أخبار عاجلة

تفعيل سفارة المغرب بسوريا .. انفتاح محسوب في لحظة انتقالية معقدة

تفعيل سفارة المغرب بسوريا .. انفتاح محسوب في لحظة انتقالية معقدة
تفعيل سفارة المغرب بسوريا .. انفتاح محسوب في لحظة انتقالية معقدة

قرر المغرب، خلال القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة في بغداد، إعادة فتح سفارته في دمشق، بعد أكثر من عقد من القطيعة.

يأتي هذا التحرك في لحظة دقيقة تمر بها سوريا، حيث تشهد البلاد مرحلة انتقالية مفتوحة تُعيد فيها القوى المدنية ترتيب المشهد السياسي على أنقاض منظومة سلطوية فقدت الكثير من شرعيتها بفعل الثورة والحرب والتحولات الإقليمية والدولية.

هذا التطور المغربي أثار ردود فعل وتحليلات متنوعة داخل الأوساط السورية، خاصة من قبل النخب المثقفة والإعلامية التي تتابع باهتمام مقاربات الدول العربية تجاه “سوريا الجديدة”. وبين من يراه انخراطا مدروسا في دعم مسار انتقالي مأزوم، ومن يعتبره محاولة لإعادة تموضع دبلوماسي في لحظة إعادة تشكل التوازنات، يظهر القرار المغربي كحالة رمزية تعبّر عن تحوّلات أعمق في النظرة العربية للواقع السوري المتغير.

براغماتية مغربية

المحلل السياسي السوري حسين فواز قال إن المغرب تعاطى مع الملف السوري بمنطق براغماتي متوازن، موضحا أن قرار إعادة فتح السفارة في دمشق يندرج ضمن مقاربة استراتيجية أشمل تهدف إلى تعزيز تموقع الرباط إقليميا، ومواكبة التحولات الجارية في الفضاء العربي، دون الانجرار إلى خطاب تطبيعي مجاني مع النظام.

ويعتبر فواز، ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن المغرب واعٍ بعدم حدوث تغيير جوهري في طبيعة النظام السوري؛ إلا أنه اختار الانفتاح بناء على قناعة بأن نهج العزلة لم يعد مجديا، وأن تقوية الحضور العربي في سوريا أضحى خيارا أنجع من ترك الساحة لقوى إقليمية ودولية متصارعة.

وأوضح المحلل السياسي السوري أن ما يميز التحرك المغربي هو قدرته على الفصل بين الدولة كشعب وتاريخ ومؤسسات وبين النظام كسلطة فقدت مشروعيتها بفعل القمع والانهيار المؤسساتي.

وشدد فواز على أن المغرب، من خلال هذه الخطوة، لا يمنح شرعية سياسية لسلطة سابقة؛ بل يعيد بناء علاقته مع دولة تمر بمرحلة تحول بنيوي، يحاول فيها الفاعلون الجدد – من مدنيين وسياسيين – إعادة تعريف الهوية الوطنية السورية، ووضع أسس جديدة لعلاقتها مع العالم العربي.

وأشار المتحدث عينه إلى أن هذه المقاربة تعكس فهما دقيقا لتعقيدات اللحظة السورية، حيث لا تزال المؤسسات في طور التشكل، والنظام السياسي الجديد يبحث عن توازن داخلي واعتراف خارجي دون الوقوع في فخ الارتهان.

وفي هذا الإطار، سجل المحلل السياسي السوري أن المغرب يملك مؤهلات تاريخية ودبلوماسية تخوّله لعب دور “الوسيط النزيه”، القادر على مدّ جسور التواصل مع المجتمع المدني السوري، وتقديم دعم غير تدخلي للعملية الانتقالية.

وأضاف أن هذا الدور لا ينبغي أن يقتصر على الرمزية أو الدبلوماسية؛ بل يمكن أن يشمل أيضا التعاون في مجالات بناء القدرات، وتعزيز الإعلام المستقل، وتبادل الخبرات في العدالة الانتقالية. فالمغرب، حسب فواز، مرّ بدوره من مرحلة انتقالية، واستفاد من إصلاحات مؤسساتية عميقة يمكن أن تمثل نموذجا يُحتذى به في سوريا الجديدة إذا ما توفرت الشروط السياسية لذلك.

خطوة بمخاطر

منّار الرشواني، الإعلامي السوري ورئيس تحرير منصة “فوكس حلب”، قال إن قرار المغرب بإعادة فتح سفارته في دمشق يُعدّ خطوة سياسية محفوفة بالمخاطر ما لم تُحط بإستراتيجية دقيقة؛ فالوضع في سوريا لا يزال غير مستقر، والمرحلة الانتقالية تعيش تجاذبا حادا بين قوى تسعى إلى إعادة تعريف الدولة، وأخرى تحاول إعادة إنتاج نفوذها القديم.

وأشار الرشواني إلى أن قلق السوريين لا يكمن في عودة العلاقات مع العالم العربي؛ بل في إمكانية أن تتحوّل هذه العودة إلى نوع من التطبيع الضمني مع قوى لا تزال تعيق مسار التحول السياسي.

واعتبر المتحدث عينه أن المغرب، باختياره هذه اللحظة لإعادة فتح سفارته، يضع نفسه تحت مجهر المراقبة: هل سيلعب دورا فاعلا في دعم المجتمع المدني السوري الصاعد، أم سيكتفي بتمثيل دبلوماسي تقليدي لا يتعدى المجاملات الرسمية.

وأضاف الإعلامي سالف الذكر أن الانفتاح المغربي سيكون ذا قيمة فعلية إذا اقترن بخيارات سياسية واضحة، تنحاز بصدق إلى مبادئ المرحلة الانتقالية التي تنشدها قطاعات واسعة من السوريين.

وأشار الرشواني إلى أن المغرب، بما يمتلكه من مصداقية دبلوماسية في المنطقة، قد يتحول إلى فاعل محوري في دعم سوريا الجديدة، عندما يقرر توسيع علاقاته لتشمل الصحافة الحرة، والنقابات المستقلة، والجامعات والمبادرات المحلية.

وأضاف أن المغرب، إذا أراد أن يكون فاعلا حقيقيا في هذا التحول، فعليه أن يُبقي قنواته مفتوحة مع القوى المجتمعية الصاعدة، لا أن يكتفي بالتعامل مع واجهات سياسية لم يُجمع السوريون بعد على مشروعيتها.

وأوضح أن اللحظة السورية الراهنة لا تحتمل مقاربات جزئية أو خطوات رمزية؛ بل تتطلب مواقف تُعيد الاعتبار للمبادئ التي نادى بها السوريون منذ اللحظة الأولى: الحرية، الكرامة، والعدالة. وقال إن “المعادلة اليوم واضحة: إما أن تكون العودة العربية إلى دمشق جزءا من إعادة البناء، أو تتحول – عن غير قصد – إلى غطاء لاستمرار اختلالات الماضي تحت مسميات جديدة”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق كامل أبو علي يتقدم باستقالته من رئاسة المصري البورسعيدي
التالى طقس أول مايو 2025.. أجواء دافئة نهارًا وبرودة ليلًا وأمطار محتملة على السواحل