أخبار عاجلة

المعارضة تنتقد "مدارس الريادة" واعتناء الحكومة بالمؤسسات الخاصة

المعارضة تنتقد "مدارس الريادة" واعتناء الحكومة بالمؤسسات الخاصة
المعارضة تنتقد "مدارس الريادة" واعتناء الحكومة بالمؤسسات الخاصة

انتقد فريق الاتحاد الاشتراكي-المعارضة الاتحادية بمجلس النواب مشروع مدرسة الريادة، معتبرا أنه بالنظر إلى عدد المستفيدين الحاليين والوتيرة التي يتم بها تنزيل هذه التجربة، دون احتساب الوافدين الجدد على المدرسة، فقد يتطلب التعميم الشامل لمدارس الريادة سنوات كثيرة، مسجلا أنها “تمثل عبئا ماليا مهما يُستنزف الجزءُ الأكبر منه في المعدات والبنيات التحتية، وهذه العوامل على أهميتها ليست ذات الأثر الأكبر في الإصلاح”.

جاء هذا بالغرفة الأولى، اليوم الاثنين، في كلمة للفريق خلال جلسة عمومية خصّصت للأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة حول السياسة العامة المرتبطة بالتربية الوطنية والتعليم العالي، ذكر فيها أن “اللجوء إلى مؤسسات أجنبية للتقييم بدعوى الحرص على الموضوعية مسألة مكلفة أولا، ومتجاهلة للكفاءات الوطنية، وتوجد خارج السياق الثقافي للتلميذ المغربي”.

إغراق للمؤسسات

أشار النائب محمد عبا إلى “إغراق المُدرس بالمذكرات والتعليمات لدرجة يتم معها تعطيل قدراته والحد من حريته في مجال الاجتهاد وإبداع الحلول حسب طبيعة الصف الدراسي وخصوصيته”، مضيفا أن “هذه التجربة في صيغتها الحالية تأكيد في حد ذاتها على المقاربة التجزيئية للإصلاح، وتجربة غير مكتملة ونحن على أبواب نهاية الولاية”.

وتابع شارحا: “بدل التوجه بإصلاح شمولي ومندمج للتعليم والمدرسة العمومية أساسا، وبدل ردم الهوة بين المدرسة العمومية والقطاع الخاص، لجأت الحكومة إلى تعميق الفوارق داخل المدرسة العمومية ذاتها”، وزاد: “أبناؤنا اليوم يخضعون لنفس الامتحانات الإشهادية بمستويات إعدادية مختلفة من المنطلق وبحظوظ غير متكافئة”.

وقال النائب عينه إن “الإشكالات التي يعرفها التعليم تتفاقم نتيجة عدم قدرة الحكومة على تفعيل القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين، باعتباره المدخل الرئيسي لضمان نجاعة الإصلاح واستدامته”، وتابع: “بدا أن الحكومة ابتعدت عن هذا القانون الذي انبثق عن الرؤية الاستراتيجية التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، والتي كانت محط إجماع جميع الفاعلين في البلد، حتى صارت وثيقة مرجعية لجميع المساهمين في إصلاح المدرسة المغربية”.

حنان فطراس، نائبة عن “فريق الوردة”، قالت بدورها إن الحكومة لا تتوفر على “دراسة مسبقة حول مشاكل التعليم وقضاياه البيداغوجية المعقدة”، معتبرة أن “ولاء الحكومة مطلق للقطاع الخاص، في الوقت الذي يتطلب من الوزارة القيام بأدوار محورية في التأسيس للدولة الاجتماعية”، وزادت: “مدارس الريادة هي بالفعل رائدة ومشروع ناجح بلغة الأرقام والإحصاءات، إنجاز كبير تفتخر به الوزارة، ومعتمد على نتائج منجزة من طرف المختبر. افتخار لا تصمد معطياته في واقع التنزيل”.

وسجلت أنه “يكفي الرجوع إلى المعطيات التي تقدمها الوزارة والمؤسسات الدستورية، الوطنية والدولية، التي تقر بالتسرب، والأقسام المشتركة، والتسيب الأخلاقي، والهدر الفظيع للمال العام”، مبرزة أن مشروع “المدرسة الرائدة” يأتي “عقب الحراك التعليمي، وما تلاه من توقيف عن العمل يشمل مناضلات ومناضلين. مشروع يلقى كسابقيه مصير الفشل، بدءًا بفشل تنزيل الميثاق الوطني للتربية والتكوين، واختلالات البرنامج الاستعجالي، وتعثر الرؤية الاستراتيجية، وما تلاها من تنزيل مرتجل ومستعجل للقانون الإطار”.

واعتبرت أن “المشروع هدفه تدمير الخدمات الاجتماعية، وتفكيك وتسليع المدرسة العمومية من خلال تبني سياسة التبخيس”، وقالت: “تفكيك، وتسليع، وتدمير يتم من خلال المؤسسات المالية الدولية التي تتحكم في سياساتنا الرسمية، تراقبنا، وتفرض علينا إصلاحات تضر بجوهر العملية التعليمية التعلمية، تركز على الخوصصة والتقليص من الإنفاق العمومي، وتضرب الموقع الاعتباري لنساء ورجال التعليم، وتقلل من دورهم داخل المؤسسة التعليمية”.

