قال مصطفى عادل، الباحث الاقتصادي، إن توجيه رئيس مجلس الوزراء بحصر شامل ومميكن لأملاك هيئة الأوقاف، تمهيدًا لطرحها للشراكة مع القطاع الخاص، يعد قرارًا تأخر اتخاذه أكثر من 50 عامًا، لكنه في الوقت نفسه يمثل طوق نجاة لأغنى هيئة اقتصادية في مصر، والتي تمتلك أصولًا تتجاوز قيمتها تريليون جنيه.
وأوضح عادل، في تصريح له، أن هيئة الأوقاف، التابعة لوزارة الأوقاف، تدير أصولًا ضخمة موقوفة من أفراد وجهات لصالح العمل الخيري والصدقات، تشمل أراضي زراعية ومباني سكنية وتجارية وسيولة نقدية، فضلًا عن حصص في شركات وبنوك، مثل مجموعة "المحمودية" وشركات أخرى.
وأشار إلى أن هذه الأصول لم يتم حصرها حتى الآن بشكل دقيق، وأن معظم المديريات لا تملك بيانات واضحة عن الأراضي التابعة لها، ما يعرقل حسن إدارتها وتحقيق العوائد المرجوة منها.
وأكد الباحث الاقتصادي أن العائد المحقق من هذه الأصول "هزلي"، وأن سوء الإدارة على مدار عقود طويلة، إضافة إلى البيروقراطية والتشابكات مع جهات متعددة، تسببا في ضياع فرص استثمارية ضخمة، موضحًا أن الهيئة لا تتمكن من تحصيل سوى نسبة ضئيلة من الإيجارات المستحقة، خاصة في الأراضي الزراعية، ما يؤدي إلى اضمحلال هذه الأصول بمرور الوقت.
وشدد مصطفى عادل على أن الشراكة مع القطاع الخاص لا تتعارض مع طبيعة الوقف الخيري، بل تعد أحد أفضل السبل للحفاظ على هذه الأصول وتنميتها، حيث تخصص 75% من عوائد الاستثمار لأغراض الوقف، و25% لإعادة استثمارها من خلال الهيئة.
وقال: "لو القطاع الخاص دخل وتربح 500%، فإن الأوقاف ستحقق عوائد مضاعفة مقارنة بالوضع البائس الحالي، وسيتم تحقيق نمو واستدامة حقيقية لهذه الأموال".
وأضاف أن هناك تجارب سابقة لمحاولات تطوير الهيئة، لكن كثيرًا منها فشل بسبب غياب خطة واضحة وتغليب المصالح الشخصية، مطالبًا بوضع إطار حوكمة صارم يخضع له كل من يتعاون مع الهيئة، لضمان الشفافية ومنع الفساد.
وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن تحقيق 10% فقط من هذا التوجه سيعد إنجازًا غير مسبوق، داعيًا الإعلام المصري إلى لعب دور أكثر وعيًا في توضيح الحقائق حول قرارات الحكومة بدلًا من الاكتفاء بنقل صياغات غير مهنية تثير القلق واللغط بين المواطنين.
وختم عادل حديثه قائلًا: "أصول الأوقاف تتجاوز التريليون جنيه بمراحل، ولو تمكنا فقط من تحصيل نصف ما يجب تحصيله سنويًا فسيكون ذلك إنجازًا تاريخيًا، المطلوب الآن هو إدارة محترفة تتعامل مع هذه الأموال ككيان اقتصادي كبير، وليس كجهة بيروقراطية متجمدة".
