أعلن بنك الشعب الصيني (المركزي) يوم الجمعة عن خطط جديدة تستهدف تعزيز دور اليوان في الأسواق العالمية عبر تنظيم التمويل بالعملة المحلية بين البنوك على المستوى العابر للحدود، في خطوة تعكس تصميم بكين على تسريع مسار "عولمة اليوان" وتقليص الاعتماد على الدولار الأمريكي وسط تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية مع واشنطن.
ووفق بيان البنك، فإن مشروع القواعد الجديدة يتضمن إدخال آلية مضادة للدورات الاقتصادية لإدارة التمويل بين البنوك باليوان عبر الحدود، بما يسمح بمرونة أكبر في التدفقات المالية ويدعم الاستقرار النقدي في مواجهة تقلبات الأسواق الدولية. كما سيُشجع البنك البنوك الصينية المحلية على استغلال إمكاناتها بالكامل في تمويل المعاملات الخارجية باليوان، مع وضع سقف يتيح هامشًا للنمو المستقبلي دون الإضرار بالاستقرار المالي.
ويستهدف المشروع، بحسب ما أوضح المركزي الصيني، تحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، من بينها تعزيز التمويل باليوان عبر الحدود من قبل البنوك المحلية، تطوير سوق اليوان في الخارج، وتحسين إدارة السيولة ورصد التدفقات الرأسمالية. وتأتي هذه الخطوة في وقت تسعى فيه بكين إلى تكريس مكانة عملتها في النظام المالي العالمي، في موازاة مبادرات أخرى مثل اتفاقيات المبادلة الثنائية مع عدد من البنوك المركزية العالمية، وتوسيع نطاق استخدام اليوان في تسوية التجارة الدولية.
ويُعد التمويل باليوان عبر الحدود، بما يشمل القروض واتفاقيات إعادة شراء السندات (الريبو)، القناة الرئيسية للبنوك الصينية لضخ السيولة في الأسواق الخارجية، بما يدعم استخدام العملة الوطنية في مجالات التجارة والاستثمار والتمويل. وقد شدد البنك على أن تعزيز هذه الآلية من شأنه أن يوفر بيئة أكثر استقرارًا لتدفقات رؤوس الأموال، ويقلل من مخاطر الاعتماد المفرط على العملات الأجنبية.
ويرى خبراء اقتصاديون أن هذه القواعد الجديدة قد تمثل نقطة تحول في مسار تدويل اليوان، إذ إنها تفتح المجال أمام مؤسسات مالية أجنبية أكبر للتعامل بالعملة الصينية، بما يوسع قاعدة استخدامها خارج حدود الصين. كما تعكس القواعد رغبة بكين في تعزيز نفوذها النقدي في مواجهة التحديات الناجمة عن العقوبات الغربية والقيود المفروضة على شركاتها ومصارفها في بعض الأسواق.
ويأتي هذا التطور في سياق حساس على صعيد العلاقات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية أن وزير الخزانة سكوت بيسنت سيلتقي الأسبوع المقبل في مدريد مع نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفينغ ومسؤولين كبار آخرين لمواصلة مناقشة القضايا التجارية والاقتصادية والأمن القومي. ومن المتوقع أن تحتل مسألة استقرار أسواق المال والعملة مكانة بارزة في تلك المباحثات، في ظل قلق واشنطن من تزايد نفوذ اليوان في بعض الأسواق الناشئة.
ويشير مراقبون إلى أن الخطوة الصينية تمثل جزءًا من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إعادة رسم خريطة النظام النقدي العالمي، خاصة مع اتجاه عدد متزايد من الدول إلى تقليص الاعتماد على الدولار في التجارة البينية والاحتياطيات النقدية. ويرجح هؤلاء أن نجاح هذه القواعد سيعزز مكانة اليوان كعملة بديلة تدريجيًا، لكنه في الوقت نفسه سيواجه تحديات تتعلق بحرية تحويل العملة وثقة المستثمرين الأجانب في البيئة التنظيمية الصينية.
وفي المحصلة، يُنتظر أن تسهم هذه المبادرات في دفع الصين خطوة إضافية نحو تحقيق هدفها الاستراتيجي بجعل اليوان لاعبًا رئيسيًا في الأسواق الدولية، بما يتيح لها تعزيز استقلالها المالي، وتوسيع نفوذها الاقتصادي على الصعيد العالمي، خاصة في ظل استمرار حالة الاستقطاب بين بكين وواشنطن.
إخلاء مسؤولية إن موقع عاجل الإخباري يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.