أخبار عاجلة

أبو السعود محمد يكتب.."حدود النار" مع أوروبا

أبو السعود محمد يكتب.."حدود النار" مع أوروبا
أبو السعود محمد يكتب.."حدود النار" مع أوروبا

 الجملة التي قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قد يظنها البعض  أنها تصريحًا عابرًا، لكنها في الحقيقة رسالة استراتيجية عميقة، صيغت بعناية لتخاطب المخاوف الأوروبية الأكثر حساسية.


الهاجس الأكبر للقارة الأوروبية منذ عقدين على الأقل،هي الهجرة غير الشرعية.


كل موجة من اللاجئين – من حروب البلقان في التسعينيات، إلى الأزمة السورية عام 2015، وصولًا إلى المهاجرين الأفارقة عبر المتوسط – كانت كفيلة بإرباك المشهد السياسي والاجتماعي الأوروبي.


الأحزاب اليمينية الشعبوية بنت نفوذها على هذا الملف، والحكومات اهتزت بفعل الضغوط الشعبية، حتى صار البحر المتوسط يُعرف في أروقة الاتحاد الأوروبي بـ "حدود النار"، فهو البوابة التي تحدد حجم الضغط القادم نحو برلين وباريس وروما.


منذ عام 2016،ل عبت مصر باحتراف في هذا الملف،وقبضت على زمامه.


أصبحت مصر شريكًا أساسيًا لـ أوروبا في مواجهة هذه الظاهرة. فبعد مأساة مركب رشيد التي أودت بحياة أكثر من مئتي مهاجر، بادرت القاهرة إلى تشديد الرقابة على سواحلها، وأقرت قانون مكافحة الهجرة غير الشرعية، ثم دخلت في سلسلة اتفاقات مع الاتحاد الأوروبي.


كانت النتيجة واضحة: منذ عام 2016 لم تُسجَّل حالة انطلاق واحدة من السواحل المصرية باتجاه أوروبا، وهو ما أشادت به وكالة "فرونتكس" الأوروبية مرارًا.


وهنا يتضح أنه عندما ربط الرئيس السيسي بين تهجير سكان غزة واحتمال تدفق موجات بشرية إلى أوروبا، فإنه لم يكن يتحدث فقط عن مأساة إنسانية تخص الفلسطينيين، بل كان يوجه إنذارًا مباشرًا للأوروبيين بلغة يفهمونها:


أي تهجير قسري سيضاعف الضغط السكاني على مصر.

قوارب مهاجرين نحو أوروبا

هذا الضغط سينعكس بالضرورة على البحر المتوسط، حيث سيتحول إلى قوارب مهاجرين نحو أوروبا،أو ربما يكون تهديد مباشر بعود الأمر كما كان من قبل،ووقتها لن تلوم أوربا إلا نفسها.


الخطر لن يبقى محصورًا في غزة أو سيناء، بل سيصل إلى أبواب العواصم الأوروبية ذاتها.
وهنا تتببن أبعاد الرسالة وهي: الضغط السياسي: مصر تقول للأوروبيين إن منع التهجير ليس مجرد موقف عربي أو إنساني، بل مصلحة أوروبية مباشرة.


والتأكيد على الدور المصري: القاهرة أثبتت قدرتها على وقف الهجرة عبر شواطئها، وهي تذكّر أوروبا بأن استقرارها مرتبط باستقرار مصر،وبلغة يفهمها الغرب: فالأوروبيون لا يتأثرون كثيرًا بالشعارات، لكنهم يتحركون بسرعة أمام أي تهديد مباشر لأمنهم الداخلي.


وهنا يتضح أن جملة"تهجير سكان غزة سيؤدي إلى موجة هجرة غير مسبوقة نحو أوروبا"،
والتي بدت للوهلة الأولى خبرًا عابرًا، كانت في الواقع ورقة سياسية مرسومة بمهارة. فمصر اختارت أن تخاطب أوروبا بلغتها الخاصة: لغة المصالح والأمن القومي.


إنها رسالة مفادها أن استقرار المنطقة ليس شأنًا محليًا، بل قضية تمس العواصم الأوروبية نفسها. ومن يتجاهلها، سيجد الكابوس يطرق أبواب برلين وباريس ولندن قريبًا.
 

إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل نيوز يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق رابط وخطوات التسجيل في برنامج تكافل وكرامة 2025
التالى أبو السعود محمد يكتب.."حدود النار" مع أوروبا