“تخبط متكرر”

محمد أوزين، النائب البرلماني عن الفريق الحركي، قال إن “التعليم في بلادنا منظومة مكلومة، تعاقبت عليها حكومات، وعليها سياسات أعطاب واختلال وتشويش واضطراب. رأس مال الشعوب هو التربية، وعدو الشعوب هو الجهل، والجهل أكثر كلفة من التعليم. كما هو المعلم، هناك اعتقاد أن الأستاذ “مهوب”، وهو مكلف، والواقع أن الأستاذ السيئ والرديء أكثر كلفة، لأن الأوطان تقوم على كاهل ثلاثة: فلاح يغذيه، جندي يحميه، ومعلم يُربيه. ومن فتح مدرسة أقفل سجناً، فهل أقفلت مدارسنا أبواب سجوننا؟”.

وتساءل أوزين: “إلى حدود اليوم ما زلنا لم نبدأ إصلاح التعليم؛ فإما أننا لم نعرف الطريق إليه، أو أن هناك إرادة غائبة أو مُغيّبة من أجل الإصلاح. حوالي 39 وزيرًا تعاقبوا على تسيير القطاع، وحوالي 16 مشروعًا إصلاحيًا تم تجريبهم”، وقال: “آخر إصلاح كان هو القانون الإطار للتربية والتعليم والبحث العلمي، قدمه الوزير سعيد أمزازي، صوتنا له جميعًا، أغلبية ومعارضة، وتمت المصادقة عليه من أعلى سلطة في البلاد، طبقًا لأحكام الدستور”.

وسجل الأمين العام لحزب “السنبلة” أن “القانون الإطار حدد الطريق السيار، أي المبادئ والأهداف الأساسية لسياسة الدولة واختياراتها الاستراتيجية من أجل إصلاح المنظومة، بعد نقاش ومصادقة كل الأطياف السياسية”، وتابع: “ظهر وزير في أغلبية الحكومة، وبنزوة عابرة، وبجرة قلم تائهة، أجهز على الرؤية الاستراتيجية. فاختلط السلك والمسلك، فأصبحت الحكومة في تيهٍ عن كل الأسلاك، وبدل أن تكونوا كفة السلاك، أصبحتم سبب الهلاك”.

النتيجة، وفق المتحدث هي “العودة إلى نقطة الصفر، مناظرات جهوية، مشاورات جديدة حول المدرسة والجامعة لبناء إصلاح للإصلاح، وتشخيص للتشخيص”، مسجلا أن “قطاع التعليم أصبح رهينًا للولايات الانتخابية المتعاقبة. وحصيلة هذا التخبط، هي التقرير العالمي للتعليم الصادر هذه السنة الذي وضع المغرب في المرتبة 63 من بين 72 دولة، أي ضمن تسع دول في آخر الترتيب. وسجلنا ترتيبًا متأخرًا في معظم المؤشرات”.

وذكر أن “ترتيب التلاميذ المغاربة في المستوى الرابع ابتدائي، والثانوي، والثاني إعدادي، يضعهم في ذيل الترتيب العالمي في العلوم والرياضيات. هذا مرعب؛ نحن في الرتبة ما قبل الأخيرة ضمن 57 دولة على مستوى تقييم تطور الكفايات القرائية”، مضيفا أن “الخبر المزلزل هو أن 60 بالمائة من التلاميذ في المغرب لا يتحكمون في كفايات الحد الأدنى لمستويات الأداء في القراءة. أما الجامعات، فترتيبنا غائب في لائحة 20 دولة إفريقية، وتظهر مرتبتنا ضمن آخر الدول المرتبة حسب 40 دولة إفريقيا، وليس عالميًا”.

وتابع أوزين قائلا: “هذه الأرقام كلها محبطة ومسببة للاكتئاب”، وقال مخاطبا رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة: “نسألكم عن استمرار قانون اعتماد سن 30 سنة للتوظيف في التعليم؟ أنتم تضربون في عمق نظام الوظيفة العمومية، الذي ترفضون تعديله، وليس لديكم الجرأة السياسية لمناقشته”.

مواصلة الإصلاح

النائب حسن أومريبط، عن فريق التقدم والاشتراكية، قال إن “قضية التعليم كان من المفترض أن تتصدر فعلياً أولويات الحكومة، التي رفعت الدولة الاجتماعية كشعار فقط، في حين أن الأمر يتعلق بالتزام فكري وسياسي وعملي، يَضَعُ الإنسان، وليس الربح، في صُلب السياسات التنموية”، مبرزا أن “ورش التربية والتعليم ورش مجتمعي مهيكل. وإصلاح المدرسة العمومية والاستثمار المنتج في مجتمع المعرفة واقتصاد المعرفة هما المدخل الأساس لإرساء أسس المشروع المجتمعي المغرب العادل اجتماعيا”.

