أخبار عاجلة
خريصي: الصورة أداة للرأي والتأثير -
"خرق" يقلق نواب الفريق الحركي -

الانتحار في مناطق الكيف.. دراسة سوسيولوجية تستبعد عوامل الفقر والدين

الانتحار في مناطق الكيف.. دراسة سوسيولوجية تستبعد عوامل الفقر والدين
الانتحار في مناطق الكيف.. دراسة سوسيولوجية تستبعد عوامل الفقر والدين

“عبيد الكيف.. الانتحار والسلوك الانتحاري بالمغرب (منطقة زراعة القنب الهندي بشمال المغرب)”، هي إجابة علمية رصينة عبر دراسة ميدانية لظاهرة سوسيولوجية مقلقة تزهق أرواحا في الظل وضع من خلالها محمد شرايمي، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، يده على جرح نازف وموضوع شائك تجنبه كثيرون.

الدراسة التي صدرت مؤخرا في مؤلف يقع في 169 صفحة من القطع المتوسط، عن دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط، جاءت، وفق الأكاديمي المغربي محمد شرايمي، انطلاقا من ثلاثة دوافع أساسية: أولها تزايد حالات الانتحار في شمال المغرب، حيث تُسجل تقريبا حالة أو أكثر أسبوعيا في مختلف المناطق، ثانيها ندرة الدراسات العلمية التي تناولت هذه الظاهرة، أما الدافع الثالث فيتمثل في شيوع التفسيرات الانطباعية غير المدعمة بأدلة علمية دقيقة.

ينطلق المؤلف من فرضية جريئة تربط بين “الكيف” بوصفه ظاهرة اجتماعية واقتصادية، وبين “الانتحار” كنتاج نفسي وثقافي وسلوكي يدرس كمتغير تابع. وبين هذين القطبين، تنسج الدراسة خيوط تحليل دقيق مستندة إلى مقاربة متعددة الأبعاد تتجاوز سطحيات الخطاب اليومي نحو عمق الفهم البنيوي للظاهرة.

تهدف هذه الدراسة الاستكشافية، بحسب الدكتور شرايمي، إلى كشف النقاب عن ظاهرة الانتحار في المنطقة، ودفعها نحو البحث العلمي الجاد، متجاوزة التفسيرات السطحية والسائدة. كما تسعى إلى تحليل الظاهرة من خلال مقاربة شاملة تعتمد عوامل اجتماعية واقتصادية ونفسية وثقافية، مما يمهد الطريق لفهم أعمق لهذه المشكلة المقلقة.

وخلصت الدراسة إلى أن ظاهرة الانتحار ترتبط بجملة من العوامل المركبة، من أبرزها الملاحقات القانونية المرتبطة بزراعة القنب الهندي، والصراعات حول الموارد الطبيعية كالأرض والماء، إلى جانب التقلبات الاقتصادية الناتجة عن تذبذب أسعار الكيف وتراكم الديون، مبرزة أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى انحدار اجتماعي حاد، وفقا للدلالة السوسيولوجية لهذا المفهوم.

الذكور والإناث.. بين الشنق والتسميم

جاءت نتائج الدراسة التي أنجزها أستاذ علم الاجتماع لتسلط الضوء على ملامح دقيقة ومقلقة لظاهرة الانتحار؛ إذ أظهرت أن الذكور أكثر عرضة للإقدام على الانتحار مقارنة بالإناث، وغالبا ما يختارون وسيلة الشنق لتحقيق ذلك، بينما تميل الإناث إلى استخدام التسميم كوسيلة مفضّلة.

وتتركز هذه السِّلك بوضوح في الفئة العمرية الممتدة بين 20 و40 سنة، مما يعكس هشاشة هذه المرحلة العمرية أمام الضغوط النفسية والاجتماعية، كما كشفت الدراسة عن انتشار لافت للظاهرة في الأوساط القروية، حيث تتداخل العزلة الاجتماعية والظروف الاقتصادية الصعبة لتشكّل تربة خصبة لتمدد هذه المأساة الصامتة.

واستندت الدراسة إلى عدد من النظريات والدراسات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية التي تناولت ظاهرة الانتحار، مرورا بالغوص في التاريخ الاجتماعي لمنطقة شمال المغرب، ولا سيما فيما يتعلق بعلاقة الحلال والحرام بزراعة القنب الهندي، وهي العلاقة التي أضفت عليه طابعا دينيا وأدخلته في دائرة المسموح به.

مرجعيات تاريخية ودينية

وقد تجلى هذا القبول في مجموعة من المرجعيات التاريخية والدينية، من شرفاء وصلحاء وزوايا، بل وحتى شخصيات مشهورة، من أبرزهم سيدي هدي، زعيم الطائفة الهداوية بقبيلة بني عروس، والولي سيدي امحمد جمعون بقبيلة بني خالد الغمارية.

واعتمد الباحث في دراسته على منهجية بحثية مزجت بين الأدوات الكمية، كتحليل البيانات الإحصائية، والأساليب الكيفية، مثل المقابلات الميدانية وتحليل مضمون بعض الأهازيج الجبلية التي تعكس معاناة الإنسان في سياق أنشطة زراعة القنب الهندي، وهو ما أضفى على التحليل عمقًا وموضوعية.

وخلص المؤلف إلى أن الانتحار في مناطق زراعة القنب الهندي يعد نتيجة لتفاعل معقد بين ظروف اقتصادية، واجتماعية، ونفسية ترتبط ارتباطا وثيقا بهذه الزراعة. وبذلك، تستبعد الدراسة فرضيتين طالما تم تداولهما دون تمحيص علمي دقيق، هما: الفقر كعامل مباشر، والدين كعامل روحي متمثل في ما يُعرف بـ “الفراغ الروحي”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق جامعة أسوان تفعيل الجودة الأكاديمية بورشة عمل ...
التالى حضرت احتفالية.. محامي نوال الدجوي يرد على تحدي الخصوم: "الدجوي في كامل قواها العقلية