في مشهد يتغير يومًا بعد يوم على لوحة الاقتصاد المصري، تسجل أسعار الحديد ومواد البناء حركات متأرجحة تعكس صراعًا بين معادلات العرض والطلب.
وبينما يترقب المواطنون والمستثمرون مؤشرات السوق، تتكشف خلف الكواليس أسباب تتجاوز مجرد الأرقام لتصل إلى سياسات إنتاج وتصدير قد تقلب الموازين.
في بداية تعاملات اليوم الثلاثاء 3 يونيو 2025، رصدت الأسواق المصرية تراجعًا طفيفًا في أسعار الأسمنت، يقابله ارتفاع لافت في أسعار الحديد، ما يعكس حالة من التباين الواضح في سوق مواد البناء المحلي.
ووفقًا لبيانات بوابة الأسعار المحلية والعالمية التابعة لمجلس الوزراء، فإن سعر طن الأسمنت الرمادي انخفض إلى 3576.44 جنيهًا، بتراجع قدره 13.73 جنيهًا، بينما ارتفع سعر طن حديد عز إلى 40411.62 جنيهًا، بزيادة 877.08 جنيهًا، وسجل طن الحديد الاستثماري 39327.08 جنيهًا، مرتفعًا بـ1340.1 جنيه.
ممارسات احتكارية من قبل بعض المنتجين
يرى أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، أن هذا التباين لا يعكس فقط حركة السوق، بل يشير إلى ممارسات احتكارية من قبل بعض المنتجين، حيث يُتهم عدد من الشركات بتقليص الإنتاج عمدًا، في محاولة لخلق شحٍ صناعي يزيد من الأرباح على حساب المستهلكين.
الزيني أوضح في تصريحات إعلامية أن ميل شركات الأسمنت للتصدير ساهم في خفض المعروض محليًا، وهو ما أدى بدوره إلى رفع الأسعار.
وعلى الرغم من إصدار جهاز حماية المنافسة قرارًا بإلزام المصانع بالعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، إلا أن بعض الشركات استغلت هذا القرار لزيادة هوامش الربح في ظل ارتفاع الطلب وانخفاض العرض.
توسيع الطاقة الإنتاجية بإنشاء ثلاثة خطوط جديدة بمصنع أسمنت العريش مخصصة للتصدير فقط
ولم يكتف الزيني بالتشخيص، بل طرح حلًا عمليًا عبر دعوته لتوسيع الطاقة الإنتاجية بإنشاء ثلاثة خطوط جديدة بمصنع أسمنت العريش مخصصة للتصدير فقط، ما يضمن ضخ الإنتاج المحلي بشكل متوازن ويعيد للأسعار استقرارها، ويحد من تأثير التقلبات على قطاع البناء والتشييد.
في ظل هذه التحولات، يظل السوق المصري بحاجة إلى رقابة حقيقية وتوازن بين مصلحة المصنع والمستهلك، خاصة في قطاع حساس يُعد المحرك الأساسي لعشرات الصناعات الأخرى ومئات الآلاف من فرص العمل.