وأضاف أومريبط أن “الحكومة كانت محظوظةً بأن وجدت أمامها مرجعيات جاهزة الإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، وأساساً وثيقة النموذج التنموي الجديد التي تنكَّرَتْ لها الحكومة؛ ووثيقة الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار باعتباره تعاقداً وطنياً يُلزم الجميع”، وتابع: “لكن تظل مُعظمُ آلياتِهِ معطلة أو متعثرةً على لائحة الانتظارات الطويلة في عهد هذه الحكومة التي تدعي إنجاز كل شيء بشكل غير مسبوق، في مقابل منجز متواضع وواقع صعب يكذب هذا الاستعلاء غير المسبوق”.

وشدد النائب ذاته على أن “معالجة أعطاب التعليم تتطلب من بين ما تتطلبه، استقرار وانتظام وتيرة الإصلاح، والبناء على التراكم”، وزاد: “الحكومة اختارت تضخيم وتعويم المرجعيات، فأضافت خارطة طريق، وغيرت وزيراً بوزير، لتستمر دوامة إصلاح الإصلاح… دون جدوى ولا معنى اللهم ما صار يُثَارُ من تخوفات مجتمعية حقيقية حول مصير المرفق العمومي المتمثل في المدرسة العمومية، باعتبارها ضمانةً للولوج الفعلي إلى الحق الدستوري والكوني في التعليم”.

وقال شارحا: “عندما نقول إن الحكومة فشلت، فإننا لا نقول ذلك افتراء أو تَشَفِّياً أو لأننا مسرورون بذلك، بل نقول ذلك بألم وحسرة، وبحس تنبيهي مسؤول، لأنه لا أحد يتمنى الفشل لحكومة بلاده”، وتابع: “هو فشل مؤكَّد ومسنود بأرقام رسمية، من غير المقبول التهجم عليها أو الانزعاج من الانتقادات المرتكز عليها”.

وزاد: “إنَّ المدرسة العمومية في عهد هذه الحكومة، رغم المعالجة الاضطرارية نسبيًا لبعض مطالب أسرة التعليم، ورغم الزيادة في ميزانية القطاع، ورغم اعتماد مدارس الريادة كتجربة لا تزال جنينية ومحدودة التفعيل وتحتاج إلى التقييم والتقويم والتطوير قبل التعميم، إلا أنَّ الحكومة عموماً تبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق مدرسة الجودة والتميز وتكافؤ الفرص”.

أسئلة مطروحة

إبراهيم أجنين، نائب عن المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، قال إن “مشروع مؤسسات الريادة يُعد خارج المرجعيات الدستورية والقانونية، ويضرب مبدأ الإنصاف وتكافؤ الفرص، في ظل مؤسسات تعليمية مؤهلة وأخرى مُهملة، وأساتذة بتكوين وعدّة بيداغوجية ومنح مالية، وآخرين مُهمّشين، وتلاميذ يجتازون امتحانًا وطنيًا للسنة السادسة، وآخرين امتحانًا محليًا، في مخالفة صريحة للإطار المرجعي للإشهاد، وضربٍ لمبدأ التوحيد”.

وأضاف النائب عن مجموعة “بيجيدي” أن هذه “حصيلة مقلقة تؤكد فشل مشروع الريادة، حيث إن 30 بالمائة فقط من تلاميذ التعليم العمومي يتحكمون في المقرر الدراسي عند استكمال التعليم الابتدائي، و10 بالمائة فقط يتحكمون في المقرر الدراسي عند استكمال التعليم الإعدادي”، وزاد: “المعطيات تُعتبر صادمة، حيث تؤكد انقطاع 2544 تلميذًا وتلميذة عن الدراسة في 232 إعدادية تجريبية بالمغرب منذ بداية الموسم الدراسي 2024/2025”.

وتحدث أجنين عن وجود “تغييب للهيئة الوطنية للتقييم من عملية تقييم المشروع، وتكليف جهات من خارج منظومة التدريس بعملية المتابعة والتقييم، مما خلق تناقضًا في المرجعيات المعتمدة بين المرجعيات التربوية ومرجعيات النجاحة المقاولاتية والتدبيرية”.

كما أثار ما أسماه “الارتجالية والارتباك في التنزيل، من خلال المصادقة على قانون التعليم المدرسي، ومراسيم الهندسة اللغوية والتوجيه المدرسي”، موردا أن “الهندسة اللغوية التي لا تنسجم مع مبدأ التناوب اللغوي المشار إليه في القانون الإطار، خاصة بفرض إجبارية الفرنسية كلغة للتدريس في السلك الإعدادي، بعد أن كانت خيارًا”.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق وجهة عماد النحاس القادمة حال رحيله عن طاقم خوسيه ريفيرو
التالى بقوة 6.4 ريختر.. البحوث الفلكية تكشف تفاصيل زلزال منتصف الليل| عاجل