عاملة زراعية، الاثنين 26 ماي الماضي مخلفةً وفاة خمس عاملات وإصابات خطيرة بأخريات، أن حوادث السير الطرقية “أصبحت تشكل إحدى السمات الرئيسية المرتبطة بمهنة العاملة الزراعية”، رافضة “السماح بمرور شاحنات وناقلات للأمتعة والبضائع تُكدس العشرات من النساء العاملات دون اتخاذ إجراءات حازمة على هذا المستوى”.
وأبرز التنظيم الحقوقي النسائي نفسه أن هذه الوضعية “تُسائل في الحد الأدنى السلطة الحكومية المكلفة بالإدماج الاقتصادي، والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، وزارة النقل واللوجستيك، وزارة التضامن والادماج الاجتماعي والاسرة”، عادا أن هذه “المسؤولية المشتركة والتضامنية بين ثلاثة قطاعات حكومية مسؤولة عن التدخل المباشر والمشترك للحد من الأوضاع المزرية التي تعيشها النساء العاملات”.
وفي هذا الصدد، لفت المصدر ذاته الانتباه إلى “ضرورة التعجيل بوضع إطار قانوني يُنظم نقل العاملات الزراعيات، ويمنع استخدام وسائل نقل غير المعينة على وجه الخصوص لذلك”، داعيا “السلطات الأمنية والترابية إلى تشديد الرقابة ومنع مرور وسائل النقل غير الآمنة بالنسبة للعاملات الزراعيات”.
تقنين وإلزام
بشرى عبده، رئيسة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، قالت إن “وزارة النقل مطالبة بإخراج قانون يقضي بالتزام الضيعات في جميع مناطق المغرب بالتوفر على أسطول نقل يحترم إنسانية العاملات الزراعية، التي تطالهن حوادث السير في مختلف أنحاء البلاد”، مُشددة على أن “وسائل النقل يجب أن يستجيب للمعايير الأمنية والحمائية لهؤلاء المستخدمات؛ كالتهوية، ووجود كراس، وغياب الاكتظاظ”.
وشددت عبده، ضمن تصريح لهسبريس، على أنه “من الضروري أن تتوفّر هذه الضيعات على وسائل نقل ملائمة تساهم كذلك في تجنب مشاكل التحرش الجنسي بالعاملات الزراعيات”، مؤكدة أن “الجمعية تراهن على أن يحدد القانون مركبات بعينها مخصصة لغرض النقل هذا، عوض البيكوبات التي تستخدم بالموازاة لنقل البقر والروث وغيرهما”.
وأكدت الفاعلة الحقوقية ذاتها أنه “من غير المقبول استمرار مشاهد اكتظاظ وتكدس العاملات الزراعيات في البيكوبات، في وقت تستعد فيه البلاد لاستضافة تظاهرات عالمية كبرى”، محمّلة المسؤولية إلى جانب الوزارات المذكورة “لوزارة الداخلية وكذلك الدرك الملكي، هذه السلطات المعنية بالمراقبة”.
“ضد اللااكتراث”
سجّلت رجاء حنين، مسؤولة الترافع والتنسيق بالجمعية سالفة الذكر، “عدم الاكتراث المؤسساتي لهذه الشريحة الواسعة من العاملات في القطاع الفلاحي، اللواتي يتعرّضن بشكل متكررا لجميع أشكال العنف من الجسدي إلى التحرش”، موضحة أنه “في الآونة الأخيرة، أصبح ملحوظا، تعرضهن لحوادث سير خطيرة ذات خسائر بشرية كبيرة، بشكل متكرر”.
وقالت حنين، ضمن تصريح لهسبريس، إن “الجمعية، من منطلق ترافعها الدائم من أجل سن قوانين حمائية للنساء بشكل عام والعاملات في القطاع الفلاحي بشكل خاص، تستعجل وضع إطار قانوني ينظم نقل العاملات الزراعي ويمنع استخدام وسائل النقل غير القانونية وغير المهيلكة لهذا الغرض”.
وشددت الفاعلة الحقوقية عينها على “ضرورة تشديد السلطات الأمنية المراقبة ومنع مرور مثل هذه المركبات التي تزيد من حدة الوضع”، مؤكدة أن “ملف نقل العاملات الزراعية هذا لا يقبل التأجيل بتاتا”.
وطالبت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة كذلك “وزارة النقل واللوجستيك باعتماد دفتر تحملات موجه إلى أرباب الضيعات الفلاحية، يحفظ سلامة وكرامة النساء العاملات”، مُوازاة مع دعوة “وزارة الإدماج الاقتصادي إلى إدماج هذه الفئة ضمن برامج الحماية الاجتماعية والتشغيل اللائق”.
وأكد التنظيم الحقوقي النسائي نفسه على “الحاجة إلى سياسة عمومية مندمجة لحماية العاملات الزراعيات، تقوم على التنسيق بين القطاعات الحكومية، وتشارك فيها الجمعيات النسائية والحقوقية”، مُناديا “بإحداث آلية وطنية لرصد وتتبع النقل المرتبط بالقطاع الفلاحي، تنشر تقارير دورية وتُوظَّف نتائجها في السياسات العمومية”.