قال أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إن “جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أسدل رعايته السامية على الأمازيغية منذ خطاب العرش لسنة 2001، والذي أكد من خلاله أن الأمازيغية مكون أساسي من مكونات الثقافة الوطنية وتراث ثقافي زاخر يشهد على حضورها في كل معالم التاريخ والحضارة المغربية”.
وأضاف بوكوس، في كلمة له خلال لقاء نظمه المعهد صباح اليوم الثلاثاء بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربع الملك محمد السادس على العرش، أن “هذه العناية المولوية تجلت في مراحل متعددة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: الخطاب الملكي السامي بأجدير، وإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ثم قرار إدماج الأمازيغية في المنظومة الوطنية للتربية والتكوين، واعتماد حرف تيفيناغ حرفًا رسميًا لكتابة اللغة الأمازيغية، إلى جانب إنشاء القناة الثامنة، وإقرار السنة الأمازيغية عيدًا وطنيًا، وفوق كل ذلك دسترة الأمازيغية وترسيمها”.
وتابع عميد “إيركام”، في اللقاء الذي حمل موضوع “إحياء ذكرى دسترة الأمازيغية وترسيمها”: “الملك محمد السادس كانت له اليد البيضاء في سائر هذه الأحداث التاريخية، حيث أنعم جلالته على الأمازيغية بإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي أُنيطت به مهمة إبداء الرأي لجلالته في التدابير التي من شأنها الحفاظ على الثقافة الأمازيغية والنهوض بها في جميع تعابيرها، إلى جانب مشاركته، بتعاون مع السلطات الحكومية والمؤسسات المعنية، في تنفيذ السياسات التي تساعد على إدراج الأمازيغية في المنظومة التربوية وضمان إشعاعها في الفضاء الاجتماعي والثقافي والإعلامي، الوطني والجهوي والمحلي”.
وأشار بوكوس إلى أن “تنظيم هذا اللقاء جاء من أجل التوقف وقفة تأمل رصينة ومتزنة، بعد مرور 14 سنة على صدور الدستور الذي أقر الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية في فصله الخامس، ومرور ست سنوات على استصدار القانون التنظيمي 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجالات التعليم والحياة العامة ذات الأولوية”.
وسجّل المتحدث ذاته أن “المادة الحادية والثلاثين من هذا القانون التنظيمي حددت أجل خمس سنوات لتفعيل وتنزيل عدد من أحكام مواد القانون، ابتداءً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، أي في 12 شتنبر من سنة 2019، وبالتالي فإن السؤال الذي نطرحه اليوم هو: أين نحن من هذا؟”.
واسترسل بوكوس في استعراض مختلف أبواب ومواد القانون التنظيمي رقم 26.16، سواء تلك المتعلقة بإدماج الأمازيغية في مجال التعليم والتكوين المهني أو برامج محو الأمية والتربية غير النظامية، إلى جانب مجال التشريع والإعلام ومجالات الإبداع الثقافي والفني.
وأبرز أن “جرد المواد القانونية المتعلقة بصيرورة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية يوضح أن هناك جهودًا مبذولة من طرف القطاعات المعنية أفضت إلى نتائج ملموسة لا يمكن إلا تثمينها؛ لكن في المقابل، يتضح جليًا أيضًا، من فحص المواد المبرمجة في مرحلة 2019-2025 من هذا القانون، أن هناك ضرورة لمزيد من الانخراط وضخ مزيد من الموارد البشرية، خاصة في مجال التعليم المدرسي ومجالات التشريع والتواصل والإبداع الثقافي والفني ومجالات الإدارة والمرافق العمومية والتقاضي”.
وشدد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على أن “الاحتفاء بذكرى ترسيم الأمازيغية ليس مجرد طقس رمزي؛ بل هو مناسبة لتجديد الالتزام الوطني بإنصاف الأمازيغية بصفتها المكون الأصيل للهوية المغربية؛ فالترسيم ليس هدفًا في حد ذاته، بل وسيلة لتحقيق المواطنة الكاملة والعدالة الثقافية واللغوية. وهو ورش مستمر يتطلب التقييم الدوري وتضافر جهود الدولة والمجتمع لضمان فعاليته واستدامته، كما يريد له راعي الأمة المغربية وراعي اللغة والثقافة الأمازيغيتين، صاحب الجلالة الملك محمد السادس”.