منذ تأسيسه عام 1907، لم يكن النادي الأهلي مجرد نادٍ رياضي، بل صار رمزًا وطنيًا وسياسيًا واجتماعيًا يختزل ملامح مصر الحديثة.
تاريخ الأهلي لا يُقرأ فقط من خلال بطولاته، بل من خلال رجاله الذين جلسوا على مقعد الرئاسة، وكل واحد منهم جسّد مرحلة من مراحل المجتمع المصري.
فمن ميشيل إنس أول رئيس أجنبي، إلى محمود الخطيب أول أسطورة كروية تعتلي كرسي الحكم الإداري، تتشكل قصة الأهلي عبر 16 رئيسًا تركوا بصماتهم في دفتر التاريخ.
البدايات.. ميشيل إنس وعزيز عزت باشا
أول رئيس للأهلي كان ميشيل إنس (1907–1908)، وهو شخصية أجنبية قادت النادي في لحظاته الأولى، لكن سرعان ما تسلم الراية أول رئيس مصري، عزيز عزت باشا (1908–1916)، الذي منح الأهلي هويته الوطنية منذ البداية، وربطه بالحركة الاجتماعية والسياسية المصرية.
مرحلة الاستقلال الوطني.. عبد الخالق ثروت وجعفر والي
عبد الخالق ثروت باشا (1916–1924) جاء ليؤكد أن الأهلي لم يكن مجرد نادٍ رياضي، بل ساحة لقادة وطنيين ارتبطوا بالنضال ضد الاحتلال، تلاه جعفر والي باشا (1924–1940) الذي قاد مرحلة طويلة من الاستقرار المؤسسي، عزز خلالها صورة الأهلي ككيان وطني جامع.
أحمد عبود باشا.. أطول ولاية في تاريخ الأهلي
يُعد أحمد عبود باشا (1940–1965) علامة فارقة، إذ ظل على كرسي الرئاسة ربع قرن كامل، هذه الفترة شهدت رسوخ الأهلي كأكبر نادٍ في مصر والمنطقة، مع توسع إنشائي وتنظيمي جعله نموذجًا للأندية الحديثة، عبود باشا كان رجل أعمال بارزًا، وربط بين الاقتصاد والرياضة في زمن ما قبل الثورة.
ما بعد ثورة يوليو.. الدسوقي ومرتجي وزايد
بعد ثورة 1952، دخل الأهلي مرحلة جديدة مع صلاح الدين الدسوقي (1965–1967) الذي مثّل بداية عهد الدولة الحديثة، ثم جاء الفريق أول عبد المحسن كامل مرتجي (1967–1971)، الذي بخلفيته العسكرية أعاد الانضباط للمؤسسة، قبل أن يتولى حافظ إسماعيل (1971) وسعد زايد (1971–1972) إدارة النادي لفترات قصيرة، في مرحلة انتقالية مليئة بالتغيرات، عاد الفريق مرتجي لولاية ثانية (1972–1980) ليقود الأهلي نحو استقرار إداري أكبر، مهد الطريق لعصر جديد.
صالح سليم.. المايسترو على مقعد الرئاسة
حين جلس صالح سليم على كرسي الرئاسة (1980–1988، ثم 1992–2002)، تغيرت قواعد اللعبة، المايسترو لم يكن مجرد إداري، بل أيقونة جماهيرية جعلت شعار "الأهلي فوق الجميع" دستورًا حقيقيًا للنادي، صالح أدخل الاحترافية، بنى منظومة إدارية متماسكة، وواجه خصومه بقوة ليبقى اسمه محفورًا كأسطورة لا تتكرر.
عبده صالح الوحش.. صوت التوازن والخبرة
بين ولايتي صالح سليم، جاء عبده صالح الوحش (1988–1992)، أحد أبرز أبناء الأهلي إداريًا وفنيًا، قاد النادي بروح الرجل الهادئ الخبير، وحافظ على استقراره في فترة دقيقة، ليبقى اسمه شاهدًا على الوفاء والانتماء.
حسن حمدي.. عصر الاقتصاد والإعلام
من 2002 حتى 2014، حكم حسن حمدي القلعة الحمراء بولاية طويلة شهدت طفرة مالية غير مسبوقة، توسعت موارد النادي عبر الرعايات والإعلانات، وأصبح الأهلي مؤسسة اقتصادية ورياضية عملاقة. فترة حمدي رسخت صورة الأهلي ككيان متكامل يتجاوز حدود الملعب.
محمود طاهر.. مرحلة انتقالية صعبة
في 2014 تولى محمود طاهر رئاسة الأهلي حتى 2017، في فترة مليئة بالتحديات، ورغم الانتقادات، إلا أن عهده شهد جهودًا على صعيد البنية التحتية والموارد المالية. طاهر مثّل حلقة انتقالية بين جيل حسن حمدي والإدارة الجديدة بقيادة الخطيب.
محمود الخطيب.. من أسطورة الملعب إلى الرئيس الإداري
في 2017، أصبح محمود الخطيب أول لاعب كرة في تاريخ الأهلي يتولى الرئاسة. "بيبو" جاء كرمز جماهيري كبير، وحقق إنجازات رياضية وبنية تحتية مهمة، لكنه واجه أيضًا انتقادات وتحديات جماهيرية وإدارية عنيفة، الخطيب جمع بين المجد الكروي والتجربة الإدارية، ليصبح حالة فريدة في تاريخ النادي.
التاريخ الطويل لرؤساء الأهلي يعكس ملامح مصر عبر أكثر من قرن: من الباشوات والنخبة الوطنية، إلى القادة العسكريين، إلى الأساطير الكروية. وكل رئيس جسّد بمرحلة رئاسته صورة من صور المجتمع.
ومع محمود الخطيب، وصل الأهلي لأول مرة إلى رئيس من قلب المستطيل الأخضر، لكن لحظة اعتذاره الأخيرة عن الترشح أعادت التذكير بأن الأهلي كيان أكبر من الأشخاص.
اعتذار الخطيب لم يكن نهاية، بل استمرار لنهج الأهلي في مواجهة التحديات بشجاعة، والاعتراف قبل التصحيح، هكذا يبقى الأهلي ناديًا وطنيًا، يُكتب تاريخه برؤسائه، لكنه يعيش بروحه وجماهيره.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.