مع بداية العام الدراسي الجديد، تفتح المدارس أبوابها لاستقبال الطلاب، لكن تبقى قضية الصحة النفسية للطلاب مهمشة، ولا تحظى بنفس الاهتمام الذي تحظى به المناهج أو الكتب المدرسية، رغم تأثيرها المباشر على التحصيل الدراسي وحياة الطلاب المستقبلية.
الطلاب، خصوصًا في المراحل الإعدادية والثانوية، يواجهون ضغوطًا متعددة، على سبيل المثال المناهج المزدحمة التى لا تراعي الفروق الفردية، ما يزيد شعور الطالب بالإرهاق، الدروس الخصوصية المطولة التى تستهلك وقت الطالب، وتزيد العبء المالي على الأسرة، فضلًا عن التنمّر داخل المدارس، سواء من زملاء أو في بعض الأحيان من المعلمين الذى يترك آثارًا سلبية على الثقة بالنفس، وكذلك ضغط الأسرة والمجتمع لتحقيق التفوق الأكاديمي والمقارنة المستمرة مع الآخرين.
خبراء الصحة النفسية يؤكدون أن العقل المثقل بالضغط لا يستطيع التعلم بفاعلية، وأن استمرار الضغوط يؤدي إلى ضعف التحصيل الدراسي، وظهور اضطرابات سلوكية، تصل أحيانًا إلى الانعزال أو العدوانية، وحالات اكتئاب قد تدفع بعض الطلاب إلى أفكار انتحارية، خصوصًا في مراحل الثانوية العامة.
وللأسف في كثير من المدارس الريفية، لا يوجد أخصائي نفسي أو اجتماعي يقوم بمهامه الحقيقية، وإن وُجد، غالبًا ما يكون مكلفًا بمهام إدارية بعيدة عن تقديم الدعم للطلاب، تاركًا هؤلاء لمواجهة ضغوطهم بمفردهم.
لذا يجب اتخاذ خطوات عملية للحفاظ على صحة أبنائنا الطلاب النفسية مثل، تعيين أخصائيين نفسيين واجتماعيين في كل مدرسة، لتقديم الدعم المباشر للطلاب ، وتدريب المعلمين على اكتشاف العلامات المبكرة للضغط النفسي والاكتئاب، ليتم التدخل سريعًا ، وإدخال برامج وأنشطة ترفيهية ورياضية وفنية تساعد الطلاب على التعبير عن مشاعرهم وتخفيف التوتر ، مع ضرورة توعية الأسر بخطورة الضغط الزائد على الأبناء، وتشجيع الحوار معهم بدلاً من المقارنة المستمرة.
الأهتمام بالصحة النفسية للطلاب يجب أن يكون أولوية مشتركة بين المدرسة والأسرة والدولة، فالمدارس لا يجب أن تكون مجرد مكان لتلقين المعلومات، بل بيئة داعمة نفسيًا، تشجع الطالب على التعلم والابتكار.
وختاما الصحة النفسية ليست رفاهية، بل شرط أساسي لنجاح العملية التعليمية، إذا أردنا طلابًا قادرين على التعلم والإبداع، يجب أن نبدأ بالاستماع إليهم، وأن نجعل البيئة المدرسية مكانًا يشعر فيه الطالب بالأمان النفسي قبل أن يُطلب منه التفوق الأكاديمي .