تشهد العلاقات بين المملكة المتحدة وإسرائيل توترات متصاعدة على خلفية دعوات متزايدة لفرض قيود اقتصادية وسياسية على تل أبيب، بما في ذلك معارضة مبيعات الأسلحة البريطانية للاحتلال في ظل النزاع المستمر في قطاع غزة.
بعد ضغوط شعبية وسياسية أدت إلى تعليق جزئي لتراخيص تصدير الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل في سبتمبر 2024، وبرزت مطالب جديدة تستهدف منع إسرائيل من الاستفادة من موارد الغاز والبترول في بحر الشمال، وفقًا لتقرير لصحيفة "سكوتسمان"حمل عنوان "لماذا يجب على اسكتلندا وقف استغلال حقول نفط بحر الشمال، مثل روزبانك، لدعم حقوق الفلسطينيين في غزة؟"، مع التركيز على الدعوة لمقاطعة أنشطة مجموعة "ديليك" الإسرائيلية، التي ارتبط اسمها بانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وذكرت الصحيفة أن هذه الدعوات تأتي في سياق تصاعد الاحتجاجات ضد دعم إسرائيل عسكريًا واقتصاديًا، حيث يرى النشطاء أن استمرار التعاون الاقتصادي يساهم في دعم الأعمال العسكرية الإسرائيلية.
وتشهد غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث أدى الهجوم الإسرائيلي المستمر إلى مقتل أكثر من 50،000 شخص، بينهم حوالي 17،000 طفل، مع أعداد لا حصر لها من الضحايا المحاصرين تحت الأنقاض، وفقًا لتقارير حديثة.
هذه الأرقام المروعة لا تعكس فقط حجم الدمار، بل تسلط الضوء على معاناة يومية يواجهها الفلسطينيون في غزة، حيث يصبح البقاء على قيد الحياة هدفًا بحد ذاته. في هذا السياق، يطرح حمزة يوسف، الوزير الأول الاسكتلندي السابق، تساؤلًا ملحًا: هل نفعل كل ما في وسعنا لوقف هذا العذاب؟ يجيب يوسف بأن الإجابة هي "لا" طالما أن موارد اسكتلندا، مثل نفط وغاز بحر الشمال، تُستخدم بطرق قد تدعم انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين.
تُعد شركة "إيثاكا إنرجي" واحدة من الجهات المثيرة للجدل في هذا النقاش، حيث تمتلك حصصًا كبيرة في سبعة من أكبر عشرة حقول نفط وغاز في بحر الشمال، بما في ذلك حقلي روزبانك وكامبو، وهما من أكثر الحقول إثارة للجدل.
هذه الشركة مملوكة بشكل رئيسي لمجموعة "ديليك" الإسرائيلية، التي ارتبط اسمها بانتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، تشارك "ديليك" في عمليات في مستوطنات غير قانونية في الضفة الغربية، وتزود الجيش الإسرائيلي بالوقود عبر إحدى الشركات التابعة لها.
هذه الأنشطة جعلتها هدفًا لانتقادات دولية، حيث قرر صندوق التقاعد النرويجي الأكبر، KLP، سحب استثماراته من "ديليك" في عام 2021، مشيرًا إلى "مخاطر أخلاقية غير مقبولة" تتعلق بمساهمتها في انتهاكات حقوق الإنسان.
يحذر يوسف من أن السماح لـ"ديليك" بالاستفادة من أرباح حقول مثل روزبانك يجعل اسكتلندا متواطئة بشكل غير مباشر في دعم القمع ضد الفلسطينيين.
وتشير التقديرات إلى أن تطوير حقل روزبانك قد يدر أرباحًا تتجاوز ربع مليار جنيه إسترليني لـ"ديليك"، مما يعني أن موارد اسكتلندا قد تُستخدم لتمويل أنشطة تسهم في استمرار النزاع.
يوسف يرى أن هذا الوضع يتعارض مع القيم الأخلاقية والقانونية التي يجب أن تتبناها اسكتلندا، خاصة في ظل تصاعد العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، حيث تزايدت هجمات المستوطنين وتوسعت المستوطنات غير القانونية بشكل ملحوظ خلال الأشهر التسعة عشر الماضية.
على الرغم من أن قرارات تراخيص تصدير الأسلحة تقع على عاتق الحكومة البريطانية، يؤكد يوسف أن اسكتلندا تملك أدوات للتأثير من خلال سيطرتها على مواردها الطبيعية. فمن خلال وقف تطوير حقول مثل روزبانك، يمكن لاسكتلندا أن ترسل رسالة قوية ضد التواطؤ في انتهاكات حقوق الإنسان.
هذا الموقف لا يقتصر على الجوانب الأخلاقية فحسب، بل يتماشى أيضًا مع الهموم البيئية التي لطالما كانت أولوية ليوسف. فعندما عارض تطوير حقل روزبانك كوزير أول، استند إلى مخاوف تتعلق بتأثير استغلال حقول نفط وغاز جديدة على أهداف اسكتلندا المناخية.
والآن، تضاف إلى هذه المخاوف أبعاد أخلاقية تتعلق بدور هذه الحقول في تمويل أنشطة تنتهك القانون الدولي.
يضيف يوسف أن هناك إجماعًا دوليًا تقريبًا على أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانونية بموجب القانون الدولي.
ويشير إلى أن دولًا مثل أيرلندا اتخذت خطوات جادة لمنع التجارة مع الشركات المؤيدة لممارسات الاحتلال.