
كشفت جامعة إنديانا بالولايات المتحدة الأمريكية، في تقريرها الصادر حديثًا حول مؤشر البيئة العالمية للعمل الخيري لعام 2025، عن تسجيل المملكة المغربية تراجعًا في تطوير بيئة العمل الخيري، إذ انخفض المؤشر العام لبيئة الأعمال الخيرية فيها من 3.74 نقطة، في التصنيف ما قبل الأخير، إلى 3.42 في التصنيف الحالي، أي أقل من المتوسط العالمي البالغ 3.49 نقطة.
ويعنى المؤشر بتقييم ودراسة بيئة العمل الخيري عبر ستة محاور رئيسية تشمل سهولة تشغيل المنظمات، الحوافز الضريبية، وحرية التدفقات المالية عبر الحدود، إضافة إلى البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للأعمال الخيرية؛ ويغطي أكثر من 90 دولة عبر العالم، حيث جرى تطويره بالشراكة مع 173 خبيرًا من مختلف الدول والمناطق والمستويات العالمية، قاموا بتقييم البيئة الداعمة للعمل الخيري في الدول المشمولة بالدراسة.
وذكر التقرير أن “هناك تطورات بارزة باتت تؤثر على بيئة العمل الخيري، من بينها انتقال الثروات بين الأجيال، والاستقطاب السياسي، وتراجع المساعدات الإنمائية الرسمية، والجهود الإقليمية لتمكين التبرعات عبر الحدود”، معتبراً أن “العمل الخيري لعب دورًا مهمًا ارتباطًا بالتطورات التي شهدها العالم في الفترة الممتدة من يناير 2021 إلى ديسمبر 2023، التي عرفت تقدمًا سريعًا في مجال الذكاء الاصطناعي إلى جانب ارتفاع معدلات التضخم وحدوث كوارث طبيعية واسعة النطاق”.
وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سجلت الوثيقة ذاتها أن “العديد من الدول تفرض قيودًا شاملة على أهداف أو أنشطة المنظمات، تتضمن الحظر بسبب الإخلال بالنظام العام، والتعارض مع العادات أو التقاليد، وتعريض الأمن القومي للخطر، وعدم احترام التراث، والتعدي على حرية الآخرين، والعمل كمنظمة سرية، أو التشكيك في الأحكام الدينية”، موردة أن “المنظمات الخيرية في هذه الدول غالبًا ما تتخذ شكل ‘مؤسسة’ بدلًا من ‘جمعية’، لأن تأسيس المؤسسة وتشغيلها يكون أسهل في هذه المنطقة”.
وأضاف المصدر ذاته أن “حكومات المنطقة سعت منذ سنة 2011 إلى خلق فرص اقتصادية للمواطنين”، وزاد: “أصبح جمع التبرعات وتحويل الأموال عملاً تجاريًا جديدًا، خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يساعد تقنين هذه الأنشطة الحكومات على مراقبة غسيل الأموال المحتمل والتمويل غير المشروع بسهولة. ونتيجة لذلك يبدو أن المنظمات الخيرية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي أو المنظمات الإلكترونية (أي الشركات غير الربحية التي تعمل عبر الإنترنت لجمع وتحويل الأموال) أصبحت الشكل الأحدث من هذه المنظمات، أو بديلاً عنها، في بعض دول المنطقة”.
وبالنسبة للعمل الخيري بالمغرب أشار تقرير مؤشر البيئة العالمية للعمل الخيري لعام 2025 إلى أن “الدستور المغربي والقانون المتعلق بحق تأسيس الجمعيات يمنحان الأفراد الحق في تأسيس جمعيات”، وتابع مستدركا: “لكن رغم عدم وجود أي حواجز رسمية أمام إنشاء الجمعيات إلا أن هناك بعض العقبات البيروقراطية؛ فعلى سبيل المثال قد يتم حجب أو تأخير إصدار وصل الإيداع لتأسيس الجمعية من طرف السلطات المحلية في حالة الجمعيات أو الأفراد الذين لا تحظى مشاريعهم بالقبول”.
واعتبر التقرير ذاته أن “الجمعيات والأفراد في المغرب يواجهون حواجز كبيرة عند إرسال التبرعات العينية خارج البلاد، بسبب القوانين المالية المغربية الصارمة التي ينظمها بنك المغرب، ما يجعل التبرعات الفردية شبه مستحيلة”، مردفا بأن “الحكومة المغربية أقرت مجموعة من التعديلات القانونية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال القوانين رقم 12-18 و43-05، إذ شددت هذه القوانين من العقوبات، ووسعت تعريف غسل الأموال، وقيّدت الرقابة الداخلية، وطرحت تدابير تأديبية جديدة”، وواصل: “ومع ذلك فإن التعريف الموسع لغسل الأموال لا يتناول بشكل محدد الأعمال الخيرية. ونظرًا للقيود الحالية على تحويل الأموال والتبرعات العابرة للحدود لم تؤثر هذه القوانين بشكل كبير على القدرة على تسهيل مثل هذه التبرعات”.