سجلت تعاملات المستثمرين الأجانب في البورصة المصرية تراجعًا حادًا لتقترب من أدنى مستوياتها التاريخية، إذ لم تتجاوز نسبتها 5% في أفضل جلسات التداول، مقارنةً بما يزيد عن 30% قبل نحو عقدين، بحسب بيانات رسمية صادرة عن البورصة المصرية.
ووفقًا للتقارير الشهرية، فقد سجلت نسبة مشاركة الأجانب في تداولات السوق انخفاضًا لافتًا إلى 4.9% خلال شهري فبراير وأبريل 2025، وهي مستويات لم تشهدها السوق المصرية منذ أزمة السوق السوداء في مارس 2023.
من ربع السوق إلى الهامش: تغير في خريطة الاستثمار الأجنبي
المتوسطات التاريخية كانت تشير إلى أن الأجانب استحوذوا على نحو 25% من تداولات البورصة المصرية، بدعم من مشاركة صناديق التقاعد والصناديق السيادية. إلا أن هذه المعادلة تغيرت جذريًا بفعل تكرار تخفيضات سعر الصرف، والضبابية الاقتصادية التي باتت تضع السوق في حالة هشاشة أمام أي متغيرات عالمية، لتنعزل بذلك البورصة المصرية عن الحراك الدولي للأسواق.
ثقة متآكلة وأدوات قصيرة الأجل
يرى محللون أن هذا التراجع في التمثيل الأجنبي يعكس فقدان الثقة في استقرار السوق المحلية، وسط استمرار الحكومة في الاعتماد على أدوات الدين القصير الأجل لجذب رؤوس الأموال الساخنة، بدلاً من تحفيز الاستثمارات طويلة الأمد.
في هذا السياق، قال خبير أسواق المال أحمد رضوان:
"الانكماش في تعاملات الأجانب هو انعكاس مباشر لغياب استراتيجية واضحة لجذب المستثمر طويل الأجل، سواء عبر استقرار التشريعات أو تحسين مرونة سوق الصرف".
أسواق أخرى أكثر جاذبية في زمن الحرب التجارية
في ظل استمرار التوترات الجيوسياسية، خاصة الحرب التجارية الممتدة بين الولايات المتحدة والصين، أصبحت الأسواق الناشئة محل اختبار دائم، ما دفع العديد من الصناديق الأجنبية إلى توجيه استثماراتها إلى أسواق أكثر استقرارًا من حيث التشريعات، وذات عملات مستقرة.

وهو ما يطرح تساؤلات حول قدرة مصر على استعادة جاذبيتها الاستثمارية في المدى المتوسط، خاصة في ظل المنافسة الشديدة داخل المنطقة، حيث تتجه بعض الدول نحو تقديم حوافز ضريبية وتشريعية أوسع لجذب الاستثمارات الأجنبية.
التحدي القادم: استعادة ثقة المستثمر طويل الأجل
يتفق الخبراء على أن الطريق إلى استعادة ثقة الأجانب في البورصة المصرية يمر عبر:
- تحرير السوق من التقلبات غير المحسوبة في العملة
- استقرار السياسات المالية والنقدية
- تحسين بيئة الأعمال والتشريعات الجاذبة
- دعم الشفافية والإفصاح في السوق
ومع الترقب لجولات ترويجية حكومية مرتقبة لجذب استثمارات أجنبية، تبقى مشاركة الأجانب في سوق المال المصري مؤشراً دقيقًا على ثقة المستثمر الدولي في الاقتصاد ككل.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.