أثار إعلان إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التعاون مع شركة "بلانتير" لتحليل البيانات لجمع معلومات عن المواطنين الأمريكيين جدلًا واسعًا حول الخصوصية وحقوق الأفراد.
ووفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" و"ذا نيو ريبابليك"، حصلت الشركة على عقود بقيمة تزيد عن 113 مليون دولار منذ تولي ترامب منصبه، بهدف بناء قاعدة بيانات مركزية تشمل معلومات شخصية عن الأمريكيين، مما أثار مخاوف من توسع نطاق المراقبة الحكومية.
وأشارت تقارير إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار سعي إدارة ترامب لتعزيز الأمن القومي ومكافحة الهجرة غير الشرعية، لكنها أثارت تساؤلات حول احتمال تحول الولايات المتحدة إلى دولة بوليسية.
ووفقًا لصحيفة "واشنطن بوست"، أثارت هذه الخطوة انتقادات حادة من منظمات حقوقية، حيث حذرت من أن جمع البيانات الشامل قد ينتهك الحقوق الدستورية، خاصة الحق في الخصوصية.
وأشارت التقارير إلى أن شركة "بلانتير"، التي يرأسها الملياردير بيتر ثيل، لديها تاريخ طويل في تقديم خدمات تحليل البيانات لأجهزة مثل وكالة الأمن القومي ومكتب التحقيقات الفيدرالي، مما يعزز المخاوف من استخدام هذه البيانات لأغراض سياسية.
وأضافت الصحيفة أن الشركة طورت تقنيات متقدمة قادرة على تتبع الأفراد عبر تحليل بيانات من مصادر متنوعة، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي وسجلات الهجرة.
وقد بدأت جهود الإدارة لجمع البيانات في إطار مبادرة "إدارة الكفاءة الحكومية" التابعة لإيلون ماسك، والتي سعت للحصول على البيانات الشخصية للأمريكيين من عدة وكالات بما في ذلك مصلحة الضرائب وإدارة الضمان الاجتماعي وخدمة الانتقاء العسكرية ومؤسسة الرعاية الطبية (Medicare) وغيرها الكثير.
من جانبها، أثارت صحيفة "وول ستريت جورنال" تساؤلات حول الشفافية في هذا المشروع، مشيرة إلى أن تفاصيل العقود بين إدارة ترامب و"بلانتير" لم تُكشف بالكامل، مما زاد من القلق بين المشرعين والناشطين.
وأشارت إلى أن بعض أعضاء الكونغرس، خاصة من الحزب الديمقراطي، طالبوا بتحقيقات لضمان أن هذه البيانات لن تُستخدم لاستهداف مجموعات معينة بناءً على العرق أو الدين أو المعتقدات السياسية.
وفي الوقت نفسه، دافع مسؤولو إدارة ترامب عن هذه الخطوة، مؤكدين أن الهدف هو تحسين كفاءة الحكومة وتعزيز الأمن العام.
تجدر الإشارة إلى أن شركة "بلانتير" فازت بعقد جديد بقيمة 795 مليون دولار مع وزارة الدفاع الأسبوع الماضي، ومن المتوقع أن ينمو هذا الرقم. كما تجري الشركة محادثات مع وكالات أخرى في الحكومة الفيدرالية، بما في ذلك إدارة الضمان الاجتماعي ومصلحة الضرائب، لشراء تقنيتها.
ووفقًا لوكالة "بلومبيرج"، أثارت هذه الخطوة نقاشًا حول توازن الأمن القومي مع الحريات الفردية، حيث يرى البعض أن جمع البيانات الشامل قد يؤدي إلى انتهاكات خطيرة لحقوق المواطنين.
وأضافت الوكالة أن "بلانتير"، التي تُعرف ببرمجياتها مثل "غوثام" و"فاوندري"، لديها القدرة على تحليل كميات هائلة من البيانات، مما يثير مخاوف من إمكانية إساءة استخدام هذه التقنيات.
وأشارت إلى أن بعض الموظفين السابقين في الشركة عبروا عن قلقهم من الأخلاقيات المرتبطة بهذه العقود الحكومية.
أما شبكة "سي إن إن" الإخبارية، فقد نقلت تصريحات لناشطين حقوقيين حذروا من أن هذا التعاون قد يشكل تهديدًا للديمقراطية، مشيرين إلى أن إدارة ترامب قد تستخدم هذه البيانات لتعزيز نفوذها السياسي.
وأضافت أن ردود الفعل على وسائل التواصل الاجتماعي كشفت عن انقسام حاد، حيث اعتبر البعض أن هذه الخطوة ضرورية للأمن، بينما رأى آخرون أنها تمثل انتهاكًا صارخًا للخصوصية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الجدل يعيد إلى الأذهان فضيحة "كامبريدج أناليتيكا" عام 2016، حيث استُخدمت بيانات ملايين المستخدمين لأغراض انتخابية، مما يزيد من المخاوف حول تكرار مثل هذه الممارسات.
وقد قام كل من دعاة الخصوصية، واتحادات الطلاب، ومنظمات حقوق العمال برفع دعاوى قضائية لوقف جهود ترامب لجمع البيانات.