توصَّل باحثون إلى تفسير علمي جديد لبعض تفاعلات استخراج الليثيوم، ما قد ينعكس على مستويات الإنتاج اللازمة لتلبية الطلب.
وتبرز المياه المالحة الجوفية بوصفها أفضل مصادر استخلاص هذا المعدن المهم، وتنتشر في مناطق بأميركا الجنوبية وآسيا.
وحسب خريطة موارد الليثيوم العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (الصادرة من واشنطن)، تسهم المياه الملحية في جبال الأنديز وهضبة التبت بنحو 40% من إنتاج الليثيوم عالميًا.
ويدخل الليثيوم في تطبيقات عدّة للطاقة النظيفة، من بينها: بطاريات السيارات الكهربائية وعدد من الإلكترونيات، ما يفاقم الطلب عليه.
رحلة استخراج الليثيوم
تشكّل المياه المالحة الجوفية محطة انطلاق رئيسة في طرق استخراج الليثيوم التقليدية، ورغم بساطة مراحلها فإن الحصول على المعدن من خلالها يتّسم بالبطء.
وتشمل مراحل استخلاص المعدن:
- ضخ المياه الملحية الجوفية من باطن الأرض إلى مسطّحات أو أحواض وبرك التبخير.
- تتبخر المياه تدريجيًا، ما يؤدي إلى تركيز المعادن -ومن بينها الليثيوم- في السوائل المتبقية.
- يُفصل الليثيوم عن بقية المعادن في منشآت المعالجة المخصصة.
وبذلك، يتوفر المعدن الرئيس لتلبية الطلب العالمي على تقنيات الطاقة النظيفة، والتحول بعيدًا عن الوقود الأحفوري.

وتتركز غالبية إمدادات الليثيوم في البيئات الطبيعية القاسية، مثل البحيرات القديمة والهضاب المرتفعة في أعالي الجبال، حيث تنتشر المسطحات الملحية الغنية بالمعدن.
وحتى الآن، ما تزال تقنيات الطاقة المتجددة -خاصة السيارات الكهربائية- تهيمن على غالبية الطلب على الليثيوم.
واستحوذت صناعات الطاقة النظيفة (بطاريات السيارات الكهربائية والتخزين) على 62.4% من استهلاك الليثيوم العالمي في 2024، ما يعادل 128 ألف طن، وفق معلومات حديثة نشرتها وحدة أبحاث الطاقة.
وقدّرت وكالة الطاقة الدولية أن طلب صناعات الطاقة النظيفة على الليثيوم زاد بمعدل 236% من عام 2021 حتى 2024، بنحو 90 ألف طن، ومقابل ذلك، بلغ إنتاج المعدن 205 آلاف طن، بزيادة تتجاوز 35%.
اكتشاف كيميائي جديد
توصَّل علماء إلى اكتشاف كيميائي جديد من شأنه تغيير معادلة استخراج الليثيوم، وزيادة الكميات المستخلصة من تدفقات المياه المالحة الجوفية.
وكشفت الدراسة أن المياه الجوفية المالحة للغاية، تحت مسطحات جبال الأنديز في أميركا الجنوبية، تحظى بتركيب كيميائي يختلف عن المياه المماثلة في المناطق الأخرى.
وأشار مسؤول قسم علوم الأرض والمناخ في كلية نيكولاس البيئية بجامعة دوك الأميركية، المشرف على الدراسة، "أفنر فينغوش" إلى أن درجة الحموضة (PH) في المياه الملحية بالمنطقة السابق ذكرها تُظهر اختلافًا مقارنة بمياه البحر وغيرها.
وشكّل التغيير الملحوظ مفاجأة للعلماء والباحثين، إلى حدّ وصف "فينغوش" له بـ"تغيير جيوكيميائي لكوكب مختلف عن كوكب الأرض".
وبالتدقيق في المياه الملحية للمناطق المذكورة، رصد العلماء زيادة كبيرة في تركيز عنصر البورون، رغم أن الشائع كيميائيًا تحكُّم "الكربونات" في مستوى حمضية المياه الملحية.
وقال "فينغوش"، إن البورون هيمن بصورة كبيرة على درجة الحموضة في المياه الملحية، ما سيكون له بالغ الأثر في استخراج الليثيوم والمعادن الأخرى.
واختبر الباحثون التغيير الكيميائي المفاجئ في مسطح ملحي يضم أكبر رواسب الليثيوم العالمية، وهو "سالار دو أويوني" الواقع في بوليفيا.
دور البورون في تغيير درجة حموضة المياه
قارن معدّو الدراسة بين مستويات الحموضة في كل من: المياه الملحية الجوفية فور ضخّها، والمياه في مسطحات وبرك التبخير.
وتبيَّنَت زيادة درجة الحموضة في مياه برك التبخير بحوض "سالار دو أويوني" لمستويات مرتفعة، مقارنة بمستويات تقترب من المعدلات الطبيعية في المياه الجوفية، وفق الدراسة المنشورة بموقع "إيرث".

وبعد اختبارات ومجموعة من التفاعلات الكيميائية، توصَّل الباحثون إلى أن "البورون" مسؤول عن التغير الكبير في مستوى حموضة المياه التي شهدت انخفاضًا في "الكربونات".
وذكرت الدراسة أنّ تبخُّر حمض البوريك ومركبات البورات (صور عنصر البورون)، من المياه الملحية، يغيّر في درجات الحموضة.
وتيقَّن فريق الباحثين من النتائج بعد تحليل بيانات ما يزيد على 300 عينة مياه ملحية في المنطقة المعروفة باسم "مثلث الليثيوم"، التي تشمل: (تشيلي، والأرجنتين)، بالإضافة إلى بوليفيا.
ومع تأكيد هيمنة البورون على التحكم في درجة حموضة المياه الملحية، برز اتجاه جديد يركّز على دور العنصر في استخراج الليثيوم وتعدينه.
وخلص الباحثون إلى أن الاكتشاف الكيميائي المفاجئ حول دور البورون في تغيير درجة حموضة المياه، من شأنه التأثير في عملية تعدين واستخراج الليثيوم.
ويُشير ذلك إلى اتجاه جديد في تطوير تقنيات التعدين بمراعاة الكميات الجديدة والكبيرة من البورون، بهدف استخراج معدن الليثيوم بطرق أكثر كفاءة لتلبية الطلب الآخذ بالارتفاع.
ويواصل معدّو الدراسة في المراحل اللاحقة دراسة طبيعة المياه الملحية بعد استخلاص الليثيوم منها، والتداعيات البيئية لارتفاع معدلات عنصر البورون بها، وفق مجلة كيمستري وورلد الشهرية.
ومن جانب آخر، يطوّر الباحثون الأدوات الجيوكيميائية المناسبة لاستخلاص المعدن بكميات أكبر، طبقًا للمتغيرات الجديدة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..