تستعد وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة لتنظيم دورة تكوينية في تدريس “الهيب هوب” و”البركينغ” لفائدة أساتذة التربية البدنية والرياضية؛ فقد أهابت بمديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لاقتراح إطارين مفتش/ مدّرس للمادة للاستفادة من هذه الدورة، على أساس تقاسم التكوين مع الأساتذة على الصعيدين الإقليمي والجهوي.
وأفادت الوزارة، في مذكرة وقعها عبد السلام ميلي، مدير مديرية الارتقاء بالرياضة المدرسية، موجهة إلى مديري الأكاديميات، بأنها هذه المديرية تنظم، بشراكة مع الجامعة الملكية المغربية للرياضات الوثيرية والرشاقة البدنية والهيب هوب والأساليب المماثلة وبتعاون مع الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية، “دورة تكوينية لفائدة أساتذة التربية البدنية والرياضية تهدف إلى إعداد مكونين جهويين في الهيب هوب والبريكينغ”.
وأوضحت المذكرة، التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، أن هذه الدورة، التي “سيحدد تاريخها ومكانها لاحقا”، تأتي “انسجاما مع التوجه الاستراتيجي لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة الرامي إلى دعم قدرات أساتذة التربية البدنية والرياضية في مختلف الأنواع الرياضية”، مُفيدة بأنه سيؤطرها “الخبير الدولي في الهيب هوب والبريكين طوماس رميرس”.
لذلك، طلبت الوزارة من مديري الأكاديميات “التفضل باقتراح إطارين (مفتش (ة) / أستاذ(ة)) لمادة التربية البدنية والرياضية (..)، شريطة أن يكونا نشيطين في الرياضة المدرسية ومهتمين بهذا النشاط ومستعدين لتقاسم التكوين مع الأساتذة على الصعيدين الجهوي والإقليمي”.
وخلّفت المذكرة جدلا وانقساما في صفوف الفاعلين التربويين والمهتمين؛ إذ بينما رأى بعضهم بأن تدريس هذ الرياضات تكريس “للتبعية العمياء” وأن “هاذ شي لي كان خاص صراحة”، مُثيرين “إمكانية تخليف ذلك تداعيات على أخلاق التلاميذ”، أوضح البعض الآخر أن “التلميذ يبقى حرا أساسا في ممارستها من عدم ذلك، بما أنها لا تندرج ضمن منهاج التربية البدنية، على أن إدماج أي رياضة يبقى إيجابيا، إذا كانت لها فوائد صحية وسيكولوجية على المتمدرس”.
تحفظ أخلاقي
رضوان الرمتي، فاعل تربوي ممثل المتصرفين التربويين بوزارة التربية الوطنية، أفاد بأنه “حتى إذا كانت هذه الرياضة التي سيتم تكوين أساتذة التربية البدنية فيها ستحفّز التنافسية بين التلاميذ، فإن الملاحظ أنها غير معممة؛ ما يعدم تكافؤ الفرص بينهم على الصعيد الوطني”.
وأوضح الرمتي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “نجاح إدماج أي رياضة في المنظومة يفرض توفير شروط ذلك في جميع المديريات”، مُسجّلا أن “عدد الأساتذة والمفتشين الذين سيتم تكوينهم ضمن الدورة المذكورة لن يغطي المغرب كاملا”.
ولفت الفاعل التربوي نفسه إلى أن “رياضة الهيب هوب أساسا تُقابل بكثير من التحفظ من لدن جزء مهم من المغاربة؛ بالنظر إلى ارتباطها بلباس معيّن وحركات مُحددة يعتبرها البعض أحيانا لا تمت إلى الرجولة بصلة”، مُردفا بأنه “في ظل هذا الوضع، يبقى من غير المنطقي أن تلقّن المدرسة التي من أدوراها التربية، مثل هذا النوع من الرياضات””.
ونبّه المتحدّث ذاته إلى أن “المؤسسات التعليمية تُعاني أصلا من تراجع الوازع الأخلاقي لدى التلاميذ، حيث انتشرت في صفوفهم ممارسات غير سليمة كتعاطي المخدرات؛ بل بدأت تتسلل إلى صفوف الابتدائي والتلميذات”، مُحذّرا من أن “هذا النوع من الرياضات قد يساهم في تعقيد هذا الوضع”.
وأبرز الرمتي أن “التكوين في رياضة الهيب هوب لا يتماشى مع ما يطمح إليه الفاعلون التربويون الذين يجهدون من أجل صون أخلاق المتعلّم، لا سيّما من خلال قوانين داخلية في المؤسسات التعليمية تؤطر اللباس والسلوك”، مُشددا على أن ” اكتساب هذه الرياضة صفة الاعتراف العالمي لا يعني بالضرورة أنها مفيدة للتلميذ”.
مسألة اختيار
ميّز جمال شفيق، خبير ومفتش تربوي مركزي سابق، بين “التربية البدنية المؤطرة بمناهج رسمية تضم أنواعا عديدة من الرياضات التي تحدد بناء على التوجيهات التربوية” وبين “الأنشطة الرياضية الموزاية، التي تشمل ممارسة أنواع عديدة من الألعاب الرياضية، بينها الحديثة، ويتم تنظيمها بناء على شراكة الوزارة الوصية والجامعة الملكية للرياضة المدرسية”.
ورأى شفيق، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “من حيث المبدأ، لا يوجد إشكال في إدخال رياضات جديدة في المنظومة التربوية إذا كانت مهمة وذات فوائد صحية وسيكولوجية على الممارس/ التلميذ، شريطة أن تعمل الوزارة على توفير الشروط اللازمة”.
وفي هذا الصدد، وضّح الخبير التربوي أنه “من الجيّد أن تظل المدرسة المغربية منفتحة على جميع أنواع الرياضات، على أن التلميذ يبقى مطالبا بحصص تلك الكلاسيكية المدمجة داخل المنهاج الدراسي؛ بينما تتاح له، في نهاية المطاف، حرية الاختيار في ما يتعلّق بالرياضات الأخرى، حسب ميولاته وحافزيته لها”.
شددّ شفيق على أنه “إذا كانت هناك مؤسسة أجنبية تدعم التكوين في رياضة ما وتوفّر التمويل والتجهيزات اللازمة، وكانت هذه الرياضة تقدّم إضافة وفوائد للتلميذ؛ فأين المشكل في هذا الصدد؟”، مشيرا إلى أن المقاربات الحديثة في التربية والتكوين “تُراعي الدمج بين تطوير النمو الفكري والاجتماعي والعاطفي والجسدي، عبر الرياضة، من أجل تأهيل تلميذ بشخصية متكاملة قادر على الإسهام في تنمية المجتمع”.
جدير بالإشارة أنه إلى جانب الفوائد البدنية، كتقوية القلب والعضلات وتمرين الأوعية الدموية، فإن ممارسة التلاميذ “للهيب هوب” تنطوي على فوائد نفسية كتخفيف التوتر وتحسين الصحة النفسية، وفق متخصصين كآشلي دايتشاك، المديرة الفنية لمركز فنون الرقص الأدائي في كندا